كرسي بعبدا، بين رئيس من كوكتيل سياسي، أو جليس بلا نكهة! ــ أمين أبوراشد

الثلاثاء 04 نيسان , 2023 09:28 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

وقائع زيارة المرشح سليمان فرنجية الى باريس، واللقاء بالمستشار الرئاسي الفرنسي باتريك دورويل، لا يبدو أنها أثمرت عنباً أو قد تقطر دبساً، سيما وأن تذكرة الذهاب إلى باريس لا تحمل في الإياب محطة هبوط في الرياض، ولا نتائج الزيارة سوف تمنح تأشيرة قريبة لفرنجية الى المملكة، ومعظم الأسئلة التي طرحها دورويل على فرنجية أتت من باب تقريبه الى بوابة بعبدا برضى سعودي أو على الأقل عدم اعتراض عليه.

ومشكلة أصدقاء لبنان سواء الدوليين منهم أو الإقليميين، أنهم من منطلق المساعدة لبلوغ الاستحقاق الرئاسي بنجاح، يتعاملون مع المرشحين وكأن لبنان يعتمد النظام الرئاسي، وأن أي مرشح لكرسي بعبدا مُلزم ببرنامج عمل يستطيع تطبيقه، ويتغافلون عن ما أحدثه الطائف بصلاحيات الرئيس، الممنوع عنه وضع هكذا برنامج أو خطة لولايته، ودليل التغافل حصل مع فرنجية في باريس، أن يُسأل الرجل عن تصوره للاستراتيجية الدفاعية ونزع السلاح، أو عن خطة ضبط الحدود اللبنانية السورية، وهي من المسائل الكبرى التي عجزت عنها كل طاولات الحوار.

وقد بالغ البعض في التفاؤل، أن التقارب السعودي الإيراني رفع من أسهم باريس في فرض مرشح كوكتيل يًرضي "المُعسكرين الإقليميَّين" من حيث مواقفه الإعلامية على الأقل، لأن الورقة اللبنانية في ملفات هذا التقارب هي في "الكعب" عن قصد، وموضوع سلاح المقاومة قبل أن يُسأل عنه أي مرشح رئاسي لبناني، يجب مقاربته من النظرة الإقليمية للكيان الإسرائيلي، فلا المملكة على طريق التطبيع معه، ولا إيران أسقطت عن "إسرائيل" صفة ربيبة الشيطان الأكبر.

وليس سليمان فرنجية وحده دون سائر المرشحين السياسيين، قد يرسب في أي امتحان دولي أو إقليمي أو داخلي، لأن ظروف تجاوز عتبة الامتحان تتطلب رئيس كوكتيل من نوعٍ آخر، مطلوب منه بحكم موقعه الحالي أن يُرضي الغالبية مثل العماد جوزف عون، أو أي مايسترو يُجيد العزف على الأوتار الهادئة مثل زياد بارود، أو يُجيد التموضع السياسي المرِن مثل ناجي البستاني، لكن الشارع اللبناني بات يُشبه الشارع الفرنسي في أواخر أيام الزعيم الراحل شارل دي غول عندما عجِز عن إرضائه وقال عبارته الشهيرة: "كيف لي أن أحكم شعباً يتذوَّق 600 نوع من الجبنة؟!".

وإذا كان الرئيس "الكوكتيل" مُختَلف عليه ويبدو ثقيلاً على معدة هذا الفريق السياسي من اللبنانيين أو ذاك، فإن فريقاً يجد في مرشح تحدي مثل جبران باسيل أنه ليموناضة بترونية "حامض زيادة"، والرجل أصلاً لم يُرشِّح نفسه، وفريق ثالث يعتبر مياه بحيرة بنشعي تسبب له عُسراً في هضم مرشح تحدٍّ آخر، ويبقى هناك فريق مسيحي يفطر على صيام الآخرين، ولا شيء لديه يخسره طالما أنه يعرف بأنه لن يفطر في بعبدا يوماً، رغم انه أقام في رمضان الماضي إفطاراً عند الظهر ووجد من يجلس الى مأدبة إفطاره.

وإذا كانت مشكلة القيادة الوطنية للجيش، أنها باتت غالب الأحيان الملاذ لحل مشكلة إملاء الشغور الرئاسي، فإن مدرسة الرئيس اللواء فؤاد شهاب قد ولى زمانها في زمن المحاصصة، وتجربة الرئيس العماد إميل لحود المؤسساتية أثبتت ذلك، وتجربة الرئيس العماد ميشال عون قوَّضت فقط أركان المزرعة، ولم يسمح شركاء الحكم أنفسهم لا لإميل لحود ولا لميشال عون ببناء دولة، وربما الأمر بات يستوجب استراحة ما بعد العهدين برئيس جليس يشبه الرئيس العماد ميشال سليمان، يكتفي بما تركه له الطائف من صلاحيات، أو رئيس ذو وجه غير سياسي بلا لون ولا نكهة، لتقطيع الوقت بعناوين اقتصادية تشبه بريق صندوق النقد الدولي، والانتظار على وقع عزف حفَّارة توتال في عرض البحر، وليس هناك أكثر من الجياع المنتظرين على الشاطئ اللبناني سمكاً من بحر ولا أمل بالعوم سواه، ووحدها توتال قادرة يوماً على تعويم وطن، كفاه الوقوف على أبواب الآخرين، وآخرها الطائف والدوحة وباريس...


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل