أقلام الثبات
حمل المبعوث الفرنسي "لودريان" طلباً "اسرائيلياً" يؤيده الغرب واميركا بعنوان "انشاء منطقة عازلة في جنوب لبنان" (خالية من السكان) بالتلازم مع تعديل القرار 1701، واعطاء صلاحيات اوسع للقوات الدولية، وتحويلها إلى "قوات ردع دولية" بمواجهه لبنان فقط!
الخطير في المنطقة المنزوعة السلاح والسكان انها لا تطلب نزع سلاح المقاومة او اخلاء منطقة جنوب الليطاني من المقاومة، بل تهجير اهل القرى الحدودية المحاذية لفلسطين المحتلة بعمق يتراوح بين ثلاثة وخمسة كلم وفق الجغرافيا، وذلك بطلب "اسرائيلي"، لتأمين عودة سكان المستوطنات الى بيوتهم، والذين يرفضون حتى اللحظة العودة، خوفاً من تواجد المقاومة بمحاذاة الشريط الفاصل (تهجير اللبنانيين لتأمين المستوطنين الغرباء)!
حاول الغربيون اظهار بعض التوازن وقالوا انهم لا يؤيدون الطلب "الإسرائيلي" بالكامل، بل يطالبون بان تكون المنطقة العازلة على الطرفين؛ داخل فلسطين وداخل لبنان.
هذا الطلب الوقح والعدواني واللامنطقي يعيد فرض الشريط الحدودي والمنطقة الأمنية العازلة التي فرضتها "اسرائيل" منذ اجتياح عام 1978 حتى تحرير الجنوب عام 2000، مع فارق ان سكان القرى اللبنانيين بقي معظمهم في قراهم تحت الاحتلال، وشكلوا غطاء للمقاومة في الداخل، وضماناً لاسترجاع وتحرير الارض، والمنطقة العازلة الجديدة التي تعتمد التهجير للاحتلال توفر على "الاسرائيليين" الكلفة البشرية من القتلى والمصارفات والمسؤولية القانونية.
من هنا يبدو ان لبنان على ضفاف معركة دبلوماسية وعسكرية ساخنة، فالطرف "الاسرائيلي" والامريكي يريد استبدال عجزه عن حصار المقاومة او مواجهتها بتوظيف القوات الدولية لمواجهة المقاومة، مقدمة "للتدخل العسكري الدولي"، ويريد تهجير سكان لبنان من قراهم بدل إلزام "اسرائيل" بعدم العدوان على لبنان وعدم اختراق اجوائه بطائراتها التجسسية والتهديد الدائم للبنان!
لابد للبنان ان يطالب بتعديل القرار 1701، وإلزام العدو "الاسرائيلي" بعدم التحليق فوق لبنان، ويبدو ان الافضل للبنان "الغاء" دور القوات الدولية، "وعدم التجديد" لها، لأنها لم تمنع اجتياحا "اسرائيلياً"، ولم تمنع قصفاً "اسرائيلياً"، ولم تسمح بلجوء المدنيين الى مراكزها في الحرب الأخيرة، بل بالعكس؛ فإنها قد تؤمن غطاءً تجسسياً من بعض افرادها للعدو "الاسرائيلي".
لم تستطع القوات الدولية حماية المدنيين في "مجزره قانا"، ولم تستطع منع اجتياح 1982 ولم تستطع تنفيذ القرار 425 ولم تستطع منع عدوان ومجازر عناقيد الغضب "الإسرائيلية"، ولم ترض بدخول المدنيين الى مراكزها في الحرب الأخيرة. إذا كان لبنان بحاجة للقوات الدولية لتأمين مظلة دولية وهمية في الماضي، فإن التجربة الماضية طوال أكثر من أربعين عاماً مع القوات الدولية لم تعط أي ضمانة للبنان، وتجربة غزة كشفت عورات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والمؤسسات الدولية الإنسانية التي لا تنفذ قراراتها الأعلى الدول الضعيفة الشعوب المقهورة.
إذا كان لبنان يستفيد من وجود القوات الدولية ببعض الحماية النفسية او السياسية الدولية.. لكن في هذه اللحظات وجود القوات الدولية او عدمها لا يؤثر على الارض باي شيء، فالضمانة الاساس هو الله سبحانه وتعالى، ثم القوة التي تمتلكها المقاومة، والجيش هي ضمانة لحماية اهلها وارضها، وإذا بقيت القوات الدولية شاهد زور تعد القذائف المتساقطة على لبنان، فلتبادر الحكومة اللبنانية لطلب عدم التجديد لها، لان لبنان لم يستفد منها الا بعض الاطمئنان النفسي والرعاية الدولية البسيطة، ولم يستفد منها اللبنانيون الا تعداد القذائف المتساقطة على بيوتهم وشراء القوات الدولية بعض الاغراض من الاسواق اللبنانية.
إذا طلب لبنان عدم التجديد للقوات الدولية ستبادر اميركا والغرب لفرض التمديد رغماً عن لبنان. ما لم تأخذه "إسرائيل" بالقوة لن تأخذه بالدبلوماسية والموفدين.