أقلام الثبات
تستمر المعارك بين العشائر العربية و"قوات سوريا الديمقراطية- قسد" في الشرق السوري، التي توسعت (أي هذه المعارك) ليصل لاظاها إلى الشمال، وشمال شرق البلاد السورية، من المناطق الممتدة في شرق نهر الفرات، حيث تقع محافظة دير الزور، وصولًا إلى مدينة منبج وجوارها الواقعة في شمال شرق حلب.
"لاريب أن شرارة هذه المعارك لم تشعل من قبيل الصدفة أبدًا، ومن يقف وراء إشعالها، يدرك تمامًا إلى أنها ستصل الأوضاع نتيجة إندلاع هذه المعارك. فمعلوم أن سلوك "قسد" الميليشيوي في الشرق والشمال، وإعتداءاتها المتكررة على المواطنين، ومحاولاتها المتكررة تحجيم نفوذ أبناء العشائر العربية، حتمًا سيدفع العشائر إلى مواجهة "قوات سوريا الديمقراطية" ذات القيادة الكردية"، بحسب تأكيد مصادر سياسية سورية متابعة. وتوضح أن "شرارة هذه المعارك إشتعلت بعد قيام "قسد" بالإعتداء على أحد مسؤوليها من أبناء العشائر، وتحجيم دوره، وذلك على خلفية فرض النفوذ الميلشيوي على مناطق سيطرة الميليشيا المذكورة، لا أكثر، الأمر الذي إعتبره أبناء العشائر، إعتداءً على دورهم، فإنتفضوا على "قسد"، وهبت العشائر العربية لنصرة أبنائها، وسط غض نظرٍ أميركيٍ"، ودائمًا بحسب معلومات المصادر المذكورة.
وعن سر هذا الصمت الأميركي، تؤكد مصادر في المعارضة السورية أن "لدى الإدارة الأميركية هدفان أساسيان خلف إشعال ساحات شمال البلاد السورية وشرقها، أولا، إغلاق الحدود السورية- العراقية، أي قطع الإمداد الإيراني عن سورية ولبنان". وتلفت المصادر إلى أن "الإشتباكات الدائرة بين "قسد" و"العشائر"، الى ستدفع أبناء هذه العشائر إلى الإحتشاد في مناطقهم، الممتدة على الحدود السورية- العراقية، لمواجهة "الميليشيا الكردية"، غير أن ابناء العشائر وضعوا الوصول على الحدود، وصاروا في مقابل الفصائل العراقية المنضوية في صفوف محور المقاومة، والمساندة للجيش السوري، ما يعوق عمل هذه الفصائل وتحركاتها حكمًا"، ودائمًا برأي المصادر المعارضة.
وتوضح: "أن سير المعارك المذكورة، سيؤدي في نهاية المطاف إلى وضع أبناء العشائر العربية من أهل السنة، في وجه الفصائل العراقية من الشيعة، بهدف إغلاق الحدود المذكورة"، وفقًا لرأي المصادر، التي وضعت أيضًا في السياق عينه، أي "إغلاق الحدود"، "إقامة القوات الأميركية للحواجز في مناطق "الإقتتال" تحت ستار فصل القوات المتقاتلة، لكن الهدف الحقيقة، هو تضييق الخناق الأميركي على محور المقاومة، من خلال إحكام إغلاق الحدود المذكورة". أضف إلى ذلك، تعتبر المصادر عينها، أن "إندلاع الإشتباكات في المناطق الحدودية بين سورية والعراق، تعوق بحد ذاتها، حركة خطوط إمداد محور المقاومة الممتد من إيران وصولًا إلى لبنان".
وفي هذا الشأن، تختم المصادر بالقول: "بهذه الطريقة قد تتمكن القوات الأميركية من قطع إمداد محور المقاومة، بأقل خسائر، تحديدًا في الأرواح". أما الهدف الثاني، فيؤشر إلى إتساع رقعة الإشتباكات وصولًا إلى مناطق منبج والباب وعفرين في ريف حلب بين القوات التركية وفصائل ما يعرف بـ"الجيش الوطني السوري" الموالي لها وقوات "قسد"، إلى أن الأميركيين يريدون إختبار دور أنقرة في سورية في المرحلة المقبلة، خصوصًا بعد مرور الإنتخابات الرئاسية التركية، بعدما أبدت أنقرة إنحيازًا لواشنطن، ثم عادت تركيا إلى سياستها السابقة المرتكزة على التوازن في العلاقات الدولية، خصوصًا بين الروس والأميركيين، لا بل إلى التماهي أكثر مع موسكو"، تختم المصادر.
وتعقيبًا على ذلك، يوافق مرجع عسكري وإستراتيجي رأي المصادر المعارضة، لناحية دفع يعض السوريين إلى الإقتتال، وزجهم تنفيذ المخططات الأميركية، قد تكون إحداها إغلاق الحدود السورية- العراقية، بصفر خسائر، على حد تعبيره. ويسأل في الوقت عينه: "من طمأن الأميركيين إن إجراءهم هذا سيبقى من دون ردٍ؟" أما في شأن الموقف السوري الرسمي، فقد عبّر عنه بوضوحٍ وزير الخارجية السورية فيصل المقداد أن "الحكومة السورية تؤيد العشائر العربية، معتبرًا أنها تخوض نضالًا وطنيًا ضد الإنفصاليين".
وهنا يشير مرجع حزبي كبير إلى أن ليس لدى العشائر مشروعًا إنفصاليًا، كذلك لدى غالبيتهم تواصل مع الدولة السورية". ويختم بالقول: " جاءت هذا الإشتباكات المذكورة آنفًا، لتؤكد أن غياب الدول عن بعض المناطق، جعلها ساحة صراعٍ وتصفيات لحسابات دولية وإقليمية".