لماذا يريد العرب عدم انتصار "حماس"؟ د. نسيب حطيط

الخميس 30 تشرين الثاني , 2023 08:46 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

تعيش حركة حماس في نقطة تقاطع النيران بين امريكا و"اسرائيل" من جهة، وبين بعض الدول العربية المؤثرة، حيث تتقاطع مصالح الطرفين في حصار حماس، مع افضلية القضاء عليها او تدجينها للتبرؤ من جذورها المتصلة بجماعة الاخوان المسلمين، وقبولها بان تكون ضمن القرار العربي الذي تقوده رباعية (السعودية ومصر والامارات وقطر).

تتحمل حماس ارث الصراع مع جماعة الاخوان المسلمين على المستويين السياسي والعقائدي، فعلى المستوى العقائدي تتناقض مع الحركة الوهابية في السعودية، وعلى المستوى السياسي تتناقض مع انظمه الحكم في مصر وسوريا، بالإضافة الى حاجتها للدعم العسكري والمالي، مما دفعها للتعاون مع إيران، وهي بحاجة للدعم السياسي على المستوى الغربي والامريكي فاتجهت نحو تركيا، مما أثقل كاهلها وجعلها هدفا اساسياً للعرب المطبعين.

يخاف العرب ان تتكرر تجربه المقاومة في لبنان، ويتم استنساخها على الساحة السنّية، وتكون حماس خيط المسبحة للحركات والاحزاب في الدول العربية وان تكون ذراعهم العسكري حين تدعو الحاجة، خصوصاً بعد تجربة لم تنجح كليا في سوريا ونجحت مؤقتا في مصر؛ زمن الربيع العربي!

تخاف مصر-السيسي ان تنتصر حماس وتستيقظ جماعة الاخوان المسلمين في مصر وتعود الامور الى المربع الأول، خصوصاً ان الاخوان المسلمين حاولوا منذ خمسينيات القرن الماضي السيطرة على السلطة والحكم في مصر، وكان صراعهم مع الرئيس جمال عبد الناصر واستطاعوا استلام الحكم في الربيع العربي، لكن انقلب عليهم الرئيس السيسي وابعدهم، ولا يزال خائفاً من استعادتهم للسلطة!

تخاف السعودية والامارات ان تتعاون حركه حماس مع قطر وتكون ايضا ذراعها العسكري في الصراع الخليجي- الخليجي، وفي بعض الدول العربية ! ما قامت به حماس في طوفان الاقصى زاد الخوف "الاسرائيلي" والامريكي ومعه الخوف العربي، ولذا فان الخوف الاساس ان يتم تصفير والغاء ما انجزه الميدان من انتصارات، وان يتم الالتفاف على انتصار المقاومة في غزه سياسياً واقتصادياً، ويتم حرمان المقاومة من انتصاراتها!

المؤشرات الاولى لا تبشر بالخير، فمع كل الانتصار الميدان والمعنوي ومع كل الصفعات والهزائم على وجه الاحتلال "الاسرائيلي" والامريكي وحلفائه من العرب، لكن مع بداية إطلاق الاسرى نرى ان الارباح لن تكون بمستوى الانجاز العسكري في عملية تبادل الاسرى في مرحلتها الاولى على مستوى المدنيين، مع الاثر الايجابي والفرح بإطلاق سراح المدنيين مقابل أسرى فلسطينيين لكن اغلبهم من الضفة والقدس، بمعنى ان "اسرائيل" تستطيع اعتقالهم مجددا بعد اسبوع او اسبوعين، وبالتالي يشابه تحريرهم الافراج المؤقت وليس النهائي، واضطرت المقاومة لذلك، اولا لان هدفها إطلاق الاسرى، وثانيا وهو الاصعب: ان تشتري كل يوم هدنة بعشرة أسرى "إسرائيليين"، ورصيدها من الاسرى المدنيين يكاد ينفد ولا تستطيع شراء ايام جديدة للهدنة لتستطيع تامين الخبز والدواء وبعض المحروقات، لأن الانفاق السرية باتجاه سيناء وكذلك معبر رفح مغلقة في ايام الحرب وفي ايام الهدنة مفتوحة بشكل مقنّن...

عند الانتقال الى مرحلة تبادل الاسرى العسكريين مقابل "تبييض" السجون كما تطرح المقاومة، سيكون هناك الاشكال الكبير، وبعده اشكال اعمار غزة، التي يرفض العرب بضغط - الامريكي و"اسرائيلي" - ان يكون من نافذه حماس، وبالتالي على المقاومة ان تقايض الإعمار بالتنازلات السياسية وإطلاق الأسرى، وتأمين المساعدات الغذائية و"تبييض" السجون بتنازلات سياسية، والتي بدت ملامحها بلسان الرئيسين المصري والتركي.

فالرئيس المصري ينادي بدولة فلسطينية منزوعة السلاح، وانه لا يقبل تهجير غزه باتجاه مصر لكن يمكن ان يقبل تهجيرهم باتجاه النقب!

الرئيس التركي يقول إنه على استعداد للمشاركة في قوات فصل ويؤسس لقوات فصل عربية واسلامية في غزة!

القمة العربية الإسلامية قالت بان منظمه التحرير هي الممثل الشرعي للفلسطينيين، وعلى كل المنظمات ان تلتحق بها وبالتالي، الغت شرعية حكومة حماس في غزة! الايام القادمة وربما الاسابيع القادمة ستكون تحضيراً للحل السياسي وتقرير مصير المقاومة المسلحة في غزة ...فإذا احتاج هذا الامر لفرض الشروط على المقاومة بصفعات ساخنة من جولات عنف وتوحش جديده ...فسيكون الامر متاحا امام الاسرائيليين مع الخوف من ان يكون العدو الاسرائيلي قد استفاد استخباراتيا من ايام الهدنة للقيام ببعض الاغتيالات المفصلية في غزة!

هل سترضى حركه حماس بالشروط العربية مقابل الإغراءات المطروحة (السلطة والاعمار والتعاون) بالتلازم مع الضغط العسكري الاسرائيلي وضغط اهالي غزة نتيجة اوضاعهم المعيشية والحصار والخوف من جولة عنف جديدة؟

ان حماس وحركات المقاومة في غزة في لحظه حساسة وحرجة، فان قبلت بالشروط العربية ستلتحق بركب السلطة الفلسطينية وفتح في الضفة، وتنتهي، وعندها تكون قد اعلنت نهايتها !

وان رفضت وبقيت على موقفها وشعاراتها ومقاومتها المسلحة فأنها ستتعرض لجولات عنف وحصار اشد مما سبق ... التجربة مع الأنظمة والاحزاب التي قبلت بالشروط الأمريكية انها ماتت بهدوء وتم تهميشها.... النصيحة والقرار العقلاني لكنه مكلف بالدماء والحجر...ان لا تغادر حماس ..المقاومة المسلحة..!

سَيُهزمون.. وما النصر الا من عند الله.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل