سيدنا المطران عطا الله حنّا.. الفلسطيني العربي المقاوم

الأربعاء 26 تموز , 2023 08:53 توقيت بيروت مقالات مختارة

مقالات مختارة

هو عالم دين، وهو عربي فلسطيني. لذا، فلسطين قضيته، وشعب فلسطين شعبه منذ أن مشى السيّد المسيح على ترابها مبشراً وداعياً حوارييه: اذهبوا وبشّروا الأمم، كاسراً الحواجز بين الأمم، وجاعلاً الإيمان موحداً وجامعاً لكل البشر، ودفع تكلفة رسالة حملها ومضى بها: صلباً وإكليلاً من الشوك، وفداء للبشر أجمعين، وليس انعزالاً وضيق أفق، وتفريقاً بين أبناء الله، وتفضيلاً لإنسان على إنسان.

هو عالم دين، ولرعيته عليه حق. وقد عرف دائماً حقوق رعيته التي أوصاه بها الله، والتي استلهمها من سيرة الفادي المخلّص، فأخلص للمصلوب ولفلسطين المصلوبة، ولشعبها المظلوم والمقاوم للظلم، وللدين الحق لا يقبل بالظلم. وقد جاء بقيم ترفض القهر والطغيان، ودعا إلى مقاومة إهانة البشر واستعبادهم وقهرهم وسلب حقوقهم والتمييز بينهم.

المطران عطا الله حنا العربي الفلسطيني المقدسي الروح والانتماء يرى بعينيه عذابات شعبه، إخوته في الوطن الممتهنين المقهورين المعتدى عليهم. لذا، ما كان له أن يسكت وأن يشغل نفسه بالطقوس الكنسية كأنه لا يرى ولا يسمع.. فلا يفعل شيئاً!

ارتبط اسمه وحضوره دائماً بالقدس، بكل القدس، بكل ما تمثله القدس للمسيحيين وللمسلمين، فرأيناه يندفع إلى مواقع المواجهة والخطر، مجابهاً العدوان على قدسه، القدس الواحدة، قدس العرب مسيحيين ومسلمين، بكل مقدساتها، بأقصاها المستهدف وكنائسها، وفي المقدمة قيامتها، معرضاً جسده وحياته كأي فلسطيني للخطر في مواجهة "جيش" الاحتلال، فاضحاً بمقاومته وانحيازه عنصرية الاحتلال وعدوانيته التي تستهدف كل الفلسطينيين، مسيحيين ومسلمين.

المطران عطا الله حنا ينافح عن فلسطين وشعبها وقدسها بحضوره الدائم الذي لا يكل ولا يمل، في كل ساحات القدس وميادينها، في القرى والبلدات، مع الناشطين المواجهين للاحتلال، مواسياً أمهات الأسرى وأخواتهم وعوائلهم، مباركاً لكل فلسطيني وفلسطينية تضحيته وشهادته، حاثاً على الصبر والصمود والثبات والتحدي. لذا، فاز بمحبة الفلسطينيين والفلسطينيّات، ودخل حبه قلوبهم جميعاً.

السيّد المطران عطا الله حنا يجدد حضور المطران إيلاريون كبوجي الحلبي الفلسطيني العربي الذي قاوم وسجن، وتحمّل ظلام الزنزانة، وخرج بعد سنوات مرفوع الرأس. ورغم إبعاده، بقي على عهد القدس وكل فلسطين.

المطران عطا الله حنا، كما المطران كبوجي، أخلصا لفلسطين أرضاً وشعباً وتاريخاً وعروبةً وناساً، فكانت "أبونا" الصفة التي ناداهما بها الفلسطينيون جميعاً.. وهذه مرتبة وطنية اعتزا بها.

وكما عرفت القدس المطران إيلاريون كبوجي، فقد عرفت أبانا إلياس زحلاوي صديقه ورفيقه، الكاتب المسرحي صاحب مسرحية "المدينة المصلوبة" عن القدس، المترجم المثقف الكبير الذي قضى في القدس 5 أعوام، والذي حمل القدس في قلبه كل أعوام عمره (أمدّ الله بعمره)، وهو صديق للمطران عطا الله حنا. ومعاً يواصلان مقاومة الاحتلال والتبشير بحريّة شعب فلسطين وحتمية نزول فلسطين عن الصليب.

"نَقل" السيد المطران عطا الله حنا من موقعه في سبسطية، أي من الضفة، أي من موقعه جاراً للقدس.. إلى عكا، ليس مجرد نقل لخدمة الرعية هناك، ولكنه إبعاد للمطران عطا الله حنا من حالة المجابهة اليومية التي يخوضها مع رعيته الفلسطينية في الضفة الفلسطينية، وفي العاصمة الفلسطينية القدس، وهو الخطيب المؤثّر، والمتحدث البليغ الحاضر أمام وسائل الإعلام العربية والعالمية، والمُلهم لشعبه...

المطران عطا الله حنا هو قائد وطني فلسطيني كبير مؤثر أبلغ الأثر في العقول والنفوس، وهو يقدم النموذج الذي يحتذى لعالم الدين العربي الفلسطيني الحاضر مع شعبه في كلّ مكان وآن؛ عالم الدين المقاوم برؤيته الوطنية والقومية والإنسانية، وهو يرسخ قيم التآخي والتسامح، ويفوّت على الاحتلال فتنه وألاعيبه وكل محاولاته لغرس الخلافات والتباينات والتناقضات في صفوف أبناء الشعب الواحد والقضية الواحدة...

المطران عطا الله حنا يتعرض للتآمر على دوره وحضوره، نظراً إلى كلّ ما يمثله بصفته عالم دين عربياً فلسطينياً مقدسياً. لذا يجب الوقوف معه والتصدي لمحاولة نقله من موقعه الراهن إلى عكا...

عكا عزيزة على شعبنا بتاريخها المجيد وشعبها الصامد، ولكن القدس تحتاجه قريباً منها.

سيدنا المطران عطا الله حنا، أعرفك منذ أكثر من عشرين عاماً، وأحسب أنني أرتبط بك بصداقة أتشرف بها، وأقول بملء الفم: أنت قائد عربي فلسطيني، وأنت تمثل عالم الدين المقاوم للاحتلال، وأنا أعتز بك، وأحسب أن ملايين العرب في كل بلاد العرب يعتزون بك.

سيدنا المطران عطا الله حنا: القدس بحاجتك. لذا، كل من يستطيع دعم بقائك في قيامتها وأقصاها يفترض به أن يدعمك ويقف معك، ويفضح من يتآمر على دورك.

 

رشاد أبو شاور  ـ  الميادين

 

 إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الثبات وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل