أقلام الثبات
لا ريب أن الإجرام الأميركي- الصهيوني غير المسبوق في التاريخ الحديث، في حق غزة والغزيين، ليس مجرد حربٍ بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال الصهيوني، الذي يرتكب أفظع الجرائم ضد الإنسانية في فلسطين المحتلة، وسط صمتٍ رسميٍ دوليٍ، وعربيٍ وإقليميٍ، علّه يتمكّن من اجتثاث هذه المقاومة، كما يرغب ويأمل "المجتمع الدولي" وغالبية "الأنظمة العربية".
في الواقع، لقد تطور هذا العدوان الإجرامي إلى "حربٍ إقليميةٍ مقيّدةٍ"، إذا صح التعبير، يشارك فيها محور المقاومة مجتمعًا، وبانتظام، على امتداد حضوره في المنطقة، من اليمن، إلى العراق، إلى سورية، ثم لبنان، من خلال توجيه "المحور" ضرباتٍ لأهدافٍ أميركيةٍ وصهيونيةٍ في هذه الدول. ناهيك باستهداف بعض المصالح الأميركية و"الإسرائيلية" في العالم، كحرق سفارة العدو في البحرين، واستهداف قاعدةٍ عسكريةٍ صهيونيةٍ في إريتريا في القارة الإفريقية. إذًا امتدت الحرب على غزة لتطاول دول المنطقة، وبدأ لظاها يلامس دول العالم أوسع. وهنا، يكشف مرجع إسلامي قريب من محور المقاومة، أن "المحور جاهز للرد على الإجرام الإسرائيلي، بحسب ما تدعو الحاجة إلى ذلك، حتى لو ذهب إلى اتخاذ قرارٍ بفتح كل جبهات المنطقة، إذا لزم الأمر".
وفي هذا الصدد، يكشف أن "المقاومة في لبنان، تطوّر ردها على اعتداءات العدو الإسرائيلي في شكلٍ يوميٍ، وبالسلاح المجدي والمناسب، كما حدث في الساعات القليلة الفائتة، بعدما حققت إصابات موجعة ودقيقة جدًا في صفوف العدو وآلياته، في المناطق اللبنانية المحتلة وشمال فلسطين".
ولكن في الوقت عينه، يؤكد المرجع أن "البنية العسكرية للمقاومة الفلسطينية لاتزال متماسكةٍ، بدليل أنها لا تزال قادرةً على استهداف العمق الصهيوني بالصواريخ، كذلك لم يجرؤ على التقدم البري نحو غزة، رغم كل الجرائم الذي يرتكبه في حق الغزيين، والدمار الذي خلفه في "القطاع"، ورغم كل الدعم الغربي اللوجستي والسياسي، لهذا العدو".
ومن يراقب مدى فظاعة العنف الصهيوني في حق الغزيين، يدرك تمامًا فاعلية عملية "طوفان الأقصى"، التي نجحت المقاومة في إنجازها، بعد نجاحها في تجاوز الأنظمة الأمنية البشرية والتقنية المتطورة للعدو الإسرائيلي، وتسديد ضربةٍ قويةٍ في عمق الكيان المغتصب، لم يشهد قبلها منذ تأسيسه.
ولا ريب أن هذه العملية المباركة، أدت إلى إرباك قادة هذا العدو ورعاته الدوليين، بدليل حضور رؤساء الدول الغربية إلى "عاصمة الكيان"، كذلك استقدام أساطيلها إلى "مياه المنطقة"، بهدف رفع معنويات الصهاينة، التي انهارت بعد الإنجاز المبارك المذكور آنفًا، كذلك لتأكيد حضور هذه الدول في المنطقة، بعدما زعزعته بطولات المقاومة الفلسطينية. وانعكس ذلك على كل دول المنطقة، وعلى الحضور الأميركي فيها، خصوصًا أن ما يحدث في فلسطين، استنهض ضمائر أحرار العالم عمومًا، والشعوب العربية خصوصًا، ووضعهم على السكة الصحيحة، خصوصًا لجهة تحديد الصديق من العدو، بعدما حاول الغرب زرع الشقاق بين أبناء الأمتين العربية والإسلامية، من خلال إذكاء الفتن الطائفية والمذهبية بينهم، خصوصًا في اندلاع ما يسمى بـ "الربيع العربي" في أواخر العام 2010". غير أن الصحوة التي أحيتها المقاومة الفلسطينية في وجدان الشعوب العربية والإسلامية، أجهضت أهداف ونتائج هذا "الربيع الأحمر".
وتعقيبًا على ذلك، يؤكد مرجع عربي قريب من محور المقاومة أن "معركة غزة، هي معركة كل "المحور"، وهو بدوره أي (المحور) لم ولن يتخلى عنها، ومن المؤكد أن نتائج هذه المعركة، سيحدد مستقبل المنطقة بأسرها ". كذلك يجزم أن " بطولات أفرقاء "المحور"، فرضت حضورهم من الآن في أي عملية سياسيةٍ أو تسويةٍ مرتقبةٍ في المنطقة"، وأن "واشنطن ذاهبة الى التفاوض مع المقاومة الفلسطينية، إن كان في شكلٍ مباشر، أو غير مباشرٍ، لا محال". ويختم بالقول: "المنطقة بعد عملية طوفان الأقصى، ليست كما قبلها"