السيرة النبوية || مكّة زمن البعثة وعند ظهور الإسلام .. (نشأة مكّة الجديدة وتنظيمها)

الأربعاء 15 شباط , 2023 11:29 توقيت بيروت التاريخ الإسلامي

الثبات – التاريخ الإسلامي

 

 

السيرة النبوية

 مكّة زمن البعثة وعند ظهور الإسلام

(نشأة مكّة الجديدة وتنظيمها)

 

كانت نشأة مكّة الجديدة على يد قصيّ بن كلاب، فهو الذي جمع قريشاً، وأسكنهم مكّة، وخطّ لهم الرّباع، فأنزل كلّ قوم من قريش منازلهم، واختطّ بنوه من بعده مكة رباعاً، فكانوا يقطنونها، ويبيعونها، وأقامت على ذلك قريش، ليس بينهم اختلاف ولا تنازع.

تملّك قصيّ على قومه وأهل مكّة، وكانت إليه الحجابة، والسّقاية، والرّفادة، والندوة، واللواء، وهو الذي أسّس دار الندوة لا صقة بالمسجد الحرام، وجعل بابها إلى مسجد الكعبة، وهي دار قصيّ بن كلاب، وهي دار الشّورى لقريش ودار الحكم والمجتمع في مكّة، فما تنكح امرأة، ويتزوّج رجل من قريش، وما يتشاورون في أمر نزل بهم، ولا يعقدون لواء لحرب قوم من غيرهم إلّا في خريطة مكة المكرمة هذه الدار، وما تدرّع جارية إذا بلغت إلّا في هذه الدار، يشقّ عليها فيها درعها (خمارها) ثم تتدرّعه، ثمّ ينطلق بها إلى أهلها.

وكان أمره في قومه في حياته ومن بعد موته كالدّين المتّبع لا يعمل بغيره، ولم يكن يدخل دار الندوة من غير بني قصيّ إلا ابن أربعين سنة، ويدخلها بنو قصيّ جميعاً، وحلفاؤهم كبيرهم وصغيرهم. وكانت دار الندوة خاصّة بهاشم، وأمية، ومخزوم، وجمح، وسهم، وتيم، وعديّ، وأسد، ونوفل، وزهرة، وهؤلاء عشرة رهط من عشرة أبطن.

وانقسمت المناصب بعد موته، فكان في «بني هاشم» السّقاية، وفي «بني أمية» العقاب راية قريش، وفي «بني نوفل» الرفادة، وكان في «بني عبد الدار» اللواء والسّدانة مع الحجابة، وكان في «بني أسد» المشورة.

لم يكن رؤساء قريش يتّفقون على أمر حتّى يعرضوه عليه، فإن وافقه ولّاهم عليه، وإلا تخيّر وكانوا له أعواناً، وكانت المسؤوليات موزّعة بين رجال من قريش، أقرّت لهم بالفضل وحصافة الرأي.

فكانت إلى أبي بكر الصديق- وهو من بني تيم- الأشنان وهي الديّات والمغرم، فكان إذا احتمل شيئاً، فسأل فيه قريشاً صدّقوه وأمضوا حمالة من نهض معه، وإن احتمل غيره، خذلوه.

وكان إلى خالد بن الوليد- وهو من بني مخزوم- القبّة والأعنّة- أما القبّة فإنّهم كانوا يضربونها ثم يجمعون إليها ما يجهّزون به الجيش، وأمّا الأعنّة فإنه كان على خيل قريش في الحرب.

وكان إلى عمر بن الخطّاب- وهو من بني عدي- السفارة، وذلك أنّهم كانوا إذا وقعت بينهم وبين غيرهم حرب بعثوه سفيراً، وإن نافرهم حيّ بمفاخرة جعلوه نافراً ورضوا به.

وكان إلى صفوان بن أمية- وهو من بني جمح- الأيسار، وهي الأزلام فكان لا يسبق بأمر هامّ حتّى يكون هو الذي يسيّره على يديه.

وكان إلى الحارث بن قيس الحكومة والأموال المحجّرة التي سموها لآلهتهم، وكانوا يتوارثون هذه المكارم كابراً عن كابر.

 

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل