سوريا.. هل انتهى دور "قسد"؟ ولصالح من؟ ـ د. ليلى نقولا

الإثنين 04 أيلول , 2023 08:54 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

انخرطت قوات سوريا الديمقراطية "قسد" والعشائر العربية في دير الزور في اشتباكات عنيفة، للسيطرة على المناطق التي كانت سابقاً تسيطر عليها قسد، وسرت معلومات عن تدخل الميليشيات المسلحة التي تدين بالولاء لتركيا في هذا الاشتباك دعماً للعشائر.

ويتبادل الطرفان الاتهامات بمَن بدأ المعركة ولصالح مَن، وانتشرت على وسائل التواصل تعليقات للمعارضة السورية تتهم قسد بالتعاون مع "النظام السوري"، بينما يتهم أطراف آخرون (موالون لقسد) العشائر العربية بأنها تتلقى الدعم والسلاح من الحكومة السورية.

وبين هذه الادعاءات، تغيب الأسباب الحقيقية التي أدّت الى اندلاع النزاع، علماً أن الطرفين (قسد وجزء من العشائر) مدعومون من الولايات المتحدة الأميركية التي يبدو عدم تدخلها ودعوتها الى ضبط النفس وحلّ المسائل بالحوار، لافتاً وغريباً بعض الشيء.

وبالتحليل، يمكن الحديث عن سيناريوهين حول الطرف المستفيد من هذا النزاع:

1- السيناريو الاول: في تحليل أولي يبدو أن القتال، الذي يدور بشكل رئيسي في محافظة دير الزور، يصب في مصلحة تفاهم آستانا بين إيران وتركيا وروسيا. انطلاقاً من هذا التصور، سيؤدي هذا الاقتتال وسيطرة العشائر العربية على مناطق "قسد"، الى تسهيل المصالحة بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس السوري بشار الأسد، حيث يصرّ أردوغان على التخلص من "التهديد الارهابي" المتمثل بعناصر "بي كا كا"، قبل التعهد بأي برنامج زمني للانسحاب التركي من الشمال السوري.

في هذا السيناريو، تكون الولايات المتحدة الأميركية هي المتضرر الأكبر، اذ أن خسارة قسد لمواقعها، يعني خسارة الولايات المتحدة نفوذها وهي التي قامت بتأسيس "قوات سوريا الديمقراطية" عام 2014، كتجمع عسكري لمحاربة تنظيم "داعش"، وسيطر عليه الأكراد بشكل أساسي بالرغم من أنه يضم مواطنين سوريين عرب أيضاً. وهكذا، سيؤدي التفاهم بين الحكومتين السورية والتركية، الى مزيد من كسر محاولات التطويق التي تقوم بها الولايات المتحدة للنظام السوري، وبالتالي خلق مسار جديد لفكّ العزلة السورية عن العالم الخارجي، يضاف الى المسار العربي الذي تعثّر بفعل الضغوط الأميركية.

2- السيناريو الثاني: لا يستطيع أحد الإنكار أنه لا يمكن التخلص من قسد، والهجوم على مقراتها بدون الضوء الأخضر من الجيش الاميركي الموجود في المنطقة، والذي تعتبر "قسد" أحد أدواته للقتال ضد داعش والسيطرة على مناطق الشمال الشرقي السوري، وخاصة على انتاج النفط في البلاد. ضمن هذا السيناريو، تكون الولايات المتحدة هي من دعت العشائر العربية للتخلص من قسد، بسبب عدم قدرتها أو عدم رغبتها في إقفال الحدود بين سوريا والعراق، وبالتالي سيكون من المطلوب من العشائر العربية بعد نجاحها في طرد قسد أن تقوم بهذه المهمة نيابة عن الأميركيين.

يضمن هذا السيناريو ( في حال كان صحيحاً) هدفين للولايات المتحدة: إرضاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي لطالما اتهم الولايات المتحدة بدعم "الارهاب" الكردي ضد مصلحة بلاده العليا، وكسب ودّ العشائر العربية التي تفوق الأكراد عدداً ولها امتدادات في كل من سوريا والعراق معاً.

في الخلاصة، لا يمكن التكهن فعلياً عبر التحليل بأي من السيناريوهات هو الأقرب الى الحقيقة، وبالتالي ستكشف الايام التي تلي انتهاء المعارك في الشمال الشرقي السوري، كيف ستتصرف العشائر العربية، والاهم، خلال هذا الوقت، هل ستسمح الولايات المتحدة بإنهاء ظاهرة قسد كلياً ولأي هدف؟.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل