أقلام الثبات
تتشابك الملفات اللبنانية وتتعقد مع تمدد الفراغ الرئاسي وارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي ومع تباين المواقف الحزبية والسياسية حول الملفات المطروحة، وتعقّد الأمور نتيجة المصالح المتشابكة والمتضاربة للقوى السياسية المختلفة. وإذا كان المشهد يزداد خطورة على وقع الخوف من الفوضى والانهيار الاجتماعي والاقتصادي المتوقع نتيجة اضراب البنوك وانفلات انهيار الليرة اللبنانية في ظل معلومات عن عدم قدرة المصرف المركزي على التدخل، أو عدم رغبة لدى حاكمه بذلك، نجد أن خريطة تحالفات القوى السياسية قد خُلطت بحسب الموضوع والموقف السياسي، ونجد فيها ما يلي:
1- تحالف وثيق بين كل من الرئيس نبيه بري والرئيس نجيب الميقاتي، يرفده موافقة واضحة وتأييد من حزب الله. وهذا التحالف ينسحب على الملفات التشريعية والحكومية ومصرف لبنان والتعامل مع ملف رياض سلامة والملفات النقدية، واجتماعات الحكومة التي لا تحظى بموافقة العديد من القوى السياسية والجلسات التشريعية.
2- تقاطع في بعض الملفات بين التيار الوطني الحر وبعض قوى المعارضة، تنسحب هذه على رفض حضور الجلسات التشريعية وإن الأولوية هي لانتخاب رئيس جمهورية قبل أي شيء آخر، وبالرغم من التباين في بعض الملفات الاخرى.
3- تباين وتقاطع بين طرفي تفاهم مار مخايل: كان صريحاً قول السيد حسن نصرالله أن تفاهم مار مخايل يمر بفترة حرجة ويجب المحافظة عليه، وقبلها كان الطرفان قد أكدا ان التفاهم قائم طالما أراد الشريك بقاءه. وجاء كلام جبران باسيل خلال لقاء مع طلاب التيار الوطني الحر، ليتقاطع مع حزب الله في بعض الأمور، وليتباين معه في أمور أخرى. فمن ناحية التقاطع، رفض باسيل "مرشح الفوضى" الرئاسي واعتبره كمرشح "الدبابة الاسرائيلية" وفي هذا رسالة قوية وواضحة المضمون تتقاطع مع حليفه الذي رفض الفوضى وهدد الأميركيين بأن "إدخال لبنان بالفوضى لفرض شروط سياسية ورئاسية سوف يجعلهم يخسرون كل شيء في لبنان، وأن ذلك سوف يدفع الحزب الى نقل الازمة الى "اسرائيل".
وكان رئيس كتلة الوفاء للمقاومة الحاج محمد رعد قد اعتبر أن "هناك من يحاول تجويع اللبنانيين ولي ذراعهم عبر الفوضى وارتفاع سعر الصرف"، وتساءل " كيف يمكن لنا أن نتفق على رئيس يريده العدو ولا يريد غيره من أجل أن يستخدمه في تنفيذ تعليماته فيما بعد؟». وهكذا، يتقاطع الطرفان في اعتبار الفوضى مطلوبة خارجياً لفرض مرشح رئاسي، وبالتالي هم يرفضون السير بأي تسوية رئاسية تأتي نتيجة الفوضى المدبرة خارجياً.
لكن يتباين الطرفان في الموقف من حسم ملف رياض سلامة واجتماعات الحكومة، ومن ترشيح سليمان فرنجية، وهو ما أشار اليه باسيل أمس. وهكذا نجد ان المرحلة السياسية الحاضرة في لبنان تتسم بالتفاهمات "على القطعة" وأن التقارب والتباين بين القوى السياسية المختلفة بات بحسب الملف والقضية والمصلحة وغابت عنه التحالفات السياسية والايديولوجية، باستثناء تحالف أمل حزب الله الذي ينسحب على كل شيء وكل الملفات بغض النظر عن رأي الاطراف الاخرى.