أقلام الثبات
منذ إعلان التفاهم الايراني السعودي في آذار/مارس من هذا العام، ينتظر العالم والمنطقة نتيجة هذه التفاهمات وكيف ستنعكس على القضايا المتداخلة بين الطرفين وخاصة في اليمن ولبنان. وهكذا، يترقب العالم نتائج الزيارة الأولى لحركة أنصار الله الحوثية إلى السعودية بناء لدعوة من الرياض بعد سلسلة لقاءات كان أخرها في أبريل/نيسان في سلطنة عمان.
وبحسب التصريحات المعلنة، يناقش الطرفين السعودي واليمني، مواضيع عدة أبرزها الوضع الإنساني، ورفع الحصار، وصرف رواتب موظفي حكومة حركة أنصار الله، وإطلاق جميع الأسرى، ووقف إطلاق النار، والحل السياسي الشامل في اليمن وإعادة الإعمار. علماً أن رئيس الوفد اليمني، محمد عبد السلام، تحدث عن أن المفاوضات تتم مع دول "التحالف" والمجتمع الدولي والجانب السعودي.
وقد يكون التقدم اليوم يعود الى أسباب عدّة أهمها:
- حاجة كل من السعودية وإيران الى الهدوء والاستقرار في المنطقة بعد سنوات من الاستنزاف المكلف للجميع. وقد عكست الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى السعودية المرونة والايجابية في التعامل مع الملفات العالقة، وإصراراً من الجانبين على دفع عملية التطبيع بينهما قدماً الى الامام.
- الحاجة اليمنية للتقدم في الملفات العالقة. وكانت حركة انصار الله قد طالبت بوضع حد نهائي للمماطلة وأعطت مهلة تنتهي في آخر أيلول/ سبتمبر الجاري لحلّ المسائل العالقة وإلا فإن الخيار العسكري يبقى مطروحاً على الطاولة. علماً أنه مر زمن طويل على المبادرة السعودية التي أعلن عنها في آذار/ مارس 2021، والتي لم تؤدِ الى حلٍ نهائي للقضايا العالقة بالرغم من وقف إطلاق النار.
- الأهداف والمشاريع الاستثمارية لولي العهد السعودي، ورؤية 2030. كان واضحاً أن الزيارة التي قام بها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الى سلطنة عمان بعد مشاركته في اجتماعات قمة مجموعة العشرين التي عقدت في الهند، كانت تهدف الى تفعيل الوساطة العمانية في موضوع اليمن، خاصة أن الاتفاقيات الاستثمارية ومشاريع التنمية في المنطقة، والممر الكبير الذي تمّ الاعلان عنه، لا يمكن أن تتحقق بدون سلام واستقرار في منطقة الخليج ككل.
- رغبة أميركية بالتهدئة ودعم الاستقرار في المنطقة، واعتماد الخيار الدبلوماسي بديلاً عن سياسة التدخلات العسكرية وسياسة تغيير الأنظمة التي فشلت (بحسب ما جاء في وثيقة الأمن القومي الأميركية التي أعلنها الرئيس بايدن عام 2022). وقد رحب مستشار الأمن القومي الأميركي جايك سوليفان بالزيارة الحوثية، وقال إن بلاده تفخر بتقديم دعمها الدبلوماسي لجهود السلام في اليمن بالتنسيق مع الأطراف اليمنية والأمم المتحدة، ودعا جميع أطراف الصراع إلى وضع حد للحرب.
في النتيجة، إن المباحثات الجارية بين السعودية وحركة أنصار الله اليمنية، تؤكد أن الاتفاق السعودي الايراني الذي تمّ توقيعه في الصين، وبعكس ما اشيع، لم يتطرق في القضايا العالقة في المنطقة، بل كان عبارة عن اتفاق إطار بين البلدين لإعادة العلاقات بينهما وتعزيزها، على أن تترك خلافاتهما حول قضايا المنطقة الى المفاوضات اللاحقة فيما بعد، وهو إطار مختلف عن المسار السابق الذي بدأ في العراق والذي كان يبحث في القضايا العالقة على أن يتم تتويج المباحثات بإتفاق وعودة العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين.