فلسطين على فوهة انفجار، و 2023 عام التحول الكبير‎‎ ـــ يونس عودة

الأربعاء 04 كانون الثاني , 2023 11:43 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

فلسطين ستكون في العام 2023 حاضرة بقوة مع اتساع الغضب الشعبي على امتداد الارض الفلسطينية, في ضوء قناعة يقينية, أي لا مجال لأي تردد, بأن زمن المفاوضات, استنزف نفسه حتى آخر أنفاسه, وقد أثبتت كل مسارات المفاوضات مع قادة الكيان المؤقت, أن لا جدوى منها, ولا فيها, لا بل كانت نتائجها كارثية على القضية، رغم كل محاولات التزيين المزيف, والتواطؤ, والتآمر من ذوي القربى.

إن ما شهدته القدس على مدى الأشهر الماضية ومنذ عملية "سيف القدس", وبعدها "وحدة الساحات", ولا سيما الخطوة الاستفزازية التصعيدية الأخيرة, المتمثلة, بأقدام وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي في حكومة كبير الارهابيين بنيامين نتنياهو على اقتحام المسجد الأقصى المبارك وتحت حراسة وحماية الجيش "الإسرائيلي", ووسط العمليات المستمرة لقوات الاحتلال في الضفة الغربية من قتل وتهجير وتفجير وتهديم منازل، أظهرت أن الاحتلال فاقد لصوابه, بعدما فقد زمام المبادرة الحقيقية والاستراتيجية الأمنية.

إن الاشتباك اليومي, ومهاجمة مواقع الاحتلال العسكرية في الضفة الغربية, رغم التجاهل الإعلامي شبه المطلق, وبالأخص الاعلام العربي المقيت, ليست أحداثاً عابرة, أو وظائف مؤقتة, بل يندرج في سياق استراتيجية جديدة للعمل الفلسطيني الذي يحتاج أكثر, وبشدة, إلى تصليب الوحدة الوطنية، ومن ركائز الاستراتيجية المتبلورة, الاشتباك المستمر, ومواجهة "اتفاقات ابراهام", بكل قذاراتها, وافهام الاحتلال أن تصعيد عمليات القتل والتدمير لن تثني الشعب الفلسطيني عن اجتراح الوسائل ضمن عملية التحرير, وتشخيص نقاط الضعف لدى الاحتلال.

إن كيان الاحتلال في مأزق حقيقي, ويجمل في تكوينه بذوراً تساعد على تفتيته, وليست الصراعات على الصلاحيات التي كانت احدى العناوين الرئيسية للحكومة المتطرفة بقيادة نتنياهو, إلا احدى الدلائل الظاهرة على مدى الصراع بين العسكر, المسيطر التاريخي, على السياسة, وبين الساسة الأكثر يمينية وتطرفاً, وليست مطالبة رئيس هيئة الأركان العامة، أفيف كوخافي، في اتصاله مع نتنياهو بمنع التعدي على صلاحيات العسكر من خلال استحواذ الجناح اليميني المتطرف في الحكومة الجديدة على حقائب وزارية هامة، بموجب اتفاق الائتلاف، بعضاً من صلاحيات الجيش، إلا انعكاساً لأزمة عميقة, وأزمة ثقة ,طالما كانت من عناصر قوة الاحتلال, ووظيفة الكيان الحقيقية في قلب المنطقة العربية.

من الملاحظ أن إقدام, بن غفير على عملية "تدنيس الأقصى", ليس ما يسمى مجرد اقتحام, ولو لمدة ربع ساعة فقط، يؤشر اولا على تحدي, كل التوسلات العربية الممجوجة, بتحميل الاحتلال مسؤولية التداعيات, والادانات الخرقاء, وهي ما لم تعد تتناسب مع التطورات التي يشهدها العالم في سياق تشكل عالم جديد متعدد الاقطاب, و ليست البيانات الصادرة عن وزارات الخارجية العربية المتحدثة عن الرفض لعملية "اقتحام" الاقصى باعتبار انها اجراء احادي يخالف الوضع القانوني والتاريخي للقدس، إلا كلمات خاوية من المضامين الدالة على الجدية, وبنفس الوقت محاولة اقناع الشعوب بان السلطات نقوم بواجبها البكائي على اطلال القرارات الدولية التي لم تتعامل معها دولة الاحتلال بأنها ذات قيمة ما.

والأنكى أن دولاً ترتبط باتفاقيات مع المحتل تصيح ببيانات مثل ان اقتحام ايتمار بن غفير للأقصى الشريف مع الاعتداءات على الضفة ،" تنذر بالمزيد من التصعيد وتمثل اتجاها خطيرا يجب على المجتمع الدولي العمل على وقفه فوراً". ومن دون ان تكلف عناء نفسها بالحديث عما يمكن ان تقوم به هذه الدول من خطوات عملية للحفاظ على ماء وجه. لقد تزامنت "استفزازات " الاحتلال ايضاً مع إعلان وزير الخارجية الصهيونية إيلي كوهين، أن المغرب سيستضيف في اذار المقبل اجتماع "النقب 2"، وسيكون مع الدول التي أبرمت اتفاق "إبراهيم"، بما فيها المغرب على مستوى وزراء الخارجية - اي اصحاب البيانات التي لا ترقى الى الخجل.

في الواقع أن اختيار المغرب لعقد اجتماع من هذا النوع يثير علامات استفهام كبيرة, بعدما حول منتخب المغرب في مونديال قطر, كل مشاركاته الى رفع القضية الفلسطينية ونضالات الشعب الفلسطينيي الى حيث تستحق بمواجهة, الصهاينة المحتلين. ليس مثيراً للدهشة أبداً, أن يتحف أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط الفلسطينيين خصوصا والشعوب العربية عموماً بموقف مكرر, لا اهداف له، سوى رفع العتب , بينما المسألة ليست عتابا بين احباب, وانما صراع مصيري بين الحق والباطل, فقد اعتبر أبو الغيط أن "ذلك استباحة للحرم القدسي - اقتحام الاقصى- وعدوانا على القبلة الأولى للمسلمين، ويمثل استفزازا واستهتارا بمشاعرهم الروحية بقرار من الحكومة الإسرائيلية وحماية من أجهزتها الأمنية".

وأن "حكومة نتنياهو تتحمل المسؤولية الكاملة عن اقتحام بن غفير وعن هذه الممارسات والمخططات اليمينية المتطرفة وتداعياتها على فلسطين والمنطقة بأسرها، وانعكاساتها على السلم العالمي، بما في ذلك ما تنطوي عليه من احتمالات إشعال حرب دينية".

لم يأت أبو الغيط على إمكانية اتخاذ إجراء واحدة من الجامعة العربية, وبقي في إطار التوصيف الممل, الذي لا يحتاجه الشعب الفلسطيني منذ العام 1948, لأن الحاجة تكمن في دعم الشعب المقاوم, ومده بوسائل الصمود والقتال, دون حاجة الى الجيوش العربية - حارسة الانظمة المتآكلة كرامتها.

ليس من شك ان العام الطالع سيكون عاما محوريا للقضية الفلسطينية, في ظل الغضب الفلسطيني المتعاظم والمحتضن بحق من الشعوب العربية, ولعل قادة الكيان يدركون أكثر من غيرهم أن انفجار البركان بات أقرب وإن غداً لناظره قريب.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل