أقلام الثبات
اندماج "الأدوار" في لبنان بإمرة القيادة السورية
لاريب أن عودة العرب إلى سورية، واستعادة دورها في العالم العربي، خصوصًا بعد إعادة تفعيل علاقاتها مع مصر والسعودية، ما قد يسهم بتحقيق التوزان التكاملي مع القوتين الإقليميتين إيران وتركيا، فإنها ستحدث أي (العودة) المذكورة آنفًا، تغييرًا في موازين القوى المؤثرة ليس في فقط في سورية من الناحيتين الميدانية والسياسية فحسب، بل في لبنان، والمنطقة أيضًا، خصوصًا بعد عقد مصالحة بكين بين إيران والسعودية. فمن البديهي أن عودة الحلف الثلاثي السوري- المصري- السعودي، سيعزز الدور العربي في المنطقة، بالتالي سيسهم في حل القضايا العالقة فيها، كالاستحقاق الرئاسي في لبنان، واستكمال ترتيب الأوضاع في سورية، كتأمين الأجواء الملائمة لعودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم، وتمويلها، وإعادة إعمار ما دمرته الحرب فيها...
إذّا سيكون للانفتاح العربي- الخليجي على سورية، انعكاسًا على موازين القوى الإقليمية المؤثرة والفاعلة في الساحتين اللبنانية والسورية والمنطقة ككل، بالتالي لن يبقى المشهد الإقليمي كما كان عليه قبل مصالحة بكين الشهر الفائت، تحديدًا لجهة تعاظم الدور العربي في المنطقة، على حساب الأدوار الإقليمية الأخرى المؤثرة في دول هذه المنطقة، أو قد تتوحد بعض هذه الأدوار وتتبلور مجددًا، وقد تكون أكثر فاعليةٍ في لبنان وسورية، ولكن برعاية القيادة السورية، وبإشرافها، برأي مصادر سياسية وسطية سورية.
ورغم المخاوف المحقة من عرقلة بعض الجهات الدولية لهذا الانفتاح، خصوصًا بعد اندلاع الصراع في السودان، ومحاولة التشويش على الانفتاح المذكور من خلال استخدام ورقة محروقة، وإعادة إطلاق "تحذيرات ممجوجة" من إعادة النازحين السوريين الموجودين في لبنان إلى بلادهم، بعدما نفّذ الجيش اللبناني قرار المجلس الأعلى للدفاع الصادر بتاريخ 24/4/2019، في حق عدد من المخالفين في الآونة الأخيرة، ويقضي هذا القرار بترحيل أي شخصٍ يدخل إلى لبنان بطريقةٍ غير شرعيةٍ من دون المرور بالمعابر الحدودية الرسمية.
ولابد هنا، إلى أن وزير الخارجية السعودية الأمير خالد بن فرحان، أكد أن الرياض ستسهم في حل أزمة النزوح السوري إلى دول الجوار. ولم يفلح "المشوشون" في منع قطار التسوية من الانطلاق، و"بقبة باط" أميركيةٍ واضحةٍ، ومن دون أي التباسٍ، على حد قول مصادر في المعارضة السورية، بناءً على معطياتٍ ملموسةٍ لديها وهي:
أولًا- تكشف هذه المصادر أن بعض "المعارضين" التقوا بشخصيةٍ دبلوماسيةٍ غربيةٍ في إحدى العواصم الأوروبية، منذ أكثر من شهرٍ، التي أشارت (الشخصية) بدورها إلى أن واشنطن لا تؤيد الانفتاح العربي وسواه على سورية، ولكن في الوقت عينه، لن تواجهه أو تصده، جازمًا أن جلَ اهتمام الإدارة الأميركية، هو إطلاق الصحافي الأميركي أوستن تايس، المفقود في سورية منذ أكثر من عقدٍ ونيّف، ليس إلا.
ثانيًا- تسأل المصادر عينها عن "سر" توقيت إطلاق المواقف الصادرة عن المجموعات الانفصالية الكردية التي تحظى بالدعم الأميركي المباشر، وعن مضمون هذه المواقف، التي تؤكد تمسك "الكرد" بوحدة الأراضي السورية، وانفتاحهم على مختلف الأطراف السوريين، وفي مقدمهم السلطات السورية، فهل تصدر هذه المواقف، بلا موافقة أميركية مسبقة؟
ثالثًا- انعقاد الاجتماع الأمني الرباعي السوري- الروسي- الإيراني- التركي في أنقرة، ضمن مسار إعادة تفعيل العلاقات الثنائية مع دمشق، واللافت أن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، تحدث عن إيجابيات هذا الاجتماع قبل انعقاده. الأمر الذي يؤشر إلى أن هناك مرونةً لدى الجانب التركي، لناحية موافقة أنقرة على الشروط السورية، تحديدًا تلك التي تتعلق بالانسحاب التركي من الأراضي السورية، ووقف دعم المجموعات المسلحة الناشطة في الشمال السوري.
رابعًا- "دمشق ورشة"، وفي هذا الصدد، تشير المصادر إلى أن المضي في التحضيرات اللوجستية في دمشق، لناحية إعادة تأهيل مباني السفارات العربية في هذه المدينة، تمهيدًا لإعادة إفتتاحها. كذلك رفع الحواجز الأمنية وإزالة السواتر الأسمنتية، من شوارع العاصمة السورية، أمام العودة العربية، ودائمًا برأي المصادر.
وبناءً على ما تقدم، ها هي سورية آيلة نحو استعادة دورها السابق، كركن أساسي في منظومة الأمن القومي العربي، وكبلد لا يمكن تجاهل دوره في العالم العربي ككل.