أقلام الثبات
اللقاء الخماسي الذي عُقِد في العاصمة القطرية الدوحة بتاريخ السابع عشر من الجاري، بحضور ممثلين عن الولايات المتحدة وفرنسا وقطر والسعودية ومصر، تحت عنوان: "الاجتماع الثاني للمجموعة الخماسية بشأن لبنان"، انتهى كما كان متوقعاً له، بأن مسألة انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان تحكمه مندرجات اتفاق الطائف، ولا حاجة لمؤتمر دوحة جديد أو أي مثيلٍ له، لأن الحوار المطلوب هو داخلي، لبناني-لبناني.
وبدت الدول الخمس وكأنها أصلاً غير متوافقة على إخراج المسرحية اللبنانية، ولا جديد لديها يتزوَّد به المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لو دريان خلال زيارته الثانية الى بيروت.
ما هو واضح من نتائج لغاية الآن، أن هناك توافقاً بين باريس والمجموعة الخماسية، بأن ورقة سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية لم تعُد صالحة للتسويق منفردة، حتى ولو كانت مرفقة بورقة نواف سلام لرئاسة الحكومة، لأن سليمان فرنجية بنظر الولايات المتحدة وبعض الدول الإقليمية، ما زال مرشح "محور الشرّ" بالمنظور الأميركي، ولن يُسمح بتمريره حتى ولو كان بصحبة نواف سلام المَرضَى عنه من فريق "نُحِب الحياة" في لبنان، والحائز على "البركة" الأميركية.
الأهم بالنسبة لتراجع حظوظ فرنجية، ما تم تناقله عبر وسائل الإعلام من كواليس لقاء الدوحة، عن موقف سعودي رافض صراحة له، وقول ممثل المملكة أن اللبنانيين "إذا ساروا به فليتحملوا هم المسؤولية"، وهذا ما يتقاطع مع الرأي الفرنسي المُستجد بضرورة البحث بأسماء أخرى، الى درجة أن هناك مسعى لأن تنضم إيران الى المجموعة الخماسية في ما يشبه قاعدة "خمسة زائد واحد"، وهذا ليس مستبعداً، ما دام الثنائي الشيعي متمسك بفرنجية ويدعو الفريق الآخر الى الحوار لإقناعه بالبديل، بما يعني أن ورقة فرنجية ما زالت على حافة الطاولة ولم تسقط تحت الطاولة بعد.
اللافت أيضاً وفق وسائل إعلام مختلفة، أن لو دريان يراهن على إقناع المعترضين على فرنجية وأبرزهم التيار الوطني الحر، وتلبية مطلب التيار بإقرار اللامركزية الإدارية والمالية وإجراء كافة المقتضيات التشريعية والقانونية والتطبيقية بهذا الشأن، قد تُبدِّل في مواقف التيار من فرنجية، وهذا ما سوف يؤجل الاستحقاق الرئاسي لما بعد وضع اللامركزية على سكة الانطلاق، وأن مَن يجد هذا الأمر مستحيلاً يجهل الاستحالة الأعظم في عقد مؤتمر تأسيسي قد يستهلك سنوات من عمر الشعب المُرهق والاقتصاد المُنهار.
الخلاصة، ولكلٍ منا قراءته للواقع اللبناني خارج قاعات اجتماعات اللجنة الخماسية، فإن أميركا متوافقة مع قطر على اسم العماد جوزف عون، لأن الدوحة ليست في الموقع الذي يخوِّلها "فرنجة" فرنجية في عيون الأميركيين، ولا تجاوز الرياض في احتواء الملف اللبناني منفردة، وفرنسا مع حوار داخلي يُبقي فرنجية ضمن التداول في محاولة منها لإنقاذ مبادرتها، وقد يكون المسعى الفرنسي لإضافة طهران الى "الخماسية" وإشراكها في صياغة السيناريو الرئاسي، هو من باب الواقعية في مقاربة الداخل اللبناني الشائك، خاصة أن فرنسا مُرحَّب بدبلوماسيتها في إيران والموانع السعودية باتت أكثر ليونة من هذه الناحية، لأن للمملكة ما هو أهم من الملف اللبناني في قطف ثمار عودة العلاقات السعودية/ الإيرانية، سواء في اليمن أو في تأمين الممرات المائية، وانتهاء بالأمن الخليجي والإقليمي العام الذي تحتاجه لتحقيق أهداف خطة 2030، وما على لبنان سوى تحمل مسؤولية خطوات مسؤوليه ودفع أثمان كل الخطط الانتحارية.