أقلام الثبات
لا يمكن فصل الوضع الراهن المأزوم في لبنان عن مجريات الأوضاع في المنطقة ككل، تحديدًا لجهة التأزيم الناجم عن إستمرار الفراغ الرئاسي، وإنقسام الكتل النيابية المكوّنة للبرلمان في معركة رئاسة الجمهورية، الذي بدأ يأخذ منحى مذهبيًا، وسط مخاوفٍ من أن يسهم هذا الإنقسام إلى خلق أجواء مؤاتية لتنفيذ عملٍ أمنيٍ، قد يؤدي إلى فوضىٍ في الشارع، وقد تستغل لمحاولة فرض أجندةٍ سياسيةٍ معيّنةٍ، أو أمرٍ واقعٍ يدفع إلى الإتيان برئيس جمهوريةٍ مقبلٍ وسط الأجواء المذكورة المفترضة، تحت شعاراتٍ إنقاذيةٍ جوفاءٍ، ليخدم بدروه سياساتٍ خارجيةٍ معاديةٍ لفريق المقاومة، على حد تعبير تعبير مصدر مقرب من الفريق المذكور .
ويستبعد وصول رئيسٍ جديدٍ إلى قصر بعبدا غير ميثاقيٍ، وبوضوحٍ أكثرٍ، أي رئيس جمهوريةٍ مرفوض ٍمن ممثلي الطائفة الشيعية في البرلمان. ويؤكد المصدر أن في حال إنتخاب رئيسٍ مرفوضٍ شيعيًا، فلن يستطيع أن يحكم، لأنه سيلقى مقاطعةً من مكوناتٍ لبنانيين أساسيين. ويختم بالقول: "من المحسوم أن المقاومة التي أسهمت بقوةٍ في إسقاط المشروع الغربي في المنطقة، والتي هزمت الإرهابيين التكفيريين في سورية وسواها، لن تسلّم لبنان ورأسها إلى رئيسٍ خاضعٍ للمحور الأميركي، وجاهزٍ للتآمر على المقاومة وطعنها بالظهر".
وعن إرتباط الوضع اللبناني بالإقليمي، يكشف مرجع لبناني عن معلوماتٍ تلقاها من جهاتٍ موثقةٍ، تفيد أن "النائب السابق وليد جنبلاط أوفد أحد مساعديه إلى المملكة العربية السعودية، في محاولةٍ لإستطلاع رأيها في الإستحقاق الرئاسي اللبناني، فجاء الجواب من المعنيين في المملكة، أن هذا شأن لبناني داخلي، والأولوية لديها في المنطقة، هي إعادة تفعيل العلاقات الثنائية مع سورية". ويعتبر المرجع أن هذا الرد السعودي على موفد جنبلاط، يقود إلى الإستنتاج أن الحل المرتجى للأزمة اللبنانية، لم ينضج بعد، وغير مدرجٍ في سلم الأولويات السعودية في المرحلة الراهنة على الأقل.
وفي هذا الصدد، تحديدًا في شأن العلاقات السورية- السعودية، تلفت مصادر في المعارضة السورية إلى أن هذه العلاقات تعود تدريجيًا إلى الوضع التي كانت عليه ما قبل حدوث الأزمة السورية في منتصف آذار من العام 2011، بحسب المعطيات المتوافرة، خصوصًا لجهة إعادة فتح السفارات بين الدولتين، وتعيين سفير لدمشق في جامعة الدول العربية. كذلك تضع المصادر المعارضة دعوة الرياض لوزير الخارجية السوري فيصل المقداد إلى زيارة المملكة في إطار تعميق العلاقات الثنائية مع دمشق أيضًا، وإن تكن هذه الدعوة جاءت في سياق إنعقاد الاجتماع الثاني لوزراء خارجية جامعة الدول العربية مع نظرائهم في جزر بحر الباسيفيك الصغيرة، يومي الأحد والاثنين 11 و12 حزيران في العاصمة السعودية. وترجع المصادر أن دعوة وزير الخارجية السعودية الأمير فيصل بن فرحان، لنظيره السوري إلى الرياض قبل إنعقاد هذا الإجتماع قبل يومٍ من إنعقاده، هو لوضع المقداد في أجواء لقاء الأول مع وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن، خلال اجتماع دول التحالف ضد تنظيم "داعش" الذي إنعقد في الرياض في الأيام الفائتة. وأكد بلينكن أثر ذلك، أن بلاده لا تؤيد "إعادة سورية إلى محيطها العربي"، لكنها توافق على الأهداف المتمثلة بالعمل على آلية سلام والتصدي لظهور تنظيم "داعش" من جديد، والسماح بالوصول إلى المساعدات الإنسانية ومواجهة تهريب المخدرات. الأمر الذي يوحي إلى إستمرار صلاحية الموافقة الأميركية على تطوير العلاقات السورية- السعودية، بحسب رأي باحث في العلاقات الدولية.