"جهاديّو" سورية على الجبهات الأوكرانيّة .. "إدلب في عَين الحدث" ! - ماجدة الحاج 

الجمعة 13 كانون الثاني , 2023 08:46 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

بقرارات استخباريّة وضربات "إنتقاميّة" غير مسبوقة، إفتتحت روسيا العام الجديد في المواجهة المستمرّة بالوكالة مع حلف "الناتو" في اوكرانيا، وآثرت "معايدة" دُوَل الحلف بنصب صواريخ "تسيركون" فرط الصّوتيّة قرب سواحلها "هديّة في رأس السّنة"- وفق التّدوينة التي مرّرها ديمتري ميدفيديف، نائب  رئيس مجلس الأمن الرّوسي،  سريعا بعد "مقتلة" ماكييفكا في دونيتسك، التي  حصدت ارواح 89 جنديّا روسيّا جرّاء الهجوم الأوكراني على موقع تجمّعهم بصواريخ "هيمارس" الأميركية، على وقع ازدياد الهجمة المعادية التي وصلت بشحناتها التسليحيّة الفتّاكة الى اوكرانيا صوب حدّ غير مسبوق.. فبعد حصول  الأخيرة على بطّاريّات "باتريوت" الأميركية، تعتزم واشنطن تزويدها بالمزيد من ضمنه دبّابات "برادلي" و"ربما مقاتلات حربيّة" –وفق ما سبق ان ألمح وزير الحرب الأميركي.. ما يعني انّ واشنطن" ذاهبة الى النهاية" في مقارعة روسيا حتى آخر جنديّ اوكراني، ولو استُنفذت جميع مخازن أسلحتها وأسلحة دُوَل "الناتو" السّائر وراءها في هذه المواجهة.. المهمّ إلحاق هزيمة مدوّية بروسيا! 

بعد دخول عمليّاتها العسكرية في اوكرانيا شهرها الحادي عشر،أيقنت موسكو انّ ما يجري هناك يتجاوز بكثير سقف "العمليّة العسكرية الخاصة" وحدودها. هي حرب شرسة تواجهها روسيا في اوكرانيا وجهّزت لها الولايات المتحدة جيدا بمعيّة دُوَل "الناتو" منذ العام 2014.. 

" الإستعداد لهذه المواجهة مع روسيا بدأ منذ ذلك الحين"- هذا ما أقرّ به الجنرال جيمس بيرمان-القائد العام لقوّة الإستطلاع البحريّة الأميركية الثالثة خلال مقابلة مع صحيفة "فاينانشل تايمز" منذ ايام. موضحا انّ هذا الإستعداد شمل تدريب الأوكرانيين على مدى سنوات، والتخزين المُسبق للإمدادات حتى مواقع غرف العمليّات.." نعم، أعددنا المسرح لمواجهة روسيا منذ ذلك الحين".. حتى وزير الدفاع الأوكراني لم يجد حرجا في قوله" إننا ننفّذ مهمّة الناتو بدمنا"! 

وعليه، باتت المواجهة تتطلّب مرحلة جديدة مختلفة بقرارات استراتيجيّة تتلاءم وحجم "المنازلة" الشّرسة على المسرح الأوكراني، وتستوجب المبادرة الى تغييرات جديدة في قيادة العمليات العسكرية.

فجاء القرار المفاجىء لوزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو بتعيين رئيس هيئة الأركان العامّة فاليري غيراسيموف قائدا للقوات الروسية في اوكرانيا بديلا عن الجنرال سيرغي سوروفيكين.. ولربما دفع الأخير ثمن نجاح الهجوم الأوكراني على ماكييفكا وحصيلته الدامية بحق  الجنود الرّوس ليلة رأس السنة رغم التحذيرات المسبقة من مغبّة شنّ هجمات اوكرانيّة قاسية في هذه الليلة ..وقد يُضاف اليه قرار سحب القوات المفاجئ من خيرسون وما اثاره هذا الإنسحاب حينها من زوبعة انتقادات عنيفة "من قلب البيت الرّوسي" قبل الأعداء..وبالتالي، لم يعد مقبولا تحت ايّ ظرف  الإنزلاق الى حُفَر انتكاسات هنا وهناك ربطا بوصول المواجهة الى منحى شديد الخطورة.. ولربما لم يبالغ الكسندر دوغين –المُصنّف "عثل بوتين"، عندما حذّر من " انّ روسيا ستختفي من عن الخريطة في حال الهزيمة"! 

من هنا، بدا لافتا حجم الضربات الرّوسيّة الإنتقامية التي لم تنتظر طويلا للرّد على هجوم ماكييفكا بأضخم منه واكثر ايلاما صوب نقاط تمركز مؤقتة لوحدات  اوكرانية في مدينة كراماتورسك، وادّى الى مصرع اكثر من 600 جندي اوكراني. في وقت كان التجهّز العسكري الروسي يجري على قدم وساق لتحرير مدينة سوليدار، وحيث أحكمت قوّات "فاغنر" غير الحكوميّة السيطرة عليها ليل اوّل امس الأربعاء، في سابقة هي الاولى قبل ان تعلن وزارة الدفاع الرّوسيّة اليوم الجمعة الإنتهاء من تحرير المدينة. 

