أقلام الثبات
بعدما ارتكب "الاسرائيليون" جريمة مستشفى الشفاء؛ في تحدٍّ واضح للعالم وللأخلاق وللإنسانية، وتجاوزوا كل القيود والخطوط الحمر والالتزام بقوانين الحرب وفق منهج "تلمودي صهيوني" يرتكز على ان الغاية تبرر الوسيلة حتى لو كانت متوحشة، وكما تأسّس الكيان الصهيوني على الدم في مجازر عصابات "الهاغانا"، يبدو ان التاريخ يعيد نفسه، وترتكب "عصابات نتنياهو" - المسمّاة الجيش "الاسرائيلي" - المجازر في غزة ولبنان!
تعيش القيادة السياسية والأمنية والدينية "الإسرائيلية" ارباكاً وخوفاً من المستقبل، حيث يشعر "الاسرائيليون" لأول مره بالتهديد الوجودي بعد ولادة محور المقاومة في المنطقة، فقد تعايش الكيان مع الأنظمة الرسمية العربية طوال 70 عاماً، حتى وصل الى ان يحكمهم ويطبّع معهم ويسيطر عليهم، لكن مع ولادة حركات المقاومة المسلحة الشعبية الملتزمة دينياً، وجد الاحتلال نفسه في مأزق كبير، ولذا فهو يتصرف بجنون دون ضوابط.
يدور نقاش داخلي على المستوى السياسي والعسكري والديني حول فائدة الاستمرار بالتفتيش عن الاسرى "الاسرائيليين" في غزة بعدما خسر جيش العصابات الصهيوني عدداً يوازي عدد أسراه في غزة، وبالتالي يمكن سلب ورقة التفاوض القوية من يد المقاومة، التي لا تمتلك الا ورقة الاسرى وورقة القصف الصاروخي، إذا ما توقف العدو عن التوغل البري وأبقى على الحصار..!
والسؤال المطروح: هل ندفع ارواح جنود جدد لإنقاذ ارواح أسرى غير معلوم إذا ما كانوا على قيد الحياة!
هل يمكن استصدار فتوى من الحاخامات بجواز قتل الاسرى وآسريهم حفظاً للأمن القومي "الاسرائيلي"؛ تماثل فتوى الحاخامات بالسماح للمرأة اليهودية" بالزنا" إذا كانت وسيلة لتأمين أمن "اسرائيل"؟
هل يساهم تصريح المقاومة في غزة أنها فقدت الاتصال ببعض مجموعات الحماية المكلّفة بالأسرى الإسرائيليين (وأعتقد انه كان اعلاناً غير مناسب) في تقدم الراي "الاسرائيلي" القائل بجواز قتل الاسرى؟
حياة الاسرى الفلسطينيين، خصوصاً القادة والمسؤولين عن تنظيمات المقاومة في الضفة الغربية والقدس، صارت مهددة بشكل جدي بأن يقوم "الاسرائيلي" بقتلها ثأراً لموت اسراه بالقصف الذي يقوم به. الخوف ان يعلن "الاسرائيلي" عن حركة تمرد او شغب او اعتراض في السجون الإسرائيلية ثم يقوم بالقمع والقتل بعد مجزرة مستشفى الشفاء، فان هذا العدو يمكن ان يتصرف بشكل لا يمكن تصوره خارج العقل والمنطق، فقد اعصابه ويعيش حاله جنون وارتباك وخوف على المستقبل.. اهتز الكيان فاهتزت قراراته.
الايام القادمة ان لم تحمل حلاً مؤقتاً او افراجاً متبادلاً محصوراً للأسرى.. بل إنها تنبئ بأسوأ الأمور واكثرها شراً!
المشروع الاميركي "الاسرائيلي" وبعض العرب المطبّعين يرون ان الفرصة متاحه للقضاء على المقاومة في غزة، وبعدها يأتي دور الاخرين، ويعود المشروع الامريكي والأنظمة الرسمية العربية لقيادة المنطقة.
نحن في لحظة لا يمكن لأي طرف ان يتراجع فيها:
- فالإسرائيلي لا يستطيع التراجع قبل تحقيق انجاز سياسي وإطلاق الأسرى.
- والمقاومة لا تستطيع التراجع بعد كل هذه الاثمان الغالية والانتصارات المبدعة، والصمود، وآلاف الشهداء والجرحى.
إن الطرف الأميركي والإسرائيلي وبعض العرب المطبعين يرون وجوب متابعة المجزرة بحق غزة للقضاء المقاومة في فلسطين والتفرغ لغيرها من حركات المقاومة، لكن على المقاومة التي تبدع في الميدان ان تبدع في التفاوض، وأن تكون هادئة وحكيمة وموضوعية؛ لحفظ انتصاراتها والنجاة من الكمائن المنصوبة داخلياً وخارجياً، لان المعركة طويله ومعقدة، وعليها تأمين مستلزمات المعركة الطويلة، وتحصين المجتمع المقاوم، حتى لا تقع في فخ الحصار الذي وقعت فيه المقاومة وأهلها في غزة ....
سَيُهزَمون.. وما النصر الا من عند الله.