الهجوم الاوكراني المضاد, ظروف ونتائج ‎ـ يونس عودة

الأربعاء 03 أيار , 2023 10:00 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

من المفترض ان العد التنازلي "للهجوم الاوكراني المضاد" الذي قررته الولايات المتحدة ومعها اداتها العسكرية الاوسع المتمثلة بالحلف الأطلسي قد بدأ, وفقا لما يروجه الغرب عموماً, وأميركا وأوكرانيا خصوصا, رغم فضيحة الوثائق الاستخباراتية الأميركية التي تجزم بصعوبة تحقيق نتائج من مثل هذا الهجوم.

في الواقع والافق هناك معطيات تشي بان الهجوم المنوي القيام به, اذا حصل, سيكون كارثيا على أوكرانيا, التي يتربص بها اقرب حلفائها, لا سيما بولندا, لاقتطاع جزء من أراضيها وضمها إليها خصوصا انها الدولة الأكثر حظوة لدى واشنطن, وهي باتت القاعدة الأطلسية الأولى في أوروبا الشرقية, ومؤهلة لاحتلال موقع المانيا في منظومة الأطلسي.

ان القيادة الأوكرانية لم تترك بابا والا طرقته استجداء لمدها بمزيد من الأسلحة وبالأخص الدبابات والطائرات الحربية والذخائر الثقيلة, الا ان الاستجابة للمطالب ولا سيما من الأوروبيين الذين باتوا يعانون نقصا في مخزوناتهم الاستراتيجية, لم تكن على مستوى الاستجداء, رغم ان كل شيء بأثمانه, سواء المالية او السياسية, وهو الامر الذي تعمل الولايات المتحدة على معالجته بالضغط والابتزاز لقد نقل البنتاغون من مخزونه في الكيان الصهيوني المؤقت الى أوكرانيا, والذي هو للاستخدام في الشرق الأوسط , أكثر من ألف حاوية ذخائر، خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، وفق ما ذكرت القناة 12.

وتعتزم الولايات المتحدة أن تخرج من اتراسانتها في الكيان حوالي 300 ألف قذيفة مدفعية عيار 155 ملمتر، وصواريخ كتف مضادة للطائرة من طراز "ستينغر", لأن مصانع الأسلحة الأميركية غير قادرة على تزويد أوكرانيا من انتاجها المعزز بالكميات المطلوبة, وهذا الامر طرح معضلة امام جهاز الأمن الإسرائيلي الذي يدرس في هذه الأثناء زيادة الإنتاج الإسرائيلي لهذه الذخيرة، وخاصة القذائف المدفعية عيار 155 ملمتر، بهدف ملء احتياطي الذخير.

بلا شك ان الهجوم المضاد الذي تدفع اليه واشنطن , ولو تمزق الجيش الاوكراني , والكتائب النازية , مثل "ازوف" الى أشلاء يستحيل جمعها, يواجه عقبات عدة, ليس التسليح والأسلحة الا احدها, فقد كشفت صحيفة "بوليتيكو" الأميركية ، عن تزايد الصعوبات عامام أعضاء مجموعة الاتصال لمساعدة أوكرانيا، على هامش اجتماع 21 نيسان في قاعدة رامشتاين الأميركية في المانيا ، في الحفاظ على الوحدة.حيث كان من الواضح أن الحفاظ على الوحدة في المجموعة سيصبح مهمة صعبة بشكل متزايد".كما ان أصواتا أميركية وازنة في الكونغرس تجاهر بضرورة وقف امداد أوكرانيا بالأسلحة والإسراع في إنهاء المساعدات العسكرية والمالية الأميركية لأوكرانيا.لانها تستنزف ترسانات وخزينة دافعي الضرائب الأميركية ولا يظهر في الأفق جدوى يركن اليها .

