أقلام الثبات
التطوّرات المتلاحقة بمضامينها الساخنة التي طبعت شهر شباط هيّأت المنطقة والعالم على ما يبدو لربيع ساخن.. فما بين التحذيرات الناريّة التي وجّهها الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله صوب الأميركي من مغبّة دفع لبنان الى الإنهيار الشامل وتهديده بنقل الفوضى المنطقة بأسرها، وتلويحه بعصا الحرب ضدّ "اسرائيل"، جاء خطاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين برسائله الناريّة صوب الأميركي ايضا ومن خلفه حلف" الناتو" يوم الخميس الماضي في "يوم الدّفاع عن الوطن"، وعشيّة انقضاء عام على بدء العملية العسكرية الروسية في اوكرانيا، والذي اكد فيه على تعزيز "ثالوث روسيا النووي" وإعلانه انّ العام الحالي سيشهد دخول اولى منصّات منظومة "سارمات" الصاروخية الخدمة القتاليّة ، لتُلحَق رسائل القيصر بتهديدات غير مسبوقة على ألسنة القادة العسكريّين الإيرانيين، ذُيّلت اوّل امس الإثنين بتحذير اللواء غلام علي رشيد من "ايّ دعم اميركي لإسرائيل ضدّ ايران لأنّ حياة الجنود الأميركيين في المنطقة ستكون في خطر".. ليبدو انّ مرحلة حافلة بالأحداث والتطوّرات الهامّة باتت بانتطار الإقليم وصولا الى المواجهة المستعرة بالوكالة بين روسيا وحلف "الناتو" في اوكرانيا، سيّما بعد اعلان طهران عزم تزويد سورية بمنظومة "15 خرداد" الصاروخية المتطورة ورادارات وقنابل دقيقة، في خطوة تلقّفتها "اسرائيل" على الفور حيث دقّت وسائل اعلام عبرية "جرس الإنذار " من مغبّة ان تكون المنظومة الصاروخية قد وصلت فعليا الى سورية!
مع دخول المواجهة الروسيّة-الأطلسيّة الدائرة بالوكالة في اوكرانيا عامها الثاني، دخلت عوامل اضافيّة على خطّ الصراع المحتدم.. فمن بوّابة المناورات المشتركة مع روسيا التي انتهت بداية شهر شباط المنصرم "تحسُّبا لأي اعمال استفزازية من الجانب الأوكراني"، المح الرئيس البيلاروسي الى احتمال دخول بلاده المباشر في المواجهة، ليأتي العامل الثاني البارز بدخول "اسرائيل" ايضا على خطّ هذه المواجهة بعد فترة "التحفّظ" ازاء تموضعها العلني الى جانب اوكرانيا وحليفها الأميركي، واعلانها في اكثر من مناسبة عدم نيّتها توريد اسلحة الى كييف تجنّبا لإغضاب الرئيس بوتين.. قبل ان تُظهر تموضعها اخيرا بشكل واضح الى جانب اعداء القيصر وتسدّد ضربتها في المرمى الروسي، عبر تصويتها- خلال اجتماع خاص للأمم المتحدة يوم الاربعاء الماضي، لصالح انسحاب روسيا "فورا" من اوكرانيا، ووعدها بتوسيع دعمها العسكري لكييف، متجاوزة التحذيرات الروسيّة الناريّة من مغبّة توريد اسلحة الى اوكرانيا-خصوصا منظومة "القبة الحديدية"، والا فإنّ هذه الخطوة تعتبرها موسكو "تجاوزا للخطّ الأحمر"، وتداعياتها ستكون كبيرة!
لا يختلف اثنان على انّ الحرب الأوكرانية تسبّبت بشقوق واضحة في جدار العلاقة بين موسكو وتل ابيب، في مقابل تمتين العلاقة الروسيّة-الايرانية الى حد كبير.. وتؤكد تقارير روسيّة انّ اجهزة الاستخبارات الروسيّة رصدت وصول بطارية "القبة الحديدية" فعليا الى كييف بعد تزويد الأخيرة بمعدات عسكرية ورادارات عبر دولة ثالثة، كما انخراط مجموعة من الضباط "الاسرائيليين" في غرفة عمليات يديرها "الناتو" قرب منطقة لفيف على الحدود البولندية- الأوكرانية..لتأتي الخطوة المضادة سريعا في رسالة بدت منسّقة مع موسكو- تحديدا بعدما وصل الاستفزاز "الإسرائيلي" الى حدّ الضرب في قلب العاصمة السوريّة ما اسفر عن استشهاد مدنيين في توقيت انهماك الدولة السورية في لملمة تداعيات الزلزال المدمّر..
الضربة "الإسرائيلية" في قلب العاصمة السورية والتي تجاوزت كل الخطوط الحمر ووضعت هيبة الدولة السورية وحلفائها على المحك، حرّكت على الفور اتصالات على اعلى المستويات بين دمشق والحلفاء- حسبما اكدت معطيات صحفية، لتفضي سريعا الى الزيارة اللافتة التي قادت وفدا من قادة القوات الجويّة السورية الى طهران يوم الاربعاء الماضي للقاء وزير الدفاع الايراني العميد محمد رضا اشتياني.. زيارةٌ حسمت امر ضرورة المبادرة الى تغيير قواعد الاشتباك مع "اسرائيل" في السماء السوريّة.
ولم يطل الامر حتى اعلن التلفزيون الرسمي الايراني يوم الجمعة الفائت، انّ طهران بصدد تزويد سورية بصواريخ ارض-جوّ لتعزيز دفاعاتها الجويّة ضدّ الضربات "الإسرائيلية"، وستُرفق برادارات وقنابل دقيقة للطائرات الحربية السورية.. ونشرت وكالة "تسنيم" الايرانية تسجيلا مصوّرا لمنظومة صواريخ "15 خرداد" المتطورة وعلّقت عليه" انها ستكون قريبا بحوزة الجيش السوري وستكون الشبح الذي يلاحق سلاح الجو "الإسرائيلي"..
خطوةُ لا شك تلقفتها تل ابيب سريعا وارست قلقا بالغا في اروقتها السياسية والأمنية وهو ما برز واضحا في مضامين وسائل الاعلام العبرية، التي ذهب بعضها الى التذكير بالطائرة الأميركية المتطورة "غلوبال هوك" التي اسقطتها منظومة "خرداد 3 " فوق مياه الخليج، وهي الطائرة التي تُعتبر من "أثمن" الطائرات المسيّرة الأميركية للتجسّس على الإطلاق، ومن ميزاتها تصوير مساحة تتجاوز ال 100 الف كلم مربع في يوم واحد، وارسال المعلومات الى البنتاغون في اقصى سرعة ممكنة، كما التحليق لمسافة 22 الف كلم دفعة واحدة.. حينها انبرى خبراء ومحللون عسكريون لمعرفة المزيد عن تلك المنظومة التي استطاعت "اصطياد" درّة الطائرات الأميركية المسيّرة بكلفتها الباهظة.. كان ذلك قبل ظهور منظومة " 15 خرداد" الى العلن، والتي ستصبح بعهدة دمشق، على مقربة من "اسرائيل"!
وفي حين سارعت صحيفة معاريف الى التصويب على "خطورة" الخطوة الايرانية تجاه الهجمات "الاسرائيلية" شبه المتكررة منذ سنوات الى الان على الاراضي السورية، نقل موقع "روترنيت" العبري عمّن اسماها "جهات امنيّة رفيعة المستوى"، انّ منظومة "15 خرداد" قد تكون اصبحت فعليا في سورية، فيما توقفت تقارير عبرية عند زيارة قادة من القوات الجوية السورية الى طهران عقب الهجمات "الاسرائيلية" على دمشق، موضحة" انّ قرارا سوريّا-ايرانيّا قد تمّ حسمه حيال تغيير قواعد الاشتباك مع "اسرائيل" في السماء السورية، وحصل بضوء اخضر روسي.
وعليه، بات الجميع يترقّب مرحلة "ما بعد وصول التعزيزات الصاروخية المتطورة الى سورية، في وقت تشخص الانظار الى الازمة الداخلية التي باتت تتهدّد جديا الكيان "الإسرائيلي" بحرب اهلية حدت باللواء احتياط في الجيش "الإسرائيلي" عاموس يادلين للقول" يجلس نصرالله ويدعو الى بيت العنكبوت2 ..هم ليسوا بحاجة لتطوير صواريخ دقيقة لأننا نتآكل من الداخل".. قبل ان يحذّر رئيس الشاباك السابق يوفال ديسكين اليوم، من "انّ اسرائيل قد تصل الى حرب اهليّة في غضون اسابيع".. هذا وسط العمليّات الفلسطينية المقاوِمة وضرباتها الموجعة التي تقضّ مضاجع المسؤولين كما شرائح المستوطنين في الكيان، على وقع التظاهرات الحاشدة التي لا تهدأ منذ اسابيع ضدّ حكومة نتنياهو، والذي قد لا يجد مفرّا من خطورة المأزق الذي وصل اليه حال الكيان، سوى تصديره الى الخارج..
امرُ يتحسّب له محور المقاومة جيدا خصوصا بعد خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله "الناري" الأخير، "وحيث وصل التجهّز العسكري في صفوف قادة المحور على امتداد المنطقة الى اعلى مستوياته"- وفق تلميح شخصيّة صحافية لبنانية مقرّبة من المقاومة، لم تستبعد "حركة داخليّة مضادّة" ردّا على احتمال تنفيذ حدث امني كبير في لبنان بإيعاز اميركي، ومرجّحة"اقتراب "هدف جوّي ذهبي" في سماء فلسطين المحتلّة!