أقلام الثبات
تمر "اسرائيل" بفترة حرجة جداً في تاريخها، حيث تستمر الاحتجاجات المستمرة منذ ثلاثة أشهر ضد ما يسمى قانون "إصلاح القضاء" الذي طرحته حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة. وحذّر العديد من أن هذه الاصلاحات سوف تؤدي الى تحوّل "اسرائيل" الى الديكتاتورية، واعتبر رئيس المحكمة العليا السابق القاضي المتقاعد أهارون بارك، أن تقويض المحكمة العليا هو "بداية نهاية الهيكل الثالث"، وهو تعبير توراتي لوصف زوال “اسرائيل”.
خطورة هذه الاصلاحات بالنسبة للإسرائيليين، أنها:
- ستسمح هذه الاصلاحات في حال إقرارها بفرض يسمى "قانون التغلب" وإلغاء قانون سابق يسمى "امتحان المعقولية"، وهذا القانون الاخير الذي كان يسمح للمحكمة العليا بمراجعة وإلغاء قرارات حكومية وبرلمانية حتى وإن كانت منصوصة ومدعومة بقانون شرعه الكنيست.
- وسيسمح القانون بإلغاء قرارات المحكمة من خلال تصويت أغلبية عادية في الكنيست (61 عضواً) على قراراتها.
- ستؤدي تلك الاصلاحات الى تقويض الجهاز القضائي والمحكمة العليا وتسمح بإلغاء محاكمة أي وزير أو نائب في الكنيست وتعطيه حصانة سياسية خلال فترة توليه منصب سياسي.
- ستؤدي الى تسييس القضاء عبر تمكين الحكومة والأحزاب السياسية من التحكم في لجنة اختيار القضاة في المحاكم "الإسرائيلية".
- سيسلب القانون الجديد الأدوات الرقابية التي تتمتع بها المحاكم على السلطتين التشريعية والتنفيذية، وسينزع الأدوات القانونية التي تمكن القضاة من الدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان.
- ستمكّن الاصلاحات الحكومة من تشريع قوانين تتعلق بتوسيع وشرعنة البؤر الاستيطانية وفرض القوانين ""الإسرائيلية في الضفة الغربية، ووضع اليد على مناطق "ج" (أكثر من 60% من أراضي الضفة الغربية).
- ستعطي صلاحيات واسعة للمحاكم الدينية اليهودية، عبر اعتماد تشريعات تحتكم إلى التوراة في المجالات الحياتية اليومية والحدّ من مظاهر العلمانية.
بالرغم من رفض العديد من القوى السياسية والنقابية والاعلامية والشعبية هذا القرار، لكن العناد السياسي استمر. تشكّل هذه الاصلاحات بالنسبة لنتنياهو مسألة "حياة أو موت" لأنه يُحاكم منذ أعوام بتهم "فساد وخيانة الأمانة"، ولزميله في الحكومة وزير الداخلية- رئيس حزب "شاس" اليميني المتطرف – المدان من المحاكم "الاسرائيلية" بملفات فساد ومخالفات ضريبية، لذا هما مستعدان للذهاب بعيداً في الاصرار على تلك الاصلاحات حتى لو أدّت الى حرب أهلية داخل "اسرائيل".
المفترق الأساسي الذي سيؤدي بالأزمة الى تحوّلات هامة ومصيرية هو تمددها الى داخل الجيش الاسرائيلي الذي بات يعاني من حالة عصيان بعد دخول عناصر الجيش والاحتياط في هذا الصراع، بالإعلان عن رفض الخدمة العسكرية ورفض المشاركة في التدريبات وغير ذلك.
بالنتيجة، في "دولة حربية" قائمة على القوة، يعتبر موقف الجيش الاسرائيلي والمؤسسة الأمنية حاسمين، لذا من المتوقع أن تقف “اسرائيل” منذ الآن فصاعداً، على مفترق طرق هو الأخطر في تاريخها، إذ أن تفكك الجيش يعني حتماً تفكك “اسرائيل” - "الدولة والكيان".