لبنان.. تكامل الأدوار أخطر من التطبيع ـ عدنان الساحلي

الجمعة 10 تشرين الثاني , 2023 10:10 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

يجاهر معظم اللبنانيين برفضهم تطبيع العلاقات بين لبنان والعدو "الإسرائيلي"، بل هناك غضبة لبنانية قوية على عمليات التطبيع، التي قامت وتلك التي يحضّر لها لتقوم، بين بعض الدول العربية والإسلامية والكيان الصهيوني. كما أن هناك شبه إجماع لبناني على اعتبار الكيان غير الشرعي، الذي يحتل فلسطين، كياناً معادياً وغير مقبول الاعتراف به والتطبيع معه، لكن ينسى كثيرون، في الوقت نفسه، أن نسخ لبنان للدور والوظيفة التي يقوم بها الكيان "الإسرائيلي"، يُعتبر أخطر من التطبيع، فهو خطوات متقدمة على التطبيع، تجعل من الأخير أمراً تفصيلياً وتحصيل حاصل.

فالكيان الصهيوني، الذي أقيم على أرض فلسطين وعلى حساب شعبها، هو في كل الحسابات العربية والغربية قاعدة عسكرية متقدمة للغرب وللولايات المتحدة الأميركية، تنوب عن الوجود الاستعماري القديم، في دوره ووظائفه، بعد أن اضطر ذلك الاستعمار إلى أن "يحمل عصاه على كاهله ويرحل"، أو يقاتل دفاعاً عن أطماعه ووجوده المباشر، حسب ما قررت الشعوب في مراحل استقلالها الوطني، فكان إنشاء هذا الكيان دمجاً لمصالح الاستعمار، مع أساطير توراتية وأطماع صهيونية اصطنعت لجعل "إسرائيل" قاعدة للغرب وأداة في أياديه يسيطر فيها على المنطقة العربية انطلاقاً من فلسطين.

لكن أن يصبح لبنان نسخة عن النموذج "الإسرائيلي"، فهذا ما يتكشف يوماً بعد يوم، في كثير من القضايا والوقائع، أبرزها الوجودين العسكريين الأميركي والبريطاني في لبنان.

لم يكتفِ المعنيون في مؤسسات الدولة اللبنانية بتمرير نشر قوات عسكرية أميركية في لبنان، تحت ستار "مستشارين وتسهيلات عسكرية"، في ثكنات الجيش اللبناني وقواعد طيرانه، حيث تحول مطار حامات إلى قاعدة عسكرية أميركية فعلية، مثلما يحضر لمباني السفارة الأميركية التي يجري بناؤها حالياً لتكون أكبر ثكنة عسكرية في بلادنا، حتى جاء الخبر –الفضيحة، الذي كشفت فيه صحيفة "ديلي ميل" البريطانية عن وجود المئات من قوات النخبة الخاصة البريطانية في لبنان، الذين يتدربون على تنفيذ عمليات في فلسطين المحتلة، طبعاً ليس ضد العدو "الإسرائيلي"، فبريطانيا هي التي صنعت الكيان "الإسرائيلي" عندما كانت تستعمر فلسطين، لكن بالتأكيد ضد الشعب الفلسطيني، بحجة "إنقاذ البريطانيين المحاصرين في منطقة الحرب في الشرق الأوسط".

ومن المتوقع، بحسب الصحيفة، أن تقوم وحدة قوات "رينجرز" التابعة للجيش البريطاني، بعملية جسر جوي إلى جانب القوات الجوية الملكية، لإنقاذ البريطانيين المحاصرين في غزة منذ أن أعلنت "إسرائيل" الحرب على القطاع وسكانه، عقب عملية "حماس" الجريئة ضد قوات الاحتلال "الإسرائيلي".

وذكرت الصحيفة أن الخطط التفصيليّة تظل سريّة، لضمان وجود عنصر المفاجأة، حيث إن هناك خطراً من أنّ يتم أخذ البريطانيين في بعض دول المنطقة كرهائن.

ونقلت الصحيفة عن رئيس الأركان العامة البريطاني الجنرال باتريك ساندرز، أن القوات البريطانيّة "تستعدّ للقيام بعمليات استخراج غير قتاليّة، في أجزاء من المنطقة، نحن نجهز أنفسنا لذلك".

وأضاف أمام لجنة الدفاع بمجلس العموم أن وجود القوات البريطانيّة بالقرب من "إسرائيل" يهدف أيضاً إلى "ردع" إيران عن الدخول في الصراع مباشرة.. فهل هناك من يشكك بأن البعض في لبنان يضعه في الموقع "الإسرائيلي"، من حيث الدور والمهام والخدمات التي يقدمها لحلفاء "إسرائيل"؟ فالولايات المتحدة أعلنت جهاراً، هي وبريطانيا وعدد آخر من الدول، تبنيها الكامل للجرائم "الإسرائيلية" بحق الشعب الفلسطيني، واعتبارها الاحتلال "الإسرائيلي" لفلسطين ولأراض عربية، وقتلها وتنكيلها بكل من يمارس المقاومة المشروعة للاحتلال "دفاعاً مشروعاً عن النفس". هذه الدول ألغت المسافة المفترضة بينها وبين العدو "الإسرائيلي"، وقالت إنها هي "إسرائيل" و"إسرائيل" هي، فهل هناك شك في أن من يضع لبنان في هذا الموقع ويدفعه لهذا الدور يفرّط بكل القيم والمبادئ، وبالدستور الذي يؤكد أن "إسرائيل" عدوة، مما يستوجب محاكمته بتهمة الخيانة العظمى.

ما يجري هو جريمة موصوفة بحق لبنان واللبنانيين، وبحق الشهداء الذين سقطوا بالمئات والآلاف حتى تحررت معظم الأراضي اللبنانية من الاحتلال "الإسرائيلي"، وما يزال اللبنانيون يشيّعون زهرات شبابهم يومياً، وهم يتساقطون كل يوم على الحدود الجنوبية، بمواجهة العدوانية "الإسرائيلية"، فمن يحاسب من خان الوطن والشهداء، وباع البلاد برزمة دولارات، أو بوعد بمنصب هنا وبدور هناك؟


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل