محاكمة هزلية محزنة لرئيس دولة .. جزر القمر منسية من العدالة الدولية ــ يونس عودة

الثلاثاء 07 شباط , 2023 10:03 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

في المحيط الهندي , تقع دولة عربية اسمها "جزر القمر",حوكم رئيسها محاكمة اقرب الى الصورية , شبيهة بمحاكم التفتيش التي لا تعتمد القرائن , وحصل الاتهام والحكم من دون أي الاخذ بالقوانين او المسوغات, في تطبيق خطير لرغبة السلطة الحاكمة, او غرائزها الانتقامية.

جزر القمر كدولة تتكون من اربع جزر كبرى وبضعة جزر صغرى , واحدى الجزر الكبرى واسمها "مايوت " لا تزال عمليا تحت الحكم الفرنسي وتوجد فيها قاعدة عسكرية فرنسية عاملة بعسكرييها وموظفيها , ولا يصل تعداد جزر القمر الى مليون شخص , يعيشون على الشح لعدم توافر ثروات باطنية , وحاول رئيس جزر القمر السابق أحمد عبد الله سامبي الذي حوكم بتهمة الخيانة العظمى أمام محكمة أمن الدولة بالسجن مدى الحياة وهي تهمة لم توجهها أصلا النيابة العامة, وهي جريمةغير موجودة في قانون جزر القمر كما ان تشكيل المحكمة نفسها مخالف للقوانين ودستور البلاد , حاول رفد خزينة الدولة ماليا من خلال اجراء قانوني اسمه".

برنامج المواطنة الاقتصادية وهو برنامج يتيح بيع جوازات السفر بسعر مرتفع للساعين للحصول على جنسية جزر القمر؛ وذلك بهدف توريد الأموال لخزينة الدولة.وهذا البرنامج معمول به في العديد من دول العالم ومن بين تلك الدول فرنسا وقبرص. وتم استخدام البرنامج الذي يُستقبل بموجبه عشرات الآلاف من "البدون" من دول الخليج الذين يُعتبرون مواطنين من الدرجة الثانية في وطنهم والمحرومون من وثائق الهوية، كوسيلة لملء خزينة الدولة.

بدأت محاكمة سامبي في الأصل بتهمة الفساد, والحصول على الأموال المتأتية من برنامج المواطنة الاقتصادية لكن فجأة ظهرت الخيانة العظمى، بعد ان عجزت السلطات نفسها من العثور على مستند واحد ,لكن "لم يعثر على أي أثر لهذه الأموال ولم يكتشف أي حساب لسامبي يبين حصوله على "مال حرام", وهو الرجل المعروف بتقواه ونزاهته ,كما ان جريمة الخيانة غير موجودة في قانون جزر القمر,والاغرب انه في متن الحكم يجرد سامبي المحبوب شعبيا من حقوقه السياسية والمدنية"، أي حقه في التصويت وتقلد مناصب عامة. لقد تم كشف احد فصول المسرحية اللاقانونية اثناء تركيب القضية وقبيل المحاكمة غير الشرعية ,عبر محاولة نظام غزالي عثماني، ويده اليمنى ذو الكمال، وهو رئيس لجنة التحقيق , والذي عمد الى تزوير تقرير لجنة التحقيق ونشره نيابة عن لجنة التحقيق، تقريرًا تضمن اتهامات خطيرة، وقد أكد ثلاثة أعضاء من تلك اللجنة إنهم لا يتفقون مع التقرير وأن هذا ليس التقرير الذي اتفقوا عليه أثناء العمل في اللجنة,اذ ان الثلاثي , وعبر وزير الزراعة عمدوا الى الاتصال برجل الأعمال بشار كيوان، للإدلاء بشهادة زور ضد سامبي،وهو اتصال موثق كتابة , ومن ثم بلقاء مصور, مع محاولة ابتزاز لكيوان وتهديده بالسجن اذا لم يتواطأ معهم ضد سامبي على خلفية اتهام له في قضية بجزر القمر .

ووفق تسجيل لوزير الزراعة مساديا ، فقد بدا المحادثة: "مرحباً سيد كيوان، السيد الرئيس يريد أن يراك عندما يأتي الى باريس. إذا وافقت على الشهادة ضد سامبي فسوف تحصل على عفو".

يجيب بشار: "أنا مستعد لمقابلة السيد غزالي [الرئيس]، لكن يجب أن تفهم أنني لا أستطيع الإدلاء بتصريح كاذب".

يرد مساديا: "سيد كيوان، سامبي سيحاكم بتهمة الخيانة العظمى مع أو من دون أقوالك، لكن لا يمكنك تجنب السجن إلا إذا أدليت بأقوالك".

ثم يرد بشار: "سيدي الوزير، لا يمكنني أن أكون جزءًا من مؤامراتكم. إفعل ما تريد ولكن من دون بيان مني. السيد سامبي رجل كبير وليس فاسدًا".ولن أعطي بيانًا كاذبًا ضد سامبي.

لقد جرى الحكم على الرئيس سامبي من محكمة لا شرعية , تستند الى وقائع عدة و تقارير مزورة هزلية , وتم الاعتقال 4 سنوات فيما القانون لا يجيز الاعتقال ولو كان تعسفيا لاكثر من سنة , وقد تزامن يوم الاعتقال مع تمديد غزالي ومجموعته فترة ولايته جراءاستفتاء مثير للجدل في 2018 أدى إلى تغيير الدستور. وأن عملية اعتقاله التي تمت من قبل وزير الداخلية وليس باستدعاء محكمة ,انما كانت بسبب معارضته تعديلات دستورية أُجريت بالفعل في العام نفسه لكي تمكن عثماني من الاستمرار في الحكم حتى عام 2029، وتسمح له بالترشح لفترتين رئاسيتين لمدة خمس سنوات للفترة الواحدة، فضلًا عن معارضة سامبي قرار الرئيس غزالي عثماني حل المحكمة الدستورية وانتهاك حقوق الإنسان والمعارضة السياسية.

ثم ان المحكمة غير عادلة وفاقدة الشرعية، وخصوصا مع اختفاء القاضي الذي تسلم القضية في الأصل وظهور قاضي قبيل الحكم ,لم يكن له علاقة بالملف , ويستند الى تقارير مزيفة. لا شك أن مثل هذه المحاكمات تستدعي استنفار المدافعين عن الحق والعدالة , خصوصا انها ظاهرة الأهداف اللاخلاقية في العمل السياسي ،ما يعكس إصرار النظام الحاكم في البلاد على تفريغ الساحة السياسية من أي منافسة سياسية للرئيس الحالي خلال الانتخابات المقبلة.أي بمعنى آخر أن محاكمة الرئيس السابق سامبي قد تكون بمنزلة رسالة شديدة اللهجة من النظام الحاكم إلى صفوف المعارضة السياسية من أجل تحجيم تحركاتها في البلاد خلال الفترة المقبلة، بما يضمن للنظام الحاكم احتواء زعماء المعارضة , وسط صمت عربي ودولي ,ربما اكراما لجهاز استخبارات غربي , يرعى النظام الحالي


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل