حروب جديدة للغرب .. روسيا والصين اكبر الأهداف ــ يونس عودة

الثلاثاء 22 آب , 2023 10:20 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

يبدو جليا ان الغرب بقيادة الولايات المتحدة يعمد الى التأسيس لحروب جديدة حول العالم, لتغطية الفشل العسكري والتقني في اوكرانيا ,مع اضافات في البحر الاسود تحت ذريعة انقاذ الاقتصاد الاوكراني الذي بات رهينة بيد الغربيين وبالأخص اميركا, بحيث ان هناك الكثير من اتفاقات امداد الاسلحة مدفوعة الثمن, بالتوازي مع المساعدات العسكرية على اختلافها, وكذلك الديون المتراكمة.

ظهرت العديد من المؤشرات في الايام الاخيرة, تدل على الهوس الغربي في تأسيس القواعد المادية للحروب التي يسعى الغربيون الى توريط العديد من الدول فيها لتصبح كمنصات ,تشبه اوكرانيا كاداة لحلف الناتو العدواني, وفي السياق مرر القائد السابق للحلف في أوروبا، الأميرال بالبحرية الأميركية جيمس ستافريديس. إن الغرب يمكنه أن يبدأ حربًا ضد روسيا، في البحر الاسود وضم جميع دول البحر الأسود الأعضاء في الحلف، وتحديداً تركيا ورومانيا وبلغاريا، إلى جهودهم، لكنه يقر انه لو حصل هذا الامر, فان "أسطول البحر الأسود الروسي سوف يتفوق عليهم عسكريًا". وهذا يعني ان اي محاولة من هذا النوع محكومة بالفشل ,وبالتالي يمكن الترجيح ان الناتو يتعرض ولن يقدم على شن حربً بمواجهة روسيا في البحر الأسود من أجل "إنقاذ اقتصاد أوكرانيا". فإنه يدرك ان الخطوة ستكون اكثر ايلاما ,اذا جرى التدقيق بمصير "الهجوم الاوكراني "المضاد الذي مضى على انطلاقه اكثر من شهرين ليحقق المزيد من الخسائر الكبيرة للجيش الاوكراني والمرتزقة , فضلا عن تدمير الاسلحة الغربية بكميات كبيرة لا يجرؤ الغرب على اعلان حجمها وانواعها , لما للامر من تأثير على سوق السلاح , والشركات المنتجة للاسلحة التي يفاخر الغرب دعائيا بقدراتها.لكن هذالا يعني وقف استخدام الاوكرانيين وقودا في معارك الناتو ضد روسيا , وهذا الامر طالما صرح به الغربيون وفي السياق ما قاله المستشار الألماني أولاف شولتس، "إنه سيتوجب على الغرب الاستمرار بتقديم الدعم لأوكرانيا لعدة سنوات",وشدد قائلا: "لا نريد تصعيد الصراع بين روسيا وأوكرانيا ليتحول إلى حرب بين روسيا وحلف الناتو، ولذلك فإن التنسيق الدقيق وتوازن الأمور بشكل دقيق مهم للمستقبل".

من المؤشرات الهامة الى جانب الابقاء على استنزاف ما امكن على جبهة الناتو ضد روسيا في اوكرانيا, بدا ان واشنطن تحوّل تركيزها واستعداداتها العسكرية إلى منطقة المحيطين الهندي والهادئ. ولعل قمة رؤساء اميركا واليابان وكوريا الجنوبية في كامب ديفيد السيئ الصيت , تضيئ على النوايا الخبيثة اتجاه الصين, في ضوء تنامي النفوذ الصيني عالميا المحمي بالقدرات الدفاعية غير المسبوقة, ولذلك تسعى واشنطن كوّلادة للحروب البدء بمحاصرة الصين بحلفاء عسكريين معادين وهو ما عكسته قمة كامب ديفيد، بين جوزيف بايدن ورئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا ورئيس كوريا الجنوبية يون سيوك يول. في بيانها الختامي, رغم ان التحالف بين الدول الثلاث ليس حديثا , وانما اليوم الهدف يقتصر على اعلان العداء والاشارة الى تأليب من تريد واشنطن بمواجهة الصين.

لم تتوان الصين عن تفسير الهدف المباشر للاعدادات العدوانية لقمة كمب ديفيد , وفي السياق اعتبرت "غلوبال تايمز"، الناطقة باسم الحزب الشيوعي الصيني، الحاكم أن لقاء كامب ديفيد يهدف إلى تشكيل "ناتو مصغر". سيكون لهذا تأثير مدمر على المنطقة ويؤدي إلى صراعات جديدة في شرق آسيا.

"إن آلية الناتو المصغرة تلعب على القلق الناجم عن التهديدات النووية والصاروخية التي نشأت في شبه الجزيرة الكورية. لكن المثلث لا يريد حل هذه المشكلة. على العكس من ذلك، تريد الولايات المتحدة استخدام هذا الخطر الحقيقي لتعزيز دورها المهيمن في المنطقة".كما يقول الأستاذ في جامعة الصين للعلاقات الدولية، لي هايدونغ.

هذا من جهة , اما من جهة روسيا التي يتمنتن تحالفها مع الصين ,فان الولايات المتحدة تريد أيضًا جعل المثلث مناهضًا لروسيا، وستكثف ضغوطها على حليفيها"., ولا سيما مع اليابان , ودفعها الى استحضار الخلاف الياباني الروسي المزمن بشأن جزر الكوريل وتصعيد التوتر في العلاقات الروسية - اليابانية، من خلال أعادة طرح الخلافات الحدودية بين البلدين منذ قرون، والتي تسببت خلالها في معارك وحروب، وهنا يمكن التوقف عند التدريبات البحرية المنتظمة. الهدف، في تلك المنطقة الذي كان احد التمهيدات لتشكيل التحالف العسكري السياسي الثلاثي.

وبالحقيقة , فان كوريا الديمقراطية - الشمالية - التي تمكنت من زرع القلق للولايات المتحدة , ولا سيما مع استمرار بيوتغ يانغ في تحديها لعدوانية اميركا احد الاسباب الرئيسية لانشاء التحالف العسكري الثلاثي , وبحسب الناطقة باسم وزارة الخارجية اليابانية هيكاريكو أونو، فإن من أهم أهداف القمة المضي قدما بتشارك المعطيات في الوقت الفعلي بشأن كوريا الشمالية التي أجرت عددا من التجارب الصاروخية في الأشهر القليلة الماضية.

من اللافت ما قاله نائب رئيس آسيا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ومستشار آسيا السابق للرئيس جورج دبليو بوش، فيكتور تشا، حيث أشار إلى إن اجتماع كامب ديفيد هو "صفقة كبيرة" تعود أصولها إلى تصورات التهديد المتغيرة في المنطقة. وأن “هذا التحالف يحدث الآن لأن البيئة الخارجية غير مستقرة، والأمر لم يصل إلى حرب فعلية حقيقية، على الرغم من وجودها في جزء آخر من العالم… إنها مجرد طريقة يفكر بها القادة بشأن أمنهم”.

لقد اختصر سفير الصين في سيول المشهد بقوله :" أن أولئك الذين يراهنون على هزيمة الصين “سوف يندمون”.سيما انه ليس سرا ان الصين هي الشريك التجاري الأكبر لكل كوريا الجنوبية واليابان , وربما هذا ضمن مساعي واشنطن للافساد ضمن السعى لتحجيم الصعود الصيني.من خلال تشكيل هيكل “الناتو المصغر” الذي سيكون مدمرًا للأمن الإقليمي، ما يجعل الوضع أكثر تعقيدًا مع المزيد من الصراعات.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل