أقلام الثبات
تقاتل المقاومة في لبنان في ظروف صعبة ومعقدة، قد يستغرب البعض ان تكون ظروفها أصعب من ظروف المقاومة في غزه بتعقيداتها المختلفة! فالمقاومة في لبنان تعيش في مجتمع طائفي متنوع، يكاد لا يؤيدها في هذه اللحظات السياسية اي طائفة او حزب سياسي، بل على العكس ينقسم هؤلاء بين الحياد السلبي وبين الخصومة والعداوة.. ومحاصرة على كل المستويات:
على المستوى العسكري واللوجستي:
تقاتل المقاومة وعليها ان تمر بين الالغام الطائفية والأمنية والقوات الدولية والنازحين واللاجئين والعملاء، عليها ان تنقل السلاح مغطى كما ينقل المزارعون منتجاتهم الزراعية، فاذا انفجر دولاب لشاحنة، انفجر الوضع الطائفي والامني في لبنان كما حصل في الكحالة عند الأخوة المسيحيين وكما حصل في شويا عند الأخوة الدروز.
عليها ان تنقل السلاح دون ان يعرف الجيش اللبناني الذي يتعاون معها لكنه محكوم بالسياسة، عليها ان تنقل السلاح الى الجنوب ولا تمر على حواجز القوات الدولية او امام عيونها مع ان ذلك صعب وغير متاح. عليها ان تكون مراكزها في الجنوب بعيده عن القرى وبيوت اهلها حتى لا تؤذيهم فتبتعد نحو الاحراج والأودية مما يسهل على العدو اصطيادها... على المستوى الأمني والطائفي.
تعيش المقاومة في مجتمع سياسي طائفي منقسم ويضمر العداوة ويظهرها ويهاجم المقاومة كل يوم وفي كل ساعة وعليها ان تقدم غيرها وان لا ترد حفظا للعيش المشتركية والوحدة الوطنية تعيش المقاومة وتتحرك بين مليوني نازح سوري... اغلبيتهم من المعارضة وابقتهم اوروبا وامريكا والعرب والامم متحدة في لبنان وديعة لليوم الموعود.. ليكونوا جيش اميركا والعرب لقتال المقاومة في الداخل عندما تحين اللحظة المناسبة..!
تعيش المقاومة بين حوالي مليون لاجئ فلسطيني.. ينقسمون بين فتح والسلطة التي لها تعاون أمني مع العدو الاسرائيلي وجماعات تكفيرية تقاتل المقاومة لاعتبارات مذهبية وسياسية ومنظمات حليفة.. يحكمها بعض الحذر في بعض الأحيان.
تعيش المقاومة تحت عيون جيش من العملاء والأجهزة الاستخبارية وطواقم السفارات العربية والغربية والاقمار الاصطناعية وطائرات التجسس في بقعه جغرافية صغيرة اسمها جنوب لبنان تكاد بقعه العمليات فيها تساوي بقعه عمليات غزة! المقاومة وحماية أهلها في الاغتراب.. تعيش المقاومة في ظروف صعبة فاذا ما صرّح أحد قادتها او مسؤوليها تصريحا سياسيا غضب العرب وطردوا كل المنتمين للطائفة الشيعية.. وغضب الغرب وخسر كل التجار والطلبة والمغتربين من الطائفة الشيعية.. فتضطر المقاومة ان تصمت بعض المرات حفظا لأهلها ولمغتربتيها ولأن الجميع عاجزون عن القضاء عليها فيقتصون من اهلها من الطائفة سجنا او طردا او مصادره للمال..!
تعيش المقاومة في مجتمع لبناني انذرها وصرح بانه لن يستقبل أهلها الهاربين من القصف وهذا جزء من الحرب الداخلية عليها وبعضهم رفع بدل ايجار شققه اضعاف ما كان يأخذه من السياح العرب والاجانب وفرض ان يكون الدفع لستة أشهر سلفا وهذا ما لا يستطيع أكثر اهل الجنوب دفعه.. ليطردهم بشكل غير مباشر او يذبحهم بالدولار! تعيش المقاومة في ظروف مذهبية وثأرية على مستوى العالم العربي فكثيرون يريدون راسها لاتهامها بانها كانت السبب في عدم سقوط سوريا وساعدت الحشد في العراق وساعدت أنصار الله في اليمن واوصلت السلاح الى فلسطين!
المقاومة في لبنان مظلومة محاصرة منذ أربع سنوات مع اهلها ومع اللبنانيين مظلومة مذهبيا.. محاصرة اعلاميا ومع ذلك لا زالت تقاتل لم تتخل عن مبادئها ولم يبق معها الا أهلها الصابرون الشرفاء المخلصون وبعض الشرفاء واحرار في هذا الوطن والعالم العربي لم يبق معها الا سوريا الجريحة المطعونة وإيران المحاصرة ومع ذلك فهي تقاتل وفوق كل ذلك يحكمها الحكم الشرعي...ولا يحكمها الانفعال او المديح الخبيث او المطالبات الغادرة..
يقول السيد المسيح(ع).."ماذا يجني الانسان اذا ربح العالم ..وخسر نفسه!".. والأسوأ ان تخسر نفسك واهلك وانجازاتك... ولا تربح العالم!
سَيُهزمون.. وما النصر الا من عند الله ...