وجذب "توكيل" مهمّة تحرير المدينة الى قوّات فاغنر تساؤلات كثير من المحللين والخبراء العسكريين حيال سياق جديد في العمليات العسكرية الروسية باعتماد منحى حرب العصابات في غير جبهة اوكرانيّة، تماما كما فعلت وحدات الجيش السوري والقوى الحليفة إبّان الحرب السوريّة، وأبلت بلاء حسنا حينها في  مقارعة المجاميع الارهابية وأثارت اعجاب الضبّاط الرّوس، خصوصا وأنّ مقاتلي "فاغنر" اكتشفوا انفاقا ضخمة في سوليدار "يمكن للدبابات وعربات المشاة  القتالية التحرّك فيها"- بحسب ما صرّح قائد المجموعة يفغيني بريغوجين..في  حالة أعادت بالذاكرة الى الغوطة الشرقية وغيرها من المناطق السوريّة التي حفرت تحتها الجماعات الارهابية انفاقا ضخمة.. ويبدو انّ السيناريو السوري يعود مرّة اخرى من البوّابة الأوكرانيّة! 

فلعلّ السيناريو الأميركي الأكثر خطورة في وجه روسيا بهذه المواجهة، يكمن بإعادة الّلعب بالورقة "القاعديّة"، عبر استقدام مجموعات تتبع للتنظيم من سورية الى اوكرانيا. وباتت التقارير توثّق ظهور ميليشيات شيشانيّة متطرّفة واعداد كبيرة من فصيل "اجناد القوقاز" في الجبهات الاوكرانيّة.. هي نفسها مجاميع الارهابيين التي استقدمتها الاستخبارات الأميركية ونفس دول "الناتو" المنخرطة الان في المواجهة بأوكرانيا، الى سورية في عشريّة الحرب، وهي نفسها مجاميع الارهاب التي تعاملت معها القوات الجو-فضائية الروسيّة بدكّ معاقلها منذ الدخول العسكري الروسي المباشر على خطّ هذه الحرب الى جانب سورية في ايلول عام 2015 ..كان ذلك يدور رحاه في سورية، اما الآن فإنّ خطر هذه الجماعات –بدعم اميركي، بات على تخوم روسيا! 

فهل يلجأ الرئيس بوتين في المرحلة الجديدة من المواجهة، الى تعميم نموذج سوليدار في جبهات اوكرانيّة اخرى؟ او الإستعانة بدعم وخبرات "الحلفاء" في سورية مرّة اخرى للانطلاق بتكتيكات حرب العصابات في مواجهة "الناتو"  ومرتزقته "الجهاديين" هذه المرّة؟.. فسبق لبوتين ان لوّح بإمكانيّة الاستعانة  ب"حلفاء في الشرق الاوسط بالحرب الاوكرانيّة" ردّا على استجلاب الرئيس  زيلينسكي مرتزقة من حول العالم..ويبدو انّ هذه الحرب ستكون طويلة.. فلا يُنكر مسؤولون ومحلّلون غربيون انّ مصلحة الولايات المتحدة وحلف "الناتو" هي بإطالة هذه الحرب لاستنزاف روسيا.. 

وفي حين شدّ تحرير سوليدار اهتمام الخبراء والمحللين العسكريين الغربيين تنحو الانظار نحو نتائج معارك باخموت المستعرة منذ شهور.. فهل سيكون  مصيرها مشابها وتحسم القوات الروسية السيطرة عليها؟ المؤكد انّ وقع انتصار الرّوس في باخموت سيكون اكبر بكثير ربطا بالأهميّة الكبرى التي توليها اروقة" الناتو" ازاء هذه المعارك. وسبق للقائد العام السابق لقوّات الحلف في اوروبا ويسلي كلارك، انّ صرّح انه" اذا تمكّنت القوّات الروسيّة من السيطرة على باخموت، فإنّ بوتين سيفوز في الحرب". 

يكتفي مصدر عسكري روسي بالكشف عن رزمة مفاجآت روسيّة مرتقبة في  اوكرانيا تحديدا في الأشهر الاولى من العام الجديد.. وسط تواتر معلومات صحفيّة فرنسية لم تسبعد ان تكون إحدى المفاجأت "ضربة روسيّة ضخمة" لمركز "يافوريف" في اقصى غرب اوكرانيا-الذي يبعد نحو 15 كلم فقط من الحدود  البولنديّة، وحيث تتمركز فِرَق من القوّات الخاصّة الأميركية.. لربما تحمل المواجهات القادمة احداثا صادمة وغير متوقعة في مرحلة باتت مفتوحة على كلّ الاحتمالات..  

مفاجآت لربما تتجاوز الحدود الاوكرانية، وقد تتضمّن حدثا عسكريا سوريا طال انتظاره يشكل تمهيدا للقاء الرئيس السوري بشار الأسد، بالرئيس التركي رجب طيّب اردوغان-وفق ما كشفت معلومات صحفية واكبت زيارة المبعوث الخاص للرئيس بوتين الى سورية الكسندر لافرتنيف، وحيث المحت الى انّ ادلب ستكون في عَين الحدث قريبا!


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل