أقلام الثبات
ما زال الاسرائيليون يحاولون استيعاب حجم الضربة التي تلقوها في السابع من أكتوبر، وتقييم حجم الرد الانتقامي الذي ما زال ينحصر في استهداف المدنيين وتفعيل آلة القتل الاسرائيلية التي تطال الابرياء، وخاصة الأطفال ولا ترحم المستشفيات ولا الأبنية السكنية ولا الجوامع ولا الكنائس.
وبالرغم من كل الدعم الذي تلقته اسرائيل من الدول الغربية التي سارع مسؤولوها للإعلان عن تأييدهم غير المسبوق وغير المحدود لإسرائيل، ما زال قادة الكيان يماطلون في تنفيذ تهديداتهم باجتياح برّي لقطاع غزة، ويطلقون التهديدات للبنان وإيران وسوريا.
وقد توسّع الاسرائيلي في ردوده غير المدروسة، حيث قصفت دبابة اسرائيلية موقعاً للجيش المصري على الحدود بالقرب من معبر رفح داخل الأراضي المصرية، وأدّت الى إصابة 9 من القوى المسلحة المصرية، حيث قال الاسرائيليون أن الدبابة أطلقت قذيفة عن طريق الخطأ، وأنها تأسف لهذا الحادث.
ولا شكّ أن القصف الاسرائيلي على الجيش المصري، يندرج ضمن توجيه الرسائل في المنطقة، وتهديد الجميع، متكلاً على قدرته في توريط حلف الناتو، خاصة إذا شعر الأميركيون أن اسرائيل مهددة في وجودها في المنطقة، وبالأخص في فترة الانتخابات الأميركية التي يحتاج فيها الحزبين الى المبالغة في تأييد اسرائيل، لأسباب عدّة أهمها:
- اللوبي اليهودي الفاعل جداً في الولايات المتحدة الأميركية، والذي يعمل على التواصل مع أعضاء الكونغرس الفيدرالي، والأعضاء المنتخبين في الولايات، ويقدم الدعم والمال والمساندة لمن يمكن ان يبادل هذا الدعم بدعم مقابل لإسرائيل.
- يستمر اللوبي اليهودي بالتأثير في مواقف أعضاء الكونغرس والمسؤولين الأميركيين عبر تقديم ملخصات يوزعونها عن كل قضية تتعلق بإسرائيل، تتضمن سرداً ووصفاً للأحداث من وجهة نظرهم، والموقف المطلوب الادلاء به.
- يسيطر اليهود بشكل عام على الاعلام الأميركي، وعلى كبريات الصحف ووسائل الاعلام ومراكز التفكير.
- يتم تجنيد مجموعات من اليهود والمتعاطفين معهم في الجامعات والمدارس ومراكز التفكير، مهمتهم مراقبة كل المضمون الذي يقدم، والهجوم المركّز على كل من يعادي اسرائيل من الاساتذة أو الطلاب، وتشويه سمعتهم وطردهم سواء من الجامعة أو من أعمالهم. وهذا الترهيب المنظم، يؤدي الى معادلة مفادها "ستدفع كثيراً إذا عاديت اسرائيل، فالأفضل ان لا تفعل، فإما أن تشجع اسرائيل أو تصمت، وإلا".
- الكنائس الانجيلية اليمينية والتي يقدر المنتسبين اليها بحوالي 71 مليون شخص في الولايات المتحدة، والتي تشعر بالتعاطف مع كل القضايا الاسرائيلية، وذلك من منطلق إيماني عقائدي يتلخص في أن "إقامة مملكة اسرائيل، ستؤدي الى مجيء المسيح مرة أخرى".
في المحصلة، أثبتت أحداث 7 أكتوبر أن كل الدعم المادي والعسكري والسياسي الذي يقدمه الغرب الى اسرائيل، لم يؤدِ الى أمن حقيقي يتمتع به الاسرائيليون، وأن الهشاشة التي أظهرها الكيان ستؤدي عاجلاً أم آجلاً الى تدهور الثقة بالجيش والمؤسسات، ما سيدفع الى تزايد الانقسامات الداخلية التي كانت سابقاً، والى هجرة معاكسة لمن يريد مستقبلا أفضل لعائلته، بالإضافة الى رفض سكان المستوطنات المحاذية لغزة والمحاذية للبنان من العودة اليها بعد انتهاء هذه الحرب.