كما والاشارة أيضا ، أنّه "ليس من مصلحة الولايات المتحدة أن تصبح "أكثر تورطاً في نزاع إقليمي بين أوكرانيا وروسيا".فيما لا يزال الدرس الافغاني ماثلا , الرئيس جو بايدن سمح بقراره الا نسحاب السريع من أفغانستان، لطالبان، بالاستيلاء على السلطة، وترك شركاء التحالف ذوي النوايا الحسنة غير قادرين على سدّ الفجوة التي خلفتها الموارد الأميركية"، معتبراً أنّ هذا "يجب أن يبقي فلا ديمير زيلينسكي مستيقظاً في الليل". ما يزيد طين زيلينسكي بلة ما اعلنه الرئيس التشيكي بيتر بافيل، بأن المشكلة الرئيسية للقوات الأوكرانية اليوم هي نقص الذخيرة,ويزود الشركاء الغربيون أوكرانيا بمعدات فعالة للغاية، مثل الدبابات الحديثة، ولكن بكمية قليلة جدا من الذخيرة، يمكن للأوكرانيين نشر المركبات لبضعة أيام فقط، ثم يتعين عليهم سحبها.

وقال الرئيس التشيكي: "في الواقع، تصبح هذه (الدبابات) منتجا للمستودعات. ولا فائدة كبيرة منها"، بالرغم من كل ذلك سيضطر الجيش الأوكراني لشن هجوم مضاد، بغض النظر عما إذا كان مستعدا له أم لا، لأن استمرار تقديم المزيد من الدعم الغربي للقوات الأوكرانية يعتمد على هذا الهجوم, الذي يمكن ان يتحول الى مغامرة , وهو كذلك , سيما ان المخابرات الأمريكية التي تحاول ان تعمم بعض التفاؤل ,لا تقدر فرص الجيش الأوكراني في تحقيق ما يعتد به ,وتعتقد أن كييف يمكن ان تحقق "استحواذات متواضعة على الأراضي" فقط, وهذا من دون تقدير ما يمكن ان تفعله القوات الروسية التي لم تستخدم بعد الا غيض من فيض القوة النارية التي بحوزتها وتعتقد صحيفة "التايمز" استنادا الى المخابرات الأميركية أن كييف ليس لديها خيار سوى المضي في الهجوم للحفاظ على الدعم الغربي حيث يجب على زيلينسكي أن يوضح ما تسميه واشنطن "عائد الاستثمار". وستحدد أوكرانيا لنفسها هدفا يتمثل في استعادة ميليتوبول، الأمر الذي سيقطع الطريق البري بين شبه جزيرة القرم وروسيا، أو دونيتسك، والتي لها أهمية رمزية أكبر.و قال مساعد الرئاسة الأوكراني ميخايلو بودولياك إن الخطط الاستراتيجية لأوكرانيا لم تتغير، لكن الخطط التكتيكية الأكثر دقة تخضع دائماً للتغيير.

لا تزال اكداس الأسلحة والذخائر تتقاطر الى الأراضي الأوكرانية , حيث تستهدف بمجرد وصولها الى المخازن , وليس اخرها استهداف الجيش الروسي في مدينة بافلوغراد، البنية التحتية للسكك الحديدية ومستودعات الذخيرة والوقود واحتياطيات القوات الأوكرانية التي جمعتها لتنفيذ هجومها المضاد.فيما على الأرض تقوم القوات الروسية , بقضم مدروس في مدينة أرتيوموفسك (باخموت), وباتت تسيطر على حوالي 90%،من المدينة الاستراتيجية التي تراهن القوات الأوكرانية على انها ستكون نقطة تحول ممهدة لهجوم ناجح فيما بعد على جبهة القرم . بلا شك ان الخطط توضع على الورق من اجل تحقيق الاهداف , مع تقدير دقيق للخصم او للعدو وقدراته العملياتية , مع التوقع ايضا برد فعله اذا لم تكن خططه الميدانية واضحة , ولذلك تشهد الحروب مفاجآت بعضعا معد سلفا وبكتمان , وبعضها تصنع في الميدان , والاهم يكمن في خلاصة ما يتمخض عنه الهجوم المضاد اذا وقع , لان كسره لا يعني هزيمة الجيش الاوكراني , وانما الاطلسي بكليته , والغرب بمفاهيمه كلها وفي المقدمة , اميركا الغاشمة .


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل