الهجوم الغربي على كتاب الله - ضمن المنظومة الأخلاقية ـ يونس عودة

الخميس 03 آب , 2023 11:02 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

كشفت أحداث مهمة في الأيام القليلة الماضية مثل الذي حصل في مجلس الأمن بشأن التصويت على مشروع قرار بشأن حرق كتاب الله "القرآن الكريم", بان ما كان اتهامات عن انحلال القيم الانسانية والاخلاقية في الغرب الذي تقوده الولايات المتحدة مع الملحقات الذيلية, لم تكن مبالغات يتهم بها الغربيون، الشرقيون، بحاولون الدفاع عن غرائزهم التكوينية، سيما اذا كان واقعا ,إن كل مجتمع بشري يستمد أخلاقياته ومبادئه من طبيعته وبيئته وتاريخه، الدليل الاسطع على ذلك, انعكس في اكبر قاعة في الامم المتحدة , حيث رفضت كل من بريطانيا والولايات المتحدة اولا, وتبعتها فرنسا وألمانيا والدول التي التحقت بعملية التشويه الغربي المتعمد, مثل كوستاريكا والتشيك وفنلندا وليتوانيا ولوكسمبورغ والجبل الأسود ورومانيا, تأييد مشروع القرار، في جلسة خاصة عقدت بدعوة من منظمة التعاون الإسلامي في الاجتماع الدوري لمجلس حقوق الإنسان الأممي، على خلفية خطيئة حرق القرآن في عيد الأضحى في السويد وهي الخطيئة التي تكررت لاحقا, وسط مواقف خجلة، من دول تقول انها تستمد حكمها واحكامها من كتاب الله. وربما هي مواقف اقرب الى رفع العتب , وتحمل في طياتها مداهنة للغرب المتوحش.

السؤال الذي يجيب بذاته عن ذاته ان تلك الدول, التي تخالف في قراراتها حتى شرائح واسعة داخل مجتمعاتها, تعلن بفجور انها معادية للاسلام بشمولية, لا بل انها وتحت عناوين كاذبة ومموهة متل الحرية الفردية تتحدى شرائع الأرض كلها، التي انزلها رب العالمين بالكتب السماوية وذلك في سياق واضح.

ان رد الفعل في المجتمعات الاسلامية عموما, والعربية خصوصا, لم تكن حتى الان على مستوى الخطيئة الكبرى, وان لوحت, او دعت بعض الدول الى مقاطعة المنتجات السويدية والدانماركية, واستدعاء السفراء اقرب الى الاجراء الشكلي , وربما هذا ما دفع حكومتا الدنمارك والسويد للاعلان عن سعيهما لبحث طرق قانونية تهدف إلى منع تكرار أحداث إحراق القرآن الكريم. بعد موجة الغضب الشعبي ،وبعض الرسمي في الدول الإسلامية من سلسلة أحداث تدنيس المصحف التي شهدها البلَدان الغربيان مؤخراً.وقد عبر رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسونعن عن مخاوفه بشأن تكرار هذه الأحداث وتأثيرها في علاقات بلاده بالدول الإسلامية، في وقت تربط فيه كل من استوكهولم وكوبنهاغن علاقات دبلوماسية واقتصادية كبيرة مع عدد من تلك الدول.

وما يثير الدهشة ان منظمة التعاون الإسلامي طالبت الدول الأعضاء، باتخاذ إجراءات ضد الدول التي تسمح بحرق القرآن أو تدنيسه، وتضمنت هذه الإجراءات استدعاء السفراء.

وقال بيان المنظمة، ومقرها السعودية إن الدول الأعضاء في المنظمة، البالغ عددها 57 دولة، يتعين عليها "النظر في اتخاذ ما تراه مناسبا في علاقاتها مع البلدان التي يتم فيها تدنيس وحرق نسخ من القرآن الكريم، بما في ذلك مملكة السويد ومملكة الدانمارك، من قرارات وإجراءات ضرورية على المستوى السياسي بما في ذلك استدعاء سفرائها لدى السويد والدانمارك للتشاور".

لقد شجع هذا البيان منظمات المجتمع المدني في الدول الأعضاء على العمل مع نظرائها في السويد والدنمارك لإقامة دعاوى قضائية محلية، وذلك قبل إقامة دعاوى أمام الهيئات القضائية الدولية.

كما دعت المنظمة إلى بذل مزيد من الجهود في مجال التوعية لمكافحة "الإسلاموفوبيا".

السؤال الاخر: هل أن هذا البيان يرتقي الى مستوى الخطيئة المرتكبة بحق كتاب الله , ام انه يؤشر على اهتمام متدن مشاعر بحق أكثر من مليار ي مسلم ؟وهو الامر الذي يمكن ان "يشجع مرتكبي الخطايا ورعاتهم وحماتهم "على مزيد من الارتكاب في استعادة منقحة ومجددة للحروب الصليبية , بموازاة التغييرات المرتقبة في النظام العالمي الجديد الذي بدأ يتكون, على انقاض النظام الذي يريد الغرب بقيادة اميركا تأبيده للاستمرار في الهيمنة على العالم.

من المنطقي جدا, ان نعالج مشكلاتنا مع عدم المساومة على كرامتنا , وبالطبع عدم الاستكانة للاستفزاز بإحراق كتاب الله, ولذلك من المشكوك فيه أن تتخذ قرار الكثير من الدول القيمة على المنظمات الاسلامية قرارا ير تقي الى مستوى التحديات , خصوصا اذا التفتنا الى مواقفها المخزية اتجاه مسرى الرسول الاكرم - وثالث الحرمين في القدس الشريف , الذي يدنس كل يوم من قطعان المستوطنين وبحماية جنود الاحتلال, اذ ان تلك الدول لم تقدم على اتخاذ موقف يتخطى الموقف الغربي , وكأنها غير معنية .وهذا الامر بحد ذاته يطرح مسألة القيم الاخلاقية التي يدمرها على مرأى ومسمع وحتى التشارك في النهج , وهو ما تعكسه الاتفاقات مع محتلي فلسطين.

لا يجب أن يقتصر الامر على توجيه الانتقاد الى الغرب, فهو لا يحتاج إلى من ينتقده، لكى يخرج من غرائزه علينا أن نستنطق حضارته لتخرج أسرارها الدفينة وخلفياتها السرية ، حتى يقوى على إصلاح ذاتيته, وهو الذي اختبر الظلامية والجهالة بل الاقتتال المميت، لاسيما إبان أزمنة تصارع الممالك الغربية، في القرون الوسطى على تدمير منهجي , للقيم ,وتفكيك العائلة خصوصا, التي هي من صلب تكوين المجتمعات , الاهم ان نبني مجتمعات تستلهم القيم التي تزخر بها الحضارات الشرقية , مقال السقوط الاخلاقي للغرب بقيادة الولايات المتحدة.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل