أقلام الثبات
أقرّ الرئيس الأميركي جو بايدن البدء في إمداد أوكرانيا بالذخائر العنقودية، معتبرا أن "هذه الخطوة التي تشكل عتبة مهمة في نوع التسليح المقدّم الى كييف لمواجهة الغزو الروسي"، هي "الصواب الذي يجب القيام به".
وقال مستشار الأمن القومي جايك ساليفان إن الخطوة "قرار صعب، وأرجأناه" لفترة من الزمن، مشددا على أن الإقدام عليه في الوقت الراهن هو "الصواب".
وبما أن تلك الذخائر محرمة دولياً بمول معاهدة دولية وقّع عليها أكثر من 123 دولية، وبما أن الأميركيين كانوا قد أنهوا استخدام تلك الذخائر منذ حرب العراق لما لها من تأثيرات سيئة على المدنيين وتأثير على الحياة المدنية بعد الحرب، يطرح على بساط البحث: ما هي الأسباب التي تدفع الأميركيين الى ارسال ذخائر محرمة الى أوكرانيا؟
1- القنابل العنقودية والقانون الدولي:
- بداية، لا بد من الاشارة الى أن استخدام تلك الذخائر أو ما يسمى القنابل العنقودية، قد تمّ حظره بموجب اتفاقية دولية، لأن تلك الذخائر تتسبب بمقتل عسكريين ومدنيين وخاصة الأطفال (تشبه الألعاب) بدون تمييز، ولها أثر عشوائي، وتبقى لفترة طويلة بعد انتهاء النزاع وبالتالي، لذا تعتبر من الاسلحة التي لا توازن بين الضرورة العسكرية والاعتبارات الانسانية، ولا تراعي مبدأ التمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية.. وبالتالي فإن استخدامها وتخزينها وتصديرها يعدّ خرقاً للقانون الدولي الانساني (قانون النزاعات المسلحة).
- ولدت الدعوة الى حظر تلك القنابل خلال النزاعات التي شهدها جنوب شرق آسيا في ستينات وسبعينات القرن الماضي والتي أُلقيت فيها مئات الملايين من القنابل العنقودية على مناطق واسعة دون تمييز. ولكن بسبب تباين الآراء حولها، لم يتم حظرها الى أن حصلت حرب تموز 2006، حيث ألقت اسرائيل 4 ملايين قنبلة عنقودية على لبنان، لم ينفجر قسم كبير منها.. الأمر الذي حوّل مساحات كبيرة من الأراضي اللبنانية الى أراضٍ مفخخة، تقتل الأطفال والفلاحين والمشاة المدنيين، وتكلّف الأموال الطائلة لإزالتها... بعد تلك الحرب، حصل بعض التغيّر في المواقف الدولية وتمّ التوصل الى اتفاقية "اوسلو" لمنع استخدام وتكديس القنابل العنقودية.
2- لماذا أقرّ الأميركيون ارسال تلك الذخائر المحرمة دولياً الى أوكرانيا؟
قد يعود الأمر الى سببين:
أ- فشل الهجوم الاوكراني المضاد والذي كان يعوّل عليه الغرب لتحقيق مكاسب ميدانية ضد روسيا وتحرير جزء من الأراضي الاوكرانية التي سيطر عليها الروس، وذلك لحثّ الدول على الاستمرار في دعم كييف بالأسلحة والمال ودعم الحرب لاستنزاف الروس الى ما لا نهاية لإنهاكهم.
ب- وجود كميات هائلة من تلك الذخائر كدسها الأميركيون ولا يحتاجونها لأن قراراً أميركياً بحظر استخدام تلك الذخائر كان قد صدر بعد حرب العراق.. وعليه، وفي ظل استنزاف كميات هائلة من الاسلحة والذخائر في أوكرانيا وفي ظل حاجة الأوكران الى كمّ هائل من الذخائر أدى الى عدم قدرة الناتو على توفيره إلا من احتياطيات جيوش الدول الخاصة، قرر الأميركيون ارسال تلك الذخائر للتخلص منها أولاً، ولكسب وقت تستطيع معه شركات السلاح على انتاج مزيد من الذخائر لإرسالها الى أوكرانيا للاستمرار في المعركة.