أقلام الثبات
سرت أخبار متفرقة عن تخوّف من اضطرابات اجتماعية واقتصادية بعدما وصل الدولار الى أكثر من خمسين ألف ليرة من دون نية أو قدرة على ضبطه، وكتبت بعض الصحف أن مسؤولين أمنيين أبلغوا المسؤولين السياسيين أن هناك من يعد لتحركات مشبوهة لأحداث شغب أمني وبلبلة مما يفتح الباب أمام الفتنة وإن بعض الخلايا الارهابية عادت للتحرك مستغلة الأوضاع المتوترة، في المقابل نشطت دعوات كثيرة للأمن الذاتي وظهرت مجموعات طائفية تتستر بالحاجة الى حماية مناطقها لتظهر بمظهر الميليشيات الطائفية وتسترجع مشاهد الحرب الأهلية التي كان اللبنانيون قد نسوها أو تناسوها.
وفي موازاة الجهد الأمني والاستخباراتي الذي تقوم به القوى الأمنية لتفوّت على مَن يريد التسبب بالفتنة، عادت أصوات الدعوات الى التقسيم والفيدرالية من بوابة "الفقر وعدم الإنماء" هذه المرة، فبات المطالبون بالفيدرالية يجاهرون بأنه "لا يمكن العيش في وطن واحد مع فئات لا تريد أن تدفع الضرائب ولا الالتزام بالقانون، في وقت هناك مناطق تدفع الضرائب كاملة وبات على كاهلها الصرف على الدولة وعلى مناطقها وعلى مناطق خارجة عن القانون" بحسب ما يقولون. أما في الإطار السياسي، فالجميع يتحدث عن ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية، بدون جهد جدّي سياسي داخلي ولا خارجي حقيقي للتوصل الى اتفاق، وتعود الأسباب في ذلك الى ما يلي:
- لا يبدو الخارج مستعجلاً على التوصل الى حلّ للقضية اللبنانية في هذه الأثناء، فليس ما يشير الى أن الأمور باتت ناضحة أو طارئة للجلوس والتوصل الى حلّ سياسي أو تسوية في موضوع لبنان. قد تتغير هذه النظرة في حال حصلت توترات أمنية أو فتنة داخلية أو تدهورت الأمور وباتت تنذر بشيء خطير قد يخرج عن السيطرة، كما حصل في العراق حين أدّى التعطيل السياسي الى مظاهرات واقتحام للمنطقة الخضراء والمباني الحكومية من قبل أنصار مقتدى الصدر، كادت تؤدي الى فتنة.
- هناك في الداخل من يتريث في التوصل الى تسوية مع الأميركيين لحين جلاء نتائج التسوية التي حصلت سابقاً، وأدّت الى توقيع اتفاق الترسيم البحري بين لبنان و"اسرائيل". عملياً، استفادت "اسرائيل" وإدارة بايدن والأوروبيين من ذلك الاتفاق، بينما لم يحصل لبنان – لغاية الآن- على ما كان يفترض به أن يحصده نتيجة الاتفاق، فلا توتال عادت للتنقيب، ولا ظهرت أي حلحلة أميركية في موضوع الكهرباء، أو استجرار الغاز من مصر... لذلك، كيف السبيل للوثوق والذهاب الى تسوية جديدة بينما نتائج التسوية السابقة لم تظهر بعد، وهناك تخوّف من ان لا تفي الاطراف الأخرى بالتزاماتها السابقة؟.
وعليه، يبدو أن أمام لبنان أشهراً صعبة قبل نضوج التسوية التي ستؤدي الى انتخاب رئيس جمهورية، علماً أن الطبقة السياسية لا تبدو مبالية بالاصلاحات المالية المطلوبة للنهوض الاقتصادي، وعليه فإن المبالغة بالتفاؤل بانتخاب رئيس جمهورية لبدء النهوض لا يبدو منطقياً إلا إذا حصلت تطورات دراماتيكية في ملف التحقيقات المالية والتدقيق الجنائي قلبت الأمور لصالح الشعب اللبناني.