أقلام الثبات
من المرجح أن لا تعقد جلسة مجلس الوزراء التي دعا اليها الرئيس نجيب الميقاتي، بعدما أعلن تسعة وزراء مقاطعتها، وبعدما أحرجت كل من البطريرك الراعي والمطران عودة اللذان اعتبرا أن الأولوية هي لانتخاب رئيس جمهورية وليس لعقد جلسة لمجلس وزراء في فترة تصريف الأعمال.
وكانت "القوات اللبنانية"، وبعد صمت، قد استدركت فأعلنت على لسان أحد نوابها أنهم ضد عقد جلسة فضفاضة كما دعا إليها الرئيس ميقاتي، وأن قيامه بحذف 40 بنداً من جدول الأعمال يخفف الخطأ المرتكب ولكنه لا يلغيه.
ومن جهة التيار الوطني الحر المعني بدرجة أولى بالموضوع، ينظر جمهور التيار الوطني الحر الى جلسة مجلس الوزراء وما دار حولها (بغض النظر إن عقدت أو لا) على الشكل الآتي:
1- لطالما ردد الرئيس ميشال عون وبعده النائب جبران باسيل أنهم ضد محاولات "عزل حزب الله"، وكان العماد ميشال عون وقبل تفاهم مار مخايل وبعده، قد نبّه دائماً من خطورة محاولات عزل أي طرف لبناني، مستشهداً بمحاولات عزل الكتائب عشية الحرب الأهلية والتي أدّت ما أدّت اليه في لبنان وكلّفت لبنان الكثير. وعلى هذا الأساس، فإن مشاركة وزراء حزب الله في جلسة مجلس الوزراء ينظر اليها جمهور التيار الوطني الحر باستياء كبير، ليس بسبب الجلسة بحدّ ذاتها، بل لأنه يراد لها أن تكون مقدمة وجزءاً من معركة عزل التيار، فكيف يكون الحزب مشاركاً بها؟.
2- لا شكّ أن ما يحصل اليوم من محاولات عزل التيار سياسياً بعد انتهاء ولاية الرئيس عون، هو جزء لا يتجزأ من معركة رئاسة الجمهورية القادمة، ومحاولة كل من الرئيسين نبيه برّي ونجيب ميقاتي تعطيل قدرة جبران باسيل على وضع فيتوات أو عرقلة وصول سليمان فرنجية الى الرئاسة. وعليه، إن مساهمة الحزب الضمنية في الحملة، يُنظر اليه بأنه موافقة على إخراج قرار رئاسة الجمهورية من يد الأحزاب المسيحية الفاعلة، بعكس ما كان عليه الموقف عام 2016، حين اشترط الرئيس برّي موافقة "القوات اللبنانية" وحصول العماد عون على تأييد القوى المسيحية الفاعلة للقبول بتسوية وصول عون الى الرئاسة.
3- ما انفك قادة حزب الله يرددون يومياً أنهم يريدون رئيس جمهورية "قوياً، لا يخاف من الأميركيين... لا يخاف ولا يتنازل ويقدّم المصلحة الوطنية على خوفه، ويحافظ على المقاومة".
وهنا يطرح الجمهور التساؤل التالي: لماذا يضع حزب الله هذه الشروط على رئيس الجمهورية الذي لا يملك بعد الطائف أي صلاحيات فعلية، بينما يصوت لرئيس حكومة "يخاف على أمواله، ويخضع للأميركيين ..." (بدليل ما حصل في موضوع الهبة الايرانية للكهرباء وغيرها) في وقت يتمتع رئيس الحكومة بصلاحيات كبيرة بموجب الدستور اللبناني بعد الطائف. فلماذا ما يصح على رئيس الجمهورية لا يصح على رئيس الحكومة؟
4- يعود التيار بالذكرى الى جلسة مناقشة البرلمان لرسالة الرئيس عون بعد انتهاء ولايته، وما قيل أن حزب الله قد أخذ ضمانات من الميقاتي بعدم عقد جلسة لمجلس الوزراء، فأي ضمانات يمكن أن يقدمها الحزب بموضوع سليمان فرنجية على مدى سنوات ست، بينما القوى السياسية المعنية الاخرى لم تلتزم بما وعدت به في فترة لا تتعدى الشهرين؟.
في النتيجة، يبدو الحراك السياسي الداخلي مجرد مرحلة تقطيع وقت في فترة الفراغ الرئاسي وبانتظار تسوية خارجية ما تخرج لبنان من التعطيل، وفي هذا الوقت الصعب جداً على اللبنانيين، يبدو من الأجدى على الاطراف اللبنانية تخفيف التشنج السياسي والسعي لتأمين حاجات الناس من دون إثارة الغرائز المذهبية والطائفية.