أقلام الثبات
بغض النظر عن موعد وصولها, وتموضعها على الأرض, إلا أن منظومات الدفاع الجوي المصنعة في إيران من طراز( خورداد -15), سوف تنشر على الأرض السورية نتيجة اتفاقات بين طهران ودمشق توصلت إليها اجتماعات بين مسؤولين عسكريين رفيعي المستوى في الجيش العربي السوري بمن فيهم وزير الدفاع علي محمود عباس، ومسؤولين إيرانيين خلال زيارة جرت مؤخراً إلى إيران، وكانت النتيجة التي توصل خلالها الجانبان "اتفاق لتصدير طهران معدات الدفاع الجوي والحرب الإلكترونية إلى سوريا لمواجهة الهجمات الجوية الإسرائيلية المتكررة". وفق تقارير إيرانية معلنة.
بلا شك أن سوريا تحتاج إلى إعادة تشكيل شبكة دفاعها الجوي وتطلب قنابل موجهة دقيقة لمقاتلاتها. خصوصاً أن منظوماتها الدفاعية في هذا المجال تضررت كثيراً خلال الحرب الإرهابية على سوريا، التي قادتها الولايات المتحدة وأعوانها الغربيين في حلف الناتو, وبمشاركة عربية, ولا سيما خليجية واسعة, وهي الحرب التي كانت تكبل يدي دمشق في الرد على الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة بحيث أحصي نحو أربعين عدواناً جوياً منذ مطلع العام 2022.
إن تزويد سوريا بالرادارات والصواريخ الدفاعية مثل نظام "15 خورداد" لتعزيز الدفاع الجوي السوري سوف يشكل تطوراً مهما في الصراع مع الكيان الصهيوني, بعدما أفشلت سوريا وحلفاؤها الحرب الضروس عليها منذ 12 عاماً وحتى الان, لا بل فان ما تتميز به المنظومات الدفاعية سوف يكون له تأثير محوري في الحرب القادمة بين محور المقاومة, والكيان الصهيوني المؤقت على أرض فلسطين. تتميز منظومة خورداد 15 بقدرات هامة على اكتشاف أهداف مختلفة، بما في ذلك الطائرات الحربية والطائرات بدون طيار، في نطاق 150 كيلومتراً، وتستطيع تتبعها على مدى 120 كيلومتراً، كما يمكنها أيضاً اكتشاف الأهداف الشبحية مثل "اف 35" التي زودت الولايات المتحدة إسرائيل بأسراب منها في نطاق 85 كيلومتراً، وضربها في مدى 45 كيلومتراً. كما ويمكنها إسقاط الأهداف بارتفاع أقصى يبلغ 27 كيلومترا وفي نطاق 75 كيلومترا (صياد -2) و120 كم (صياد – 3)، وهي تستخدم ثلاث منصات إطلاق، كل منصة بسعة 4 صواريخ من طراز صياد-2 وصياد-3. واللافت إمكانية تحميل واستخدام نوعين مختلفين من الصواريخ بمدى مختلف في منصة الإطلاق الواحدة, يختار المشغل الصاروخ المفترض استخدامه بحسب ارتفاع الهدف سيما أن سرعته تتراوح ما بين 5 الى 7 ماخ، ما يسهل عليه استهداف كل الطائرات الإسرائيلية (F-35 تصل أقصى سرعة لها الى 1.6 ماخ). ونشير هنا إلى إحدى مميزات صاروخ صياد – 3، وهو باحث الأهداف ARH، الذي يقوم بتوجيه الصاروخ بواسطة الرادار النشط، الذي هو عبارة عن جهاز إرسال واستقبال راداري (بعكس توجيه الرادار شبه النشط، والذي يستخدم فقط جهاز استقبال)، مع إلكترونيات تتيح له العثور على هدفه وتتبعه بشكل مستقل وبدقة أكثر، مع مقاومة للإجراءات المضادة الإلكترونية.
بالطبع هناك مزايا أخرى لهذه المنظومة, لا تقتصر أيضا على القدرة والقوة النارية المهولة ,وعلى التموه والحركة السريعة في إعادة التذخير- 5 دقائق-,لكن الرسالة الأهم في الإعلان عن وضعها في نطاق الجيش العربي السوري, تشمل الآتي:
1- ان سوريا استعادت جهوزيتها للمواجهة , مع العدو الأول الذي ما زال يدعم الإرهاب , ويحرك بعض فصائله في سوريا الى جانب الولايات المتحدة , وما يسمى التحالف الدولي , أي تشكيلات حلف الناتو .
2- ان محور المقاومة استعاد امساك زمام المبادرة رغم الحرب السياسية والاقتصادية والإعلامية – التضليلية الذي تستهدفه في كل الأماكن .
3- التكامل الفعلي بين مكونات محور المقاومة , مع ميزة كل موقع من حيث الجغرافيا , والموجودات التسليحية , وفي هذا السياق يمكن أيضا ادراج خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله , بالاقتصاص من الكيان الصهيوني اذا امسكنا الاميركيون من اليد التي تؤلم شعبنا. وهي أيضا رسالة واضحة على الجهوزية للمواجهة مهما كان الثمن , وسيكون حتما مكللا بالنصر.
4- ان المواجهة التي كانت تتأجل منذ سنوات , مع زيادة الاعداد لها , سواء من الكيان الصهيوني الذي راهن على اسقاط محور المقاومة عبر الإرهاب والحرب على سوريا, واستنزاف ايران في سوريا، واستهداف ايران تكرارا والعمل على تشويه المقاومة في لبنان وحزب الله تحديدا , وقد فشلت جميعها ,او من محور المقاومة الذي ازداد صلابة سواء من حيث القدرات التسليحية او البشرية دون ان يكون غافلا عن خطة الاستنزاف، التي تستهدفه .
5- ان احتمال قيام العدو بشن حرب مباغتة ,يحتاجها لترميم وضعه المأزوم داخليا الى الدرجة التي تحيق به للمرة الأولى منذ انشأئه,ستكون انعكاساتها حتما مدمرة عليه , وبها يكتب اول سطور نهايته التي يتحدث عنها قادته على كل المستويات .
6- ان الظروف الدولية مع دخول الناتو برجليه وعن سابق تصور وتصميم في مواجهة روسيا , واستنزاف أوروبا بذريعة دعم أوكرانيا , لن تساعد الكيان الصهيوني في حال اقدم على مغامرة يتمناها الأكثر إرهابا ودموية في الكيان وعلى رأسهم بنيامين نتنياهو الذي يتهم بالخائن من معارضيه وانه يأخذ "إسرائيل " الى الهاوية .
بلا شك ان تموضع منظومات "خورداد – 15 " في سوريا يقوي زمام المبادرة في يد محور المقاومة , اذ انه يلعب دورا محوريا في عرقلة عمل سلاح الجو الإسرائيلي ان لم يكن تحييده بنسبة عالية , ما يتيح للأسلحة الأخرى العمل بحرية اكبر في ضرب عصب الكيان العسكري باعتباره حقاً مشروعاً للحكومة السورية التي يمكنها اختيارالزمان والمكان المناسبين لذلك .