من البيان الصادر عن المديريـة العامة لقــوى الامن الداخلي ـ شعبة العـلاقات العامة يوم 20-2_2023، حول اختطاف الشيخ أحمد الرفاعي في مدينة طرابلس، نقتطع هذه الجزئية:
"في ضوء الظروف التي تعيشها البلاد من أزمات وتوترات، كان لهذا العمل أثر سلبي كبير أثار الذعر بين المواطنين، خصوصا بعد ان بدأت وسائل التواصل الإجتماعي بتناقل الخبر في إطار طائفي وتحريضي وتوجيه اتهامات الى أطراف سياسية وأجهزة أمنية، ما زاد التشنج العام في البلاد".
أما وقد تكشَّفت ظروف خطف وقتل المرحوم الشيخ الرفاعي، يؤسفنا القول رغم هول الجريمة، أن اللبنانيين قد تنفسوا الصعداء، بعد الإعلان عن أسماء المجرمين، وأنهم من نفس بلدة المغدور ومن نفس العائلة والأهم أنهم من نفس الطائفة، لأن ما حصل من فحيح طائفي خلال الفترة ما بين اختفاء الشيخ واكتشاف مقتله والقبض على القتلة، كاد يُشعل لبنان بوقود من "السموم الجاهزة" على الدولة وأجهزتها الأمنية، خصوصاً الأمن العام، وعلى مَن تعتبرهم بعض الوجوه التكفيرية أنهم خصومها وفي طليعة المستهدفين الدائمين هو حكماً حزب الله!
ممتاز بيان قوى الأمن، بالإضاءة على حقيقة عديمي المسؤولية والوطنية في إطلاق ما يسمى في لبنان الاتهام السياسي، وهو في حقيقته رمي حرام، لكن السلطات الأمنية والقضائية ليست مهامها الاكتفاء بالبيانات والتغريدات، أسوةً بالناعقين من سياسيين وإعلاميين، وبعض رجال الدين مع الأسف، بل أقل الإيمان في بلدٍ لا تُطبَّق فيه عقوبة الإعدام وقطع رؤوس المجرمين، أن تُبتر فيه أيدي العابثين بالأمن الاجتماعي وألسُن الناعقين من السياسيين وهم معروفون بالاسم ومن كل الطوائف، سواء عبر بخّ السموم الذي يتقنه أمثال النائب السابق خالد الضاهر في التصويب الدائم على فريق معيَّن، أو تبييض الطناجر الذي يتقنه السيد سمير جعجع في اتصاله بالمفتي دريان تضامناً !
أبرز ما ورد من ردود أفعال عاقلة، ما ورد في تصريح أحد أقرباء الشيخ الراحل، في تساؤله عن سبب عدم اتخاذ القوى الأمنية تدابير استباقية، كانت ستحول دون وقوع الجريمة، وهنا بيت القصيد في إمكانية تلافي العديد من الجرائم والارتكابات الناتجة عن الفلتان الأمني و"الغشيان" القضائي على مستوى لبنان، سواء في جريمة خطف وقتل الشيخ الرفاعي، أو في خطف المواطن ميشال مخول الذي أنقذته قوة من الجيش اللبناني من خاطفيه في بريتال.
في قضية الشيخ الرفاعي، عدَّد قريبه أحداث إطلاق النار ومحاولات الاعتداء التي ارتكبها الفريق التابع لرئيس بلدية القرقف عبر سنوات، وأن الخلاف مع الشيخ الرافعي تعود أسبابه الى تعدي رئيس البلدية على الأملاك العمومية سواء كانت ملكاً جمهورياً أو بلدياً وهي ما تعرف بالأراضي المشاع، فأين القوى الأمنية وأين القضاء من الشكاوى التي قُدِّمت بحق المعتدين، على أملاك عمومية لو تمّ البتّ بها لما تطورت الأمور، وربما لما وقعت جريمة نتائجها على البلدة ستتوارثها أجيال وهذا ما نعنيه بالأمن الاستباقي.
في قضية المواطن ميشال مخول الذي عُثِر عليه مخطوفاً في بلدة بريتال، نتساءل دون أن نعمم ونظلم هذه البلدة، كم من آلاف مؤلفة من محاضر سرقة سيارات وتجارة ممنوعات وابتزاز مواطنين ترتكبها عصابات عاصية على الدولة باسم هذه البلدة، وإلى متى سيبقى الجيش اللبناني وقود المحرقة في أحداث أمنية هي بالدرجة الأولى تستوجب أمناً استباقياً، يستلزم "اجتياح" بؤر ارتكاب الموبقات وكل انواع الجرائم؟
في الخلاصة، ليست الجنايات والجنح التي باتت ربيبة الغياب الأمني والموت السريري القضائي في لبنان، وحدها التي تُهدد بكوارث على الأمن المجتمعي، بل هي حُثالة السياسيين والإعلاميين التي تسكب الزيت على كل نار، وواجبنا التحذير من أن مرور جريمة من هنا وجنحة من هناك، لا يعني أن غياب قطع رأس كل مجرم وبتر يد كل سارق وخاطف، يعفي أصحاب ألسُن الفتنة من المحاسبة ببتر ألسنتهم قبل وقوع المحظور عندما يغلي الشارع المستهدف ظلماً من شارعٍ آخر، ويسقط الجميع في محاذير معارك طائفية لن تكون لها نتائج سوى أنهار من دماء...