عودة سورية الى الجامعة العربية: ما لها وما عليها ـ د. ليلى نقولا

الإثنين 08 أيار , 2023 08:38 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

أيّد وزراء الخارجية العرب بالإجماع عودة سورية الى مقعدها في جامعة الدول العربية، في خطوة طبيعية ومنطقية بعد المسار السياسي الذي اتبعه الانفتاح العربي على سورية، والذي بدأ منذ عام 2018. بدأ التغير في الاتجاهات العربية نحو سورية، بعد التدخل العسكري الروسي المباشر عام 2015، وتبدّل ظروف الميدان السوري بشكل جذري عام 2016، وسقوط حلب ودخول الاتراك والايرانين والروس في مسار أستانة الذي أدى الى سحب المعارضة السورية من كافة انحاء البلاد وتجميعها في إدلب...

ثم مجيء ترامب الى البيت الأبيض، فألغى برامج تسليح المعارضة السورية. ومؤخراً، كان للانفتاح السعودي على سورية تأثير كبير في مسار تذليل العقبات لعودة سورية الى الجامعة العربية، وإعادة العلاقات العربية معها، ووضع خارطة طريق لمسار حل سياسي سوري تقبل به الحكومة السورية، وتوافق عليه الدول المنخرطة في الحرب ضدها، وهو ما اطلق عليه اسم "بيان عمّان" أو "خطوة مقابل خطوة".

تشير الوثائق المنشورة حول هذه المبادرة (لم يتم تأكيدها أو نفيها من قبل المعنيين أو السوريين)، الى الاقتناع بأن لا حل عسكري للأزمة السورية، واقتناع الدول الخارجية المعادية للنظام أن تغيير النظام الحاكم لم يعد هدفاً بل الهدف هو حل سياسي على أساس قرار مجلس الأمن رقم 2254. لذلك، تقوم المبادرة الاردنية على دور عربي ينخرط في حوار مع الحكومة السورية لتطبيق مجموعة من الالتزامات مقابل حوافز، أي خطوة مقابل خطوة، وفيها:

أ‌- في المسار الانساني: تلتزم الحكومة السورية بـ "منح المفوضية العليا للاجئين حق الوصول الكامل الى المناطق المعنية، وتضمن عدم اضطهاد العائدين، وتسهيل العودة الطوعية والآمنة، وتيسير المصالحات والتحقيق في ادعاءات التعذيب وانتهاكات حقوق الانسان".

في المقابل، يتم تقديم مساعدات لمناطق سيطرة الحكومة، وتمويل وتنفيذ برامج البنى التحتية والانعاش المبكر لاستعادة نوع من الحياة الطبيعية للعائدين.

ب‌- في المسار السياسي: تلتزم الحكومة بالمشاركة الايجابية باللجنة الدستورية، والافراج عن المعتقلين والسجناء السياسيين، وكشف مصير المفقودين، وإجراء انتخابات "تحت إشراف الأمم المتحدة بما يؤدي إلى تشكيل حكومة شاملة" inclusive..

في المقابل، يتم التخفيف التدريجي للعقوبات على سورية، والسماح بتجارة السلع مع أطراف ثالثة، ورفع العقوبات عن القطاعات العامة السورية والبنك المركزي والجهات الحكومية والمسؤولين والقطاعات الحكومية ... واستعادة العلاقات السياسية والدبلوماسية و"تسهيل عودة سورية إلى المحافل الدولية واستعادة مكانتها في جامعة الدول العربية".

ج- في الملف الأمني: التعاون في مكافحة الارهاب، وتبادل المعلومات الاستخبارية وسواها.

د- المرحلة ما قبل الأخيرة: تشمل التزام الحكومة إعلان وقف إطلاق النار في جميع أنحاء البلاد، وانسحاب جميع العناصر غير السورية من خطوط المواجهة والمناطق الحدودية مع دول الجوار، ووقف العمليات العسكرية الكبرى...

في المقابل، تتوقف جميع العمليات الجوية العسكرية الأجنبية فوق سورية، والتزام الجميع بمن فيهم تركيا بوقف اطلاق النار.

ه – المرحلة الأخيرة (لا سقف زمني لها): انسحاب جميع القوات الأجنبية، والمشاركة الإيجابية مع البلدان المجاورة والالتزام بالاستقرار والأمن الإقليميين، بما في ذلك الوفاء بالالتزامات بموجب منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، والحد من النفوذ الإيراني في أجزاء معينة من سورية، وانسحاب جميع القوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب من سورية لما قبل العام 2011...

في المقابل يتم انسحاب القوات الأميركية وقوات التحالف من شمال شرقي سورية، بما في ذلك من قاعدة التنف. ويتم "فتح قنوات تنسيق بين الجيش السوري والأجهزة العسكرية والأمنية في دول الجوار لضمان أمن الحدود مع سورية".

بالمحصلة، لقد تحققت بعض بنود المبادرة مسبقاً قبل اجتماع وزراء الخارجية العرب. وبكل الاحوال، يبدو من البنود التي نشرت أنها لمصلحة الشعب السوري، ومن المفيد للحكومة السورية أن تقدم على تسهيل عودة اللاجئين ووقف اطلاق النار والتخلص من الارهاب، مقابل عودة سيطرتها وسيادتها على كافة الاراضي السورية، والحصول على دعم ومساعدات مادية للبنى التحتية وإعادة الاعمار.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل