أقلام الثبات
لغاية تاريخه، تعداد النواب الداعمين لجهاد أزعور يُقارب 47 نائباً مقابل 37 لسليمان فرنجية، والباقي أوراق بيضاء مُرتقبة في حال تلبية النواب دعوة رئيس المجلس النيابي نبيه بري لجلسة انتخابية في الرابع عشر من الشهر الجاري، بما يعني، استحالة حصول أيّ من المُرشَّحَين على أصوات 65 نائباً، بالنظر لعدم وجود متردِّدين بين صفوف جماعة الورقة البيضاء، وسط أجواء سياسية توحي بأن الشعب اللبناني يتابع مسرحية فولكلورية ليست هزلية بقدر ما هي مهزلة متكاملة وثقيلة على القلب، خصوصاً عندما تبدأ لعبة تطيير النصاب بدءاً من الجلسة الثانية، هذا إذا اكتمل نصاب الأولى.
ومع تمسُّك الثنائي الشيعي ومعه بضعة نواب من المستقلين بسليمان فرنجية، فإن المعارضين له عندما توافقوا على جهاد أزعور، بدا وضعهم بالتمام والكمال كما أحزاب الطاولة السداسية في تركيا، التي لا شيء جمعها في تحالف انتخابي سوى الكره للرئيس رجب طيب أردوغان وليس حُباً وقناعة بكمال كليتشدار أوغلو، الذي بدوره لم يحمل برنامجاً سوى إسقاط أردوغان فكان سقوطه هو، ولكن السقوط في لبنان حصل في نقطة مياه خلال محاولة البعض تجفيف بحيرة بنشعي، وأول الغارقين هم المسيحيون، وكان على التيار الوطني الحر أن ينأى بنفسه، لأن مواجهة فرنجية لا يجب أن تتمّ عبر خصم مثل جهاد أزعور، خصوصا أن للعونيين صولات وجولات ضد مدرسته السياسية، وفي معاركهم التشريعية والحكومية مع النهج الحريري/ السنيوري الذي أصدروا بحقه كتاب "الإبراء المستحيل" لنشر ما اعتبروه فضائح فساد وارتكابات بحق الشعب اللبناني.
وقد يقول قائل، أنه سبق للتيار الوطني الحر أن وضع كتاب "الإبراء المستحيل" على الرفّ، من أجل إيصال قائده العماد ميشال عون إلى كرسي الرئاسة عبر التسوية الرئاسية ولكن، كان هناك ولا يزال جناح عوني شعبي، رافض لهكذا تسوية ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، لأنها تطمس حقائق فساد الحريرية السياسية، وكان هذا الجناح ينتظر تحرك النيابات العامة، لكن لا القضاء تحرَّك في أي ملف فساد حتى الآن، ولا سُمِح للرئيس ميشال عون بطرد اللصوص من الهيكل، فعلى أي أساس يسير التيار الوطني الحر مرة جديدة بتسوية رئاسية على حساب قناعات العونيين وغالبية اللبنانيين الرافضين لكل رموز حقبة يعتبرونها فاسدة؟ حكاية جهاد أزعور أنه الأوحد الذي استطاع البطريرك الراعي تسويقه توافقياً بين القيادات المسيحية التي تهوى الصراع والمصارعة في ما بينها، وطاف الراعي به بين الفاتيكان وباريس، وأرسل المطران بولس عبد الساتر موفداً الى السيد حسن نصرالله للغاية نفسها، وجاء الردّ بالإصرار على سليمان فرنجية، وبذلك غدا أزعور مرشح مواجهة بعد أن كان من الأسماء الوسطية.
وعبثاً يبحث الوسطيون عن أي مُرشح وسطي لمواجهة فرنجية، طالما الثنائي الشيعي متمسك بفرنجية، والمعارضة متمسكة بجهاد أزعور، وأصحاب الأوراق البيضاء الذين يقارب عددهم الثلاثين ينتظرون إشارة من الخارج الإقليمي أو الدولي لا فرق، والنتيجة في لعبة الكباش هذه، قد تنتهي بإخراج فرنجية وأزعور معاً من حلبة المواجهة، والتوافق على مرشح واحد قد يكون العماد جوزف عون ولكن بعد ماذا؟ بعد أن تتداعى بقايا أعمدة بلد قدرُه أن يعيش في بحر الصراعات الدائمة وآخرها على ضفاف بحيرة بنشعي !