أقلام الثبات
تدفع الولايات المتحدة الاميركية, المحاصرة بالأزمات الاخلاقية والاجتماعية والسياسية الى اشعال نيران الحرب في أوروبا, من خلال البوابة الاوكرانية, وسط انصياع سلطات اوروبية الى المخططات الاميركية على الرغم من معارضة الشعوب, الانغماس الاعمى في ضوء تجارب عدة, ولاسيما مسألتي الغاز بشكل خاص, والعقوبات بشكل عام ونتائج ذلك على الاقتصاد الاوروبي العام .
لا تخفي واشنطن الباحثة عن موارد جديدة لانتشال اقتصادها المديون بأكثر من 31 تريليون دولار, نيتها في ضرورة موت ملايين الناس, وتدمير اقتصادات, وثقافات وقيم انسانية, من اجل تسويق منتجاتها من السلاح الى اي شيء اخر، واستهلاك ما هو موجود في الترسانات في المواجهة مع روسيا, لإحلال منتجات القتل والدمار الاميركية كبديل يستجلب الاموال الى خزائن شركاتها الحاكمة، وعقد الاجتماعات المبهرة في الشكل, بمضامين خطيرة تبدأ باستغلال الساسة والادمغة الشريرة لتحقيق أهدافهم. بتضليل العواطف الإنسانية وبناء العلاقات الشخصية . قبل ايام أقامت الولايات المتحدة حدثًا دوليًا ضخمًا، في سياق التحضير لموجة جديدة من تقديم الضحايا على مذبح المصالح الاميركية, كان أهم أهدافه الرئيسية "إدانة روسيا".
ومع ذلك، وافقت 74 دولة فقط على الإعلان الختامي لـ "قمة الديمقراطيات" (أقل بأكثر من مرة ونصف من عدد الدول التي دعمت القرارات المعادية للروس في الجمعية العامة للأمم المتحدة). فقد انسحب الباقون (على وجه الخصوص، البرازيل). وأبدت ثلاث دول هي (الهند، وأرمينيا، وحتى المكسيك) تحفظًا عند التوقيع على بند ارهاب الروس رغم توقيعها الإعلان. ومع ذلك لم تنفع مساعي واشنطن في لملمة تحالف قادر بالتوازي مع التحضير لإغراق اوكرانيا في مزيد من الخسائر, لتجني واشنطن الثمار السياسية والاقتصادية لاحقا. لقد اعلنت المندوبة الأمريكية الدائمة لدى "الناتو" جوليان سميث، عشية اجتماع وزراء خارجية الحلف، بأن واشنطن تتوقع أن تشن أوكرانيا هجوم الربيع المضاد خلال الأسابيع المقبلة, بعد ايام من اعلان وزير الدفاع الأوكراني، أليكسي ريزنيكوف، بأنه سيتم تنفيذ الهجوم المضاد للقوات الأوكرانية، ضد القوات الروسية، على عدة محاور, وقد "تم التخطيط لتنفيذ الهجوم في عدة محاور، ويعتمد موعد التنفيذ على اللحظة الأكثر ملاءمة، وقرار هيئة الأركان العامة، إضافة إلى الأحوال الجوية، ففي فصل الربيع تكون الأراضي رطبة جدا، وأتوقع أن نشن الهجوم في شهري نيسان أو ايار".
بموازاة ذلك , ولإعطاء معنويات كاذبة للأوكرانيين , يتواصل ضخ السلاح من كل الانواع الى الفاشيين الاوكرانيين , في وقت اعلن أمين عام حلف الناتو، ينس ستولتنبرغ، بأن دول الحلف أمدت أوكرانيا بأسلحة ومعدت عسكرية قيمتها بـ 65 مليار يورو، منذ بدء الصراع. وقال قبيل اجتماع رؤساء وزارة خارجية دول حلف الناتو في بروكسل: "نحن مصممون على مواصلة دعم أوكرانيا، وتعمل دول الحلف على صياغة خطة لتقديم الدعم لأوكرانيا، لعدة سنوات، ورحب ستولتنبرغ ببدء تسليم الدبابات الغربية والمركبات المدرعة الأخرى إلى أوكرانيا، معتبرا أن "هذه الإمدادات يمكن أن تغير الوضع على الجبهة". كما أعلنت الإدارة الأمريكية أنها ستقدم حزمة جديدة من المساعدات العسكرية لأوكرانيا خلال ايام دون الكشف عن أنواع الأسلحة والمعدات، تحضيرا لهجوم الربيع .
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، جون كيربي،: "بلا شك سترون المزيد من حزم المساعدات العسكرية لأوكرانيا. على الرغم من تصاعد الاصوات داخل الولايات المتحدة, ضد ما تقوم بها الادارة الاميركية واخرها ما اعلنته عضو الكونغرس الأمريكي عن حزب المحافظين، مارجوري تايلور غرين، إن على الولايات المتحدة أن تسعى لتحقيق السلام في أوكرانيا، عوضا عن تمويل حرب بالوكالة ضد روسيا. وقالت: "أن أوكرانيا ليست عضوا في حلف الناتو، ولا حتى إحدى الولايات الـ 51 للولايات المتحدة، حتى تنخرط في الدفاع عنها بهذا الشكل".
في الواقع تتنافس الدول الدائرة في التبعية للولايات المتحدة على تقديم الاسلحة , ولا سيما تلك التي حررها الجيش الاحمر السوفياتي من براثن النازية ,واهمها بولندا الحالمة بدور اقليمي على انقاض اوكرانيا بعد ان تمزقها الحرب , وهي لا تخفي مآربها ,وقد أعلنت بولندا أنها سلمت عدة مقاتلات من طراز "ميغ-29" إلى كييف, دون ان تعلن عن العدد, وقال مارسين بريداتش، رئيس قسم السياسة الدولية في مكتب الرئاسة البولندية لتبرير العون القاتل: أن بولندا بطبيعتها تعتزم إخراج هذه المقاتلات من الخدمة في المستقبل القريب، مضيفا أنها مقاتلات تم إنتاجها في فترة ما بعد الاتحاد السوفيتي وكان ينبغي استبدالها في السنوات القليلة المقبلة. وطبعا ترجمة لوعود اميركية ببيع, وليس منح بولندا اسلحة من انتاج اميركي ,كما أعلنت وزارة الدفاع السلوفاكية أنها سلمت أوكرانيا 4 مقاتلات "ميغ 29" من 13 مقاتلة، كانت قد تعهدت بها سلوفاكيا لقوات كييف.
ان معركة الربيع التي يراهن الغرب بقيادة الولايات المتحدة وملحقاته, ستكون مدمرة في حال استمرت سلطات فلاديمير زيلينسكي بالخضوع لأهواء واشنطن، وسيكون ربيع اوكرانيا والحلف الاطلسي عموما اشد اسودادا ليس فقط على مستوى الحرب, وانما على النظام العالمي الذي بنته واشنطن, وهو يلفظ انفاسه الاخيرة, لان روسيا لن تسمح, وهي قادرة بقوة ,على سحق اي هجوم مع تحذيراتها المستمرة بان إمداد دول حلف الناتو لأوكرانيا بالأسلحة، "لعبا بالنار"، وتحريضا يؤجج الأزمة، ويقوض فرص السلام، وقد يؤدي إلى نشوب حرب نووية.