أقلام الثبات
رغم كل التهويل "الإسرائيلي" بإمكانية شن حربٍ على محور المقاومة في المنطقة، أو ضربةٍ للبنان تحديدًا، بعدما نسجت الأجهزة الأمنية "الإسرائيلية" روايةً، أعلنت فيها "تسلل" مقاومٍ من الأراضي اللبنانية إلى العمق الفلسطيني، لتنفيذ عمليةٍ فدائيةٍ، تستهدف الكيان الغاصب. ولكن من دون أن تفصح الأجهزة المذكورة عن هوية هذا المقاوم، التي ادعت أنها قتلته، ثم عادت لتسحب هذه الرواية من التداول الإعلامي. فربما كانت مجرد محاولةٍ إسرائيليةٍ لتصدير الأزمة الراهنة وغير المسبوقة التي يعانيها "الكيان" الذي يشهد منذ أكثر من شهرين مظاهرات متصاعدةٍ أسبوعيًا، للضغط على الحكومة للتراجع عن خطط تقليص صلاحيات "القضاء الإسرائيلي" لمصلحة السلطتين التشريعية والتنفيذية. وتعقيبًا على ذلك، يرجّح مرجع في العلاقات الدولية، أن المنطقة بأسرها متجهة نحو مرحلةٍ جديدةٍ من الاستقرار، خصوصًا بعد عقد "اتفاق بكين"، الذي أفضى إلى عودة العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية، في غضون أسابيعٍ، فحتماً سيكون له انعكاساتٍ إيجابيةٍ على مجمل الأوضاع في المنطقة، وسيسهم في إراحة الأجواء فيها، التي قد تصبح مؤاتيةً في وقت قريبٍ، لحل مختلف القضايا العالقة، كانتخاب رئيس جمهوريةٍ في لبنان.
ويجزم أن الوضع بعد توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والكيان "الإسرائيلي"، لن يكون كما كان عليه هذا الوضع قبل التوقيع المذكور. أي لا عودة إلى الأعمال الحربية على الحدود اللبنانية- الفلسطينية، ودائمًا برأي المرجع. ويختم بالقول: "العمل جارٍ على التنقيب عن الغاز الطبيعي في المتوسط، لاستخراجه ثم بيعه، ولن يتم ذلك إلا في أجواءٍ مستقرةٍ أمنيًا، كذلك لن تغامر شركات النفط في الذهاب إلى مناطق قد تشهد نزاعاتٍ حربيةٍ". ولاريب أن الأجواء الإيجابية المذكورة آنفًا، ستنعكس إيجابًا على العلاقة الثنائية السورية- السعودية الدافئة راهنًا، على حد تعبير الرئيس السوري بشار الأسد في الأيام القليلة الفائتة. على أن تحذو حذو العلاقة المستجدة بين طهران والرياض.
هنا، ترجّح أوساط مراقبة عودة العلاقة بين دمشق والرياض، عقب عودة العلاقة الدبلوماسية رسميًا بين إيران و"المملكة"، وانتظار ردود الأفعال الأميركية على التقارب الإيراني- السعودي، برعاية الصين، وبدعمٍ من روسيا، معتبرةً أن أي ردٍ فعلٍ أميركيٍ على التقارب المذكور، قد يظهر عملانيًا في الأسابيع المقبلة، أي قبل إعادة افتتاح السفارتين في طهران والرياض، ودائمًا برأي المصادر. وفي السياق عينه، يلفت باحثون في العلاقات الدولية، أن توقيت إعلان اتفاق عودة العلاقات الدبلوماسية بين طهران والرياض، جاء في وقتٍ، تركّز فيه الولايات المتحدة اهتمامها على الحرب الأطلسية- الروسية في أوكرانيا، وكذلك محاولة تطويق التمدد الاقتصادي الصيني في العالم. كذلك يشير الباحثون إلى أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، تريد إبقاء "الستاتيكو" القائم في المنطقة على ما هو عليه راهنًا، ووسط هذه الأجواء، جاء إعلان الاتفاق المذكور أعلاه من بكين.
وفي الوقت عينه، تؤكد أوساط عليمة أن في حال كان أي طرفٍ من الأطراف الدولية والإقليمية يعقد آماله على تراجع العلاقات السورية- الإيرانية، لكسب ود أي جهةٍ كانت، فهو واهم، على حد تعبيرها. وتلفت إلى أن دمشق غير مستعجلة على إعادة علاقاتها مع أي طرفٍ، وهذا الأمر عبرّ عنه الرئيس الأسد خلال زيارته لموسكو أخيرًا. وعن العلاقات اللبنانية- السورية، تجزم الأوساط أن دمشق متمسكة بالحفاظ على استقرار لبنان، وتؤيد إجماع اللبنانيين على مختلف الشؤون، تحديدًا الشأن الرئاسي اللبناني.