نتانياهو، بين حقل الألغام الداخلي والأبواب الخارجية المُغلقة... ـ أمين أبوراشد

الأربعاء 12 نيسان , 2023 09:35 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

عندما شكَّل بنيامين نتانياهو حكومته في تشرين الثاني من العام 2022، وجد نفسه مُلزماً بالإئتلاف مع أحزاب أقصى اليمين ومع أكثر الأحزاب الدينية تشدداً، لدرجة أن رئيس الكيان الصهيوني اسحق هرتزوغ أبدى مخاوفه من أن يؤدي أداء بعض الوزراء الى إجراءات غير شعبية تُشعل شارع العلمانيين وجيل الشباب، وبالفعل، بعد مرور أقل من شهرين إضطر نتانياهو لإقالة رئيس حركة "شاس" أرييه درعي من منصبيه بوزارتي الداخلية والصحة، بطلب من المحكمة التي أدانته بتهمتي الإحتيال الضريبي والفساد، وغرِق نتانياهو منذ ذلك الحين في مستنقع المواجهة مع الشارع، عندما طرح على الكنيست "قانون درعي" الذي يكفّ يد المحكمة العليا في إسرائيل عن القرارات الكبرى وملاحقة المسؤولين خلال وجودهم في السلطة، سيما وأن نتانياهو نفسه ما زالت لديه قضايا عالقة في المحاكم ترتبط بالفساد.

لم يهدأ الشارع الصهيوني منذ أكثر من شهرين، ووجدت الحكومة اليمينية نفسها أمام مواجهتين مصيريتين، إضطراب ومظاهرات في الشارع "الإسرائيلي" رفضاً لتطويع القضاء، ومواجهات غير مسبوقة مع الشارع الفلسطيني على امتداد القدس والضفة الغربية إضافة الى غليان في قطاع غزة، ويراهن الإعلام الإسرائيلي أن النظام السياسي في البلاد، الذي ينحو الى الراديكالية الدينية والديكتاتورية السياسية سوف يؤسس لبداية الإنهيار الشامل. الموقف الأميركي - المُعلن على الأقل - منذ تشكيل حكومة نتانياهو، أنها توليفة غير مُساعدَة على تحقيق السلام مع الفلسطينيين، وقد كرر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في حمأة التوتر بمحيط المسجد الأقصى وعموم الضفة الغربية، أنه لا بُدَّ من "حلّ الدولتين" لتحقيق السلام، إضافة الى تحفُّظ الإدارة الأميركية على المنحى الداخلي الذي تنتهجه حكومة نتانياهو في نحر الديمقراطية عبر كفّ يد القضاء وتحديداً المحكمة العليا.

فلسطينياً، ما من حكومة صهيونية تشكَّلت يُمكن أن يُقال عنها أنها معتدلة، بصرف النظر عن حقبة التكاذب بين حزب العمل في زمن اسحق رابين وشمعون بيريز وبعض دُعاة الإعتدال في الشارع الفلسطيني ولكن، ما من حكومة وجدت نفسها بين نارين، "إسرائيلية" وفلسطينية كما حكومة نتانياهو الحالية، حيث الجناح الديني فيها يجنح نحو دولة دينية عنصرية، والجناح السياسي اليميني يُحرِّض على قمع الفلسطينيين بوحشية غير مسبوقة، وما بين الجناحين يقف نتانياهو عاجزاً عن القيام بدور المايسترو لحكومته غير المنسجمة والمهددة بالسقوط، فيما الإنتخابات المبكرة في حال إجرائها لن تمنحه نصف عدد نواب الليكود الحاليين، وبالتالي لا عودة له الى الحكم في حال تفككك الإئتلاف الحالي.

وأزمة نتانياهو تتعدى حدود الكيان الصهيوني، لأنه تلقى صفعة إقليمية برعاية دولية صينية للتوافق الإيراني السعودي، فيما وفود البلدين تتولى القيام بما يلزم لإعادة فتح السفارتين والقنصليتين، وفرملة مسلسل التطبيع الذي كان يُراهن عليه نتانياهو قد حصلت، وتلتقي هنا المواقف السعودية والأميركية على تقاطع "حل الدولتين" مع إعلان المملكة السعودية عدم السير في التطبيع قبل إيجاد الحلّ العادل للقضية الفلسطينية، ومع استمرار إيران في مواقفها الصلبة من الكيان الصهيوني ودعمها للمقاومة الفلسطينية.

ومع غياب الضغط الأميركي جزئياً عن المنطقة، الى حيث الجبهات الأهم مع روسيا والصين من أوكرانيا الى تايوان، وغياب أوروبا عن تسويق المبادرات، خصوصا أن الحرب تقرع أبواب بلدان الناتو، والرئيس الفرنسي يقود حملة أسماها "استراتيجية إبتعاد أوروبا عن أميركا" بعد عودنه من زيارة الصين، وفيما بوصلة الشرق الأوسط تميل الى الشرق وبدايتها انضمام السعودية الى منظمة شنغهاي، يبدو الوضع الإسرائيلي متروكاً كما "ربيع العرب" لا بل أخطر، في حلقة تصفية حسابات يهودية - يهودية، وهي مطلوبة في الزمن الأسهل، عسى أن يُجيد الفلسطينيون فرض الحل العادل وقطف الثمار في موسم الحصاد ...


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل