رهان الخيبة اللبنانية، من السين-سين وصولاً الى الصين! ـ أمين أبوراشد

الثلاثاء 18 نيسان , 2023 11:40 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

منذ سنوات أُطلِقت فُكاهة، أن أحد السياسيين اللبنانيين الكبار سُئل خلال زيارته للصين عن عدد سكان لبنان فأجاب: أربعة ملايين، وجاءه ردّ المُستضيف الصيني معاتباً: ولماذا لم تصطحبهم معك؟ قد تكون تسمية لبنان الكبير التي ورثناها عن الانتداب كبِرَت في رؤوسنا وصدَّقنا أنفسنا، أن "هالكَمّ أرزة العاجقين الكون" سيبقى هذا العالم "معجوقاً" بها، ونتناسى أننا في ذروة أزماتنا اليوم، لسنا أكثر من نقطة في بحر الاستحقاقات الإقليمية التي تنتظر التنين الصيني في المنطقة بعد رعايته التوافق الإيراني السعودي.

وحتى لو أخذنا بعين الاعتبار المقولة القديمة منذ زمن العثمانيين، "أن هذا البلد ما رح يعرف يكبر، لأنه دائما بحاجة الى رضا والي الشام ووالي عكا"، فإن عجز السلطة اللبنانية المتمادي عن امتلاك السيادة وحاجتها الدائمة الى حاضنة رعاية، لا يعني أن الرُعاة هم دائماً على جهوزية لإعطاء لبنان "ببرونة" الرضاعة، خصوصاً عندما تكون الطبقة السياسية في غالبيتها مُعاقة والمؤسسات الحكومية في موتٍ سريري. ملامح التوافق الإيراني السعودي قد ارتسمت أولوياتها، لرسم شرق أوسط آمن برعاية صينية، مع التنويه بجهود العراق وسلطنة عُمان في هذا الإطار، والمملكة العربية السعودية بشخص ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أعلنت أن دول الخليج قادمة على عصرٍ تُنافس فيه أوروبا، وأخذ الأمر على عهدته الشخصية، لأن رؤية 2030 التي التزم بها لبلاده تستوجب أماناً إقليمياً شاملاً، من اليمن وإيران الى فلسطين مروراً بسورية، ويتزامن تفعيل العلاقات مع طهران بانفتاح على دمشق، وصولاً الى عودة العلاقات بعد انقطاع سنوات مع حركة حماس بفرعيها: الداخلي عبر اسماعيل هنية، أو الخارجي عبر خالد مشعل، بصرف النظر عن تأجيل استقبال وفد حماس في المملكة لما بعد استقبال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يوم الإثنين الماضي، في محاولة سعودية قديمة / جديدة لمصالحة الفصائل، تمهيداً للحل السلمي العادل للقضية الفلسطينية من وجهة النظر السعودية.

وإذا كان لبنان يعتبر أزمته مطروحة على الطاولة الإيرانية السعودية، فهي إقليمياً ليست من الأطباق الرئيسية للمأدبة، لأن لليمن أولوية وللعراق أولوية ولسورية أولوية ولفلسطين كل الأولويات المستجدة كشرطٍ أساسي لشرق أوسط آمن، والأزمة اللبنانية تشبه الى حدٍّ بعيد تلك الليبية أو السودانية من حيث الخلافات البينية الداخلية، بين فرقاء شعبهما لا يفهم ماذا يحصل من عبثية في أداء سلطات عليا لا تستحق هذه التسمية. الازدراء هو عنوان الملف اللبناني على الطاولتين الدولية والإقليمية، وأي جليسٍ عليهما يطالب اللبنانيين بمساعدة أنفسهم أولاً قبل طلب مساعدة الآخرين، وتجربة جمعهم في الطائف والدوحة أو حتى باريس ليست واردة في الوقت الحاضر، طالما أن سلطة الأمر الواقع الحالية عاجزة عن كل شيء، من انتخاب رئيس للجمهورية حتى انتخاب مجالس بلدية ومخاتير، ومن التحقيق مع "حاكم النقد العام" المطلوب بمذكرات دولية الى محاسبة أصغر موظف قطاع عام فاسد، ومع ذلك، تستمر الطبقة السياسية "الغاشية وماشية" في الرهان على الخارج لتأتيها "ببرونة" الترياق، وبعض هذا الخارج هو الذي يحاصر ويعاقب ويضع شروطاً على رضيع بالكاد يستطيع الدبدبة منفرداً، ويحلم بأن يكبر يوماً على أيدي أقزام سيادة وعملاء سفارات، لن تنقذهم كل المعادلات لا السين - سين ولا كل أبجديات دول القرار من هنا الى الصين.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل