أقلام الثبات
لم تقتصر إعادة تفعيل العلاقات السورية- العربية من جهةٍ، والعلاقات السورية الدولية من جهةٍ أخرى، على إستعادة سورية لمقعدها في جامعة الدول العربية، ومشاركة الرئيس السوري بشار الأسد في القمة العربية التي إنعقدت في جدّة في المملكة العربية السعودية، ولا على تبادل السفراء بين دمشق والرياض، كذلك بين الأولى وتونس وسواها من الدول العربية، بل تشكّل هذه العودة ممرا نحو إستعادة سورية لدورها وحضورها في مختلف المحافل الدولية، كذلك يمهّد حضور دمشق في "الجامعة" إلى إعادة تفعيل علاقاتها الدولية، خصوصًا مع الدول الغربية. وهذا الأمر مرتبط بمدى تقدم المحادثات السورية- التركية، خصوصًا لجهة التوافق على إيجاد حلٍ لعودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم، وإنهاء الوجود الإرهابي التكفيري في إدلب وسواها. فمن البديهي ألا حل للأزمة السورية، قبل الإتفاق على الحل المرتجى لهاتين القضيتين. بالتالي لا عودة للعلاقات السورية- الغربية قبل وضع هاتين القضيتين على سكة الحل المطلوب.
وفي المعلومات عن إعادة تفعيل العلاقات السورية- الغربية، أشارت صحيفة البيان الإماراتية في الأيام القليلة الفائتة إلى أن "خطوة جامعة الدول العربية الأخيرة، بإعادة سورية إلى مقعدها الشاغر، دفعت الأمم المتحدة نحو زيادة التحركات الدبلوماسية لإنهاء تداعيات الأزمة في البلاد، والشروع بعملية سلام، تنهي 12 عامًا من الصراع، في وقت بدأت عملية الانفتاح على دمشق تأتي تدريجيا من جهات إقليمية ودولية".
وهذا أشارت إليه "الثبات" في مقالٍ نشر في عددها الصادر في السادس من أيار الفائت، تحت عنوان: " إستعادة دمشق لمقعدها في الجامعة العربية هو إعتراف بشرعية الدولة السورية ومدخل لتفعيل علاقاتها الدولية". ومما جاء في المقال المذكور: " أن إستعادة سورية لمقعدها في "الجامعة"، إذا تمت، تكون الحدث الأبرز والأهم في مستجدات الوضع السوري، على إعتبار أن العزلة الدولية للسلطة السورية، بدأت إثر مواقف عربية، حاولت نزع الشرعية عن هذه السلطة، وإستخدمت منبر ومقام الجامعة، لإسقاط الشرعية عن الحكم في دمشق، بالتالي فإن إستعادة مقعدها، تؤكد إعتراف الدولة العربية المنضوية في إطار الجامعة، بشرعية هذا الحكم. بالتالي فإن هذا الإعتراف، يشكّل المدخل الأساسي لعودة دمشق إلى ما كانت عليه قبل بدء الأزمة في العام 2011، تحديدًا لجهة إعادة تفعيل مختلف علاقاتها الدولية". وبحسب مصادر مطلعة أكدت لـ"البيان"، فإن المجموعة العربية تعمل على إقناع الاتحاد الأوروبي بالانفتاح على دمشق، إلا أن الأمر يحتاج إلى انتهاج سياسة "خطوة خطوة" وفق ما تم الاتفاق عليه في قمة جدة.
وفي السياق، يكشف مرجع لبناني كبير حليف لدمشق، أن بعض الدول العربية، وفي مقدمها المملكة السعودية ودولة الإمارات المتحدة، أبدت إستعادادها لتمويل إعادة النازحين الى سورية، خصوصًا أن أزمة النزوح باتت تشكل تهديدًا إقتصاديًا وديموغرافيًا لدول "الطوق السوري"، لذا تجد السعودية والإمارات أن الفرصة سانحة لحل هذه الأزمة، بناء لما تم الإتفاق عليه في قمة جدة. الأمر الذي رحبت به دمشق مرارَا وتكرارًا. غير أن عدم تقبل دول الإتحاد الأوروبي الواقع، أي فشل "مشروع" إسقاط الدولة من ناحيةٍ، كذلك فإن الضغوط التي تمارسها بعض مكونات الإدارة الأميركية، وأعضاء الكونفرس المتماهين مع السياسة الأوروبية من جهةٍ أخرى، تحول دون إنجاز الحل المرتجى للأزمة السورية في وقتٍ مقبولٍ، كي لا يحقق الرئيس بشار الأسد، إنتصارًا كبيرًا في الحرب الكونية التي شنت على بلاده، وفقًا للحسابات الأوروبية- الأميركية برأي مرجع في العلاقات الدولية. وعن العلاقات الثنائية السورية- التركية، يؤكد مرجع قيادي في دمشق أن الأمور تسير على "ما يرام"، ووفقًا لمقررات "قمة سوتشي 2019" بين الجانبين الروسي والتركي، الذي يفضي في مضمونه إلى حماية الحدود التركي-السورية، وعودة المناطق الخارجة على سلطة الدولة السورية إلى كنفها تدريجيًا، من دون أن يفصح عن التفاصيل. إذًا بناء على ما تقدم، فإن العلاقات "السورية- الدولية" ماضية "خطوة- خطوة" نحو إستعادة حضورها التي كانت عليه، ودورها التي كانت تؤيده ما قبل الحرب الكونية عليها منتصف آذار 2011.