الثبات - التاريخ
مكة المكرمة في زمن الرسول ﷺ
(الحالة الاقتصادية والعملة والمكاييل)
فاقت مكّة في التجارة، وأثرى كثير من أبنائها، وتضخّمت رؤوس أموالهم، يدلّ على ذلك أن عير قريش التجارية التي كانت عائدة من الشام عند غزوة بدر بلغت ألف بعير، وبلغ المنقول على أثقالهم خمسين ألف دينار، وكانوا يتعاملون بالعملة الرّومانية البيزنطية والعملة الإيرانية السّاسانيةK وكانوا يستعملون الموازين في أسواقهم والمكاييل، منها الصّاع، والمدّ، والرّطل، والأوقيّة، والمثقال، ويعرفون من مفردات أثقالها أنواعا كثيرة، وعندهم علم بالحساب اعتمد عليه القرآن في ذكر السّهام والفرائض.
أثرياء قريش
كانت بيوت وأسر اشتهرت بالثراء وسعة في المال، ورقّة في العيش، يمتاز فيها بنو أميّة وبنو مخزوم، وكان ممّن اشتهر في الثراء وجمع الأموال واقتنائها وتنميتها: الوليد بن المغيرة وعبد العزّى (أبو لهب) ، وأبو أحيحة ابن سعيد بن العاص بن أميّة، وهو الذي أسهم بثلاثين ألف دينار في القافلة التي كان يقودها أبو سفيان، وعبد بن أبي ربيعة المخزوميّ، واشتهر منهم عبد الله بن جدعان التيميّ الذي كان يشرب في كأس من الذهب، وكان يطعم عددا كبيرا من المساكين والجيعان، وكان العبّاس بن عبد المطّلب من أثرياء قريش، ينفق أمواله في الناس، ويتعامل بالرّبا، حتّى جاء الإسلام، وأعلن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلغاء الأموال الربويّة، وبدأ ذلك بعمّه العباس بن عبد المطلب، وأعلن في حجّة الوداع «وأول ربا أضعه ربا العبّاس بن عبد المطلب» .وكان منهم مترفون لهم مجالس سمر، ولهم أرائك منصوبة وموائد ممدودة، ونواد للشراب يلهون فيها ويسكرون، وكانت عامّة مجالس أشرافهم أمام البيت، ينشدون فيها الشعر، ويحضرها بعض كبار شعراء الجاهلية، مثل لبيد بن ربيعة صاحب المعلّقة المشهورة.
وقد ذكر أن عبد المطّلب بن هاشم كان يوضع له فراش في ظلّ الكعبة، وكان بنوه يجلسون حول فراشه، حتّى يخرج إليهم، لا يجلس عليه أحد من بنيه إجلالا له.