أقلام الثبات
منذ اليوم الاول لطوفان الاقصى وعيون "الاسرائيليين" على جبهة الشمال؛ يحشدون ويتوقعون، ويطرحون الأسئلة: هل الاقصى عملية إلهاء لهجوم من الشمال؟
حشد "الاسرائيليون" ثلث جيشهم باتجاه الشمال على جبهة من المفترض انها ليست اساسيه، واستعملوا سلاحهم الجوي في جنوب لبنان بشكل أكثر تركيزاً ومغامرة من اجواء غزه، مع علمهم بامتلاك المقاومة اسلحة دفاع جوي أكثر مما تملكه غزة.
مع الاصرار والضغط الامريكي لعدم فتح جبهة لبنان مع جبهة غزة، ليس اعتراضاً على الموضوع، بل اعتراضا على التوقيت؛ لعجز الجيش "الاسرائيلي" عن فتح جبهتين، ومع كل الضبط لقواعد الاشتباك من المقاومة في لبنان وفق حدود لا تستدرجها للحرب، بقي الاستفزاز "الاسرائيلي" بضرب المدنيين.. ثم انتقل الى قصف المنازل البعيدة عن خط الاشتباكات، حتى لو كانت تضم مقاومين في غرف مغلقة وليسوا حاملي سلاح.
ثم توسع الاستفزاز "الاسرائيلي" بقتل الصحفيين البعيدين عن خط الاشتباك، وتوسع الاستفزاز "الإسرائيلي" بقصف القرى بشكل عشوائي، وليس على أطرافها، ثم بقصف آبار المياه خارج خط الحدود.
كان الهدف "الاسرائيلي" تحقيق امرين:
- إظهار عجز المقاومة عن تنفيذ تهديداتها والتي قالت: "المدني-بالمدني، والمنازل بالمنازل"..
استدراجها لقصف المنازل الفارغة في المستوطنات "الإسرائيلية" التي هجرها سكانها، مما يوسع أطر الحرب وينقذ خطة نتنياهو، الذي يخوض حربه الشخصية؛ حرب انقاذ نتنياهو وليس حرب إنقاذ الكيان من جبهة غزة، التي لا يمكن ان تعيد لنتنياهو "مجده"، ولن تستدرج تحالفاً دوليا وشراكة أمريكية عربية للقتال، بل سيبقى نتنياهو يقاتل وحيدا ويُقتل وحيدا وينهزم وحيداً.
اما حرب ناتنياهو مع لبنان فستقلب الصورة تماماً؛ ستجد امريكا نفسها مضطرة للقتال، وسيندفع بعض العرب الذين لهم ثأر على المقاومة للشراكة مباشرة او مواربة، لكن بشكل أساسي ومؤثر، عندها ستضطر المقاومة العراقية واليمنية ان تكون أكثر شراكة بشكل واسع في الميدان ..
وستضطر إيران، ولو تأخرت اياما مع بدء القتال، ان تشارك في القتال، لان القضاء على المقاومة في لبنان قصف في قلب طهران وبغداد ودمشق.. انه الضرب على الراس وقطع الأذرع، والقضاء على رئاسة اركان محور المقاومة والجهاد.
ستضطر سوريا للقتال وفتح جبهتها، وهي المنهكة بعد حرب طويلة ولا يزال التكفيريون والأتراك والأميركيون على أراضيها.
يحلم نتنياهو أن يكون عضواً في تحالف يقاتل المقاومة في لبنان بدل ان يقاتل وحيدا في غزة.
الساحة اللبنانية بعد المشروع الامريكي منذ عام 2019 وانعدام السلطة المركزية (عدم وجود دولة بالمعنى الحقيقي) والخوف من فخ قيادة الجيش وتأثيره على بقاء الجيش وامكانياته، والنزوح السوري في لبنان تعتبر ساحة مثالية للإطباق على المقاومة من الخلف ومن الامام، على ان تكون اميركا قائدة العمليات الداخلية لقوى لبنانية وفلسطينية وسورية تم الاحتفاظ بها لهذا اليوم..
لا زالت المقاومة بحكمتها وضبط ردودها تنجو من الكمائن، لكن الخوف سيكون أكثر وضوحاً عند اعلان "هدنة غزة"، فاذا ما استمر القتال على جبهة لبنان فمعنى ذلك اننا بدأنا مرحلة اقفال جبهة غزة... والبدء بجبهة لبنان!
الضربة الأخيرة للعدو كانت حساسة في التوقيت؛ قبل الهدنة بساعات، وقوية بالمعطى المعنوي.. ومتجاوزة للخطوط في جغرافيا القتال وقواعد الاشتباك لمنزل مدني، وجعلت المقاومة امام خيارين:
إن صمتت المقاومة حرصاً قبل ساعات الهدنة فتكون "اسرائيل" سجلت نقطة ربح ذهبية في الميدان، وإذا قامت بالرد الذي ينسجم مع خسارته، وبشكل واسع، فسيكون اعلاناً للانفصال عن هدنه غزة، مع انها جبهة اسناد!
المقاومة في لحظه نقاش هادئ ومعمق وفق "فقه الأولويات"، وهي التي لن تكون تحت وطأة العاطفة او الحسابات الدنيوية المعنوية، بل ستكون وفق مصلحة الهدف الذي انشئت وتأسست من اجله ...
ساعات حاسمة تفصلنا عن تحديد وجهة المسار للجبهة في لبنان، مع اصرار "اسرائيلي" وضغط عربي، الذي يطالب "اتركوا غزة.. واتجهوا نحو لبنان.. اتركوا الفرع.. واتجهوا نحو الأصل".
ان سقطت تجربة المقاومة في لبنان وانهزمت.. سقط الملهم لقوى المقاومة في المنطقة، وسيعود الاميركي لشن هجومه الشامل لاستعاده سلطته وقراره وهيمنته....
سيُهزمون.. وما النصر الا من عند الله.