الحرب على الارثوذكسية

الإثنين 19 كانون الأول , 2022 10:44 توقيت بيروت مقالات مختارة

مقالات مختارة

"الحرب الحالية هي حرب بين الالحاد والارثوذكسية"، هذا ما صرح به مستشار الرئيس الروسي، المفكر إلكسندر دوجين فتم استهدافه أغسطس الماضي، وقتلت ابنته، وحقيقة الأمر محاولة اغتياله ذكرتني بحوادث اغتيال الرئيس الأميركي جون كيندي، والملك فيصل، وعالم الجغرافيا جمال حمدان، والأنبا أبراهام مطران القدس، وغيرهم ممن اعترضوا أو فضحوا مخطط يسعى الشياطين على مر العصور إلى تنفيذه تمهيدا لقدوم الدجال.

وحاليا تقوم السلطات الأوكرانية بالاستيلاء على الأديرة الأرثوذكسية في المدن الأوكرانية، وأخرها كان السيطرة على اثنين منهم في مدن موكاتشيفو ولفوف، وهذا أمر متوقع من النازيين الصهاينة أو "يهود الخزر" الفريق الذي ينتمي إليهم الرئيس الأوكراني زيلنيسكي.

وإذا تأملنا ذلك التصريح الخطير ونظرنا للخريطة، فسنجد بعد سيطرة الولايات المتحدة على أوكرانيا عقب الثورات الملونة 2014، انسحبت كنيسة كييف من سلطة كنيسة روسيا الأم، كحال كنيسة الحبشة مع الكنيسة المصرية الأم، جراء الاحتلال الفاشستي (روما) لها، وما زاد الطين بله هو تأييد بابا القسطنطينية (التركي برثلماوس) لـ أسقف كييف ضد بطريرك روسيا (كيريل)، كي ينفرط العقد الارثوذكسي البيزنطي، كما جرى الحال بين ارثوذكس الشرق، فعصب الأمة الروسية ونخاعها الشوكي هو الارثوذكسية، ولذلك يستهدف الأميركي الارثوذكسية صراحة، وهو ما صرح به نواب الكونجرس مؤخرا معترفين بذلك.

ولو نظرنا لحال مدن الكراسي الرسولية (المراكز المسيحية الأولى في العالم) بعد ما جرى في القرن الأخير، سندرك أكثر حجم الحرب على المسيحية عموماً والارثوذكسية خصوصاً، فمدينة "اورشليم" نفسها تحت الاحتلال الصهيوني، و"انطاكية" التي هي لواء اسكندرونة واقعة تحت الاحتلال التركي وتطلق عليها إقليم هاتاي، و"القسطنطينية" نفسها تحول اسمها الى "إسلام بول" وتعني دار الإسلام، بعد سيطرة محمد الفاتح عليها عام 1453م، قبل أن يتحول اسمها في غفلة من الزمن الى "إستان بول" أي دار الشيطان، وتحمل اثنين من أهم محافل الماسون الذين لعبوا دوراً خطيراً في إنهاء الخلافة وإزلال عبد الحميد الثاني.

ويزيد اندهاشكم عن حال البلد الذي أغلب مساجده المشيدة في القرن التاسع عشر قبلتها مصوبة نحو القدس لا مكة، عندما تعلموا انه تم تشريع قانون يجرم ذكر اسم "القسطنطينية" برغم انه الاسم الذي ذكره الأولون، حيث ورد في مسند الإمام أحمد بن حنبل عن ‎النبي محمد صلى الله عليه وسلم حديث: “لتفتحن القسطنطينية فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش”.. فليس من المعتاد على الفاتحين المسلمين تغيير أسم مدينة دخلوها أصلا، خصوصاً لو ذكرها الأولون بأسمها.. كي تمحى هوية القسطنطينية تماما بعد أن حول أردوغان كنيسة أيا صوفيا الى مسجد.

أما كرسي روما الذي وجهت له روسيا مؤخرا جملة من الانتقادات بسب تناقض مواقف بابا روما السياسية، التي تنحاز للولايات المتحدة وبريطانيا دوما، فيكفي أن نعرف ان قرارات الحرب التي صدرت من ذلك الكرسي تفوق تعداد قرارات الحرب الصادرة من دول الغرب مجتمعة معا. ويكفي أن نتذكر مفجر الحروب الصليبية على الشرق، و"فرسان الهيكل" الجيش الغامض الذي يخضع لسلطة البابا وحده، والسعي الدائم لسرقة جسد مرقس الرسول، وسحب البساط من الاسكندرية في أوقات ضعف شوكة مصر أبان الحملات الصليبية عليها في العصور الوسطى، قبل احتلال ليبيا (مهد مرقس الرسول والخمس مدن الغربية التي طاف بها رسول المسيح مبشرا بالإيمان) وإثيوبيا (العمق الاستراتيجي لكنيسة الإسكندرية) بعد ان وقع رئيس وزراء إيطاليا بنيتو موسوليني اتفاقية "لاتران" السرية مع بابا روما 1929م، كي ينعش الفاشستي أحلام التوسع لكرسي روما من جديد، كي يبقى من الكراسي الرسولية كرسي "الأسكندرية" وحده، الكرسي الوحيد المتبقي بهويته الاصلية وعقيدته المسيحية كما تسلمها المصريون من رسول السيد المسيح، مرقس بي أبوسطولوس، في دولة مازالت تحتفظ بسيادتها على كامل جغرافيتها وترابها الوطني.

بالتأكيد اتضح الآن لكم حجم الحرب على الارثوذكسية، ولكن ما ذكر ليس النهاية، فأوكرانيا الارثوذكسية التي اختارها الأطلسي للتضحية بها والقدوم بدمية يهودية (زيلنيسكي) من مسلسل كوميدي لحقيقة درامية مقابل استنزاف روسيا ليست النهاية، ويتكرر السيناريو اليوم بين اليونان (الارثوذكسية ووريثة الامبراطورية البيزنطية) وتركيا (وريثة الإمبراطورية العثمانية) حسب تخطيط واشنطن، ومن قبلها أرمينيا (الارثوذكسية وعمق روسيا العسكري والتاريخي) واذربيجان لسيطرة اميركا على الغاز هناك. وهنا نذكر كيف كانت تحركات تنظيم "داعش" على الأرض السورية في الأعوام الأولى من الحرب الكونية على سوريا 2011، مسترشدا بالأقمار الغربية الصناعية، عندما كان يستهدف تحديدا أخر قرى وأديرة تتكلم باللغة الأرامية (اللغة التي كان يتحدث بها السيد المسيح).

أخيراً وليس آخراً الحرب التي يشنها أتباع "الدجال" ليست ضد الارثوذكسية فقط، وإن كانت الأرثوذكسية هي المستهدف الأول والثاني والثالث حاليا، ولكن الحرب على كل ما هو قديم على كل ما هو صحيح، على كل الثوابت والمعتقدات، في ظل ما نعيشه من الفصول التي قال عنها يوحنا اللاهوتي: "انظروا كيف يستميت اتباع الدجال في شرعنة كل ما هو منافي للفطرة والدين"، فواجهة البيت الأبيض اليوم تكتسي بألوان المثليين، والرئيس بايدن يوقع قانون يحمي زواج المثليين في جميع أنحاء الولايات المتحدة، ورئيس وزراء كندا ضيف في احدى حلقات برامج الأطفال للترويج للمثلية.. وأكملوا أنتم النظر في باقي عرائس المارونيت التي أتى بها "الدجال" بسدة حكم الدول الغربية بالعقد الأخير.

فادي عيد 

   إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الثبات وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل