أقلام الثبات
لم يكن جديداً ما قاله الوزير السابق جبران باسيل خلال لقائه مع ناشطين من التيار الوطني الحر في فرنسا، لجهة موقف التيار من ترشيح سليمان فرنجية أو قضية الترويكا، أو سواها مما تمّ تسريبه عن اللقاء، إذ لطالما ردد باسيل وعدد من نواب التيار وقيادييه هذا الموقف بشكل علني مرات عديدة.
وبعد التسريب، كثر الحديث السياسي عن إمكانية أن يقوم حزب الله بالسير بتسوية تؤدي الى انتخاب فرنجية من دون رضى التيار، أو بإقناع باسيل بالعودة عن مواقفه والسير بتسوية فرنجية.
وفي تحليل موضوعي لما تقدم نشير:
1- السير بتسوية فرنجية من دون رضى التيار: بالمبدأ، ومن الناحية العددية (في مجلس النواب)، تستطيع تسوية اقليمية أن تنسحب على الداخل اللبناني وتؤدي الى إعطاء فرنجية الاصوات التي يحتاجها للوصول الى الرئاسة.
خلال عام 2016، اشترط العديد من الأطراف السياسيين (خصوصاً المسلمين) على ميشال عون أن يحظى بتوافق مسيحي قبل القبول به رئيساً للجمهورية، ما دفعه الى القيام بتسوية تاريخية مع "القوات اللبنانية" أتت بعد التسوية مع سعد الحريري، وهو ما ساهم بوصوله الى قصر بعبدا.
اليوم، يحتاج فرنجية الى تسوية مع التيار الوطني الحر أو مع "القوات اللبنانية"، وبما أن باسيل حسم أمره، يبقى له أن يقيم تسوية مع القوات اللبنانية تأتي به رئيساً... وبغض النظر عن قدرة "القوات" على السير بتلك التسوية وتسويقها أمام جمهورها أم لا، يبقى أن انتخاب فرنجية بهذه الطريقة ومساهمة حزب الله به لن يمر مرور الكرام عند "التيار الوطني الحر" وجمهوره، وهو المعبأ نفسياً بعد سنوات ست مما يعتبره "تخلي الحلفاء عن دعم ميشال عون خلال عهده".
2- قبول باسيل بتسوية تأتي بفرنجية: بالاضافة الى ست سنوات من الحقد والكلام التجريحي الذي أطلقه فرنجية بحق ميشال عون وجبران باسيل، يستذكر العديد من ناشطي التيار، كيف أنه وبعد انسحاب السوريين من لبنان عام 2005، قام العماد ميشال عون العائد من المنفى في فرنسا (والذي يتمتع بشعبية عارمة) بتعويم العديد من حلفاء سوريا السابقين سياسياً وانتخابياً، ومنهم سليمان فرنجية، ما أدى الى "حرد" العديد من ناشطي زغرتا في التيار، الذين تعرضوا للتضييق عليهم قبل عام 2005.
وكان ردّ فرنجية على ذلك، محاولة التوسع شعبياً على حساب التيار في البترون وفي العديد من المناطق اللبنانية، معتبراً (كما العديد من القادة المسيحيين) أنه يجب العمل على وراثة ميشال عون سياسياً من خلال التقارب مع جمهور التيار، وأن باسيل "غير محبوب" لذا من الممكن جذب العديد من العونيين الذين لا يحبون باسيل... لكن رهان فرنجية فشل.
واقعياً، لا يمكن لباسيل أن يسير بفرنجية مهما كانت الضغوط الممارسة عليه من حلفائه، إذ لن يكون بإمكانه تسويق ترشيح فرنجية لدى جمهور التيار، الذي عانى ما عاناه خلال سنوات ست خلال فترة رئاسة ميشال عون. إن قيام قيادة التيار بالرضوخ والسير بتسوية فرنجية، ستؤدي الى حنق على باسيل نفسه في صفوف التيار والمناصرين والمؤيدين للتيار من خارج الهيكلية الحزبية.
من منظور جمهور التيار، إن القبول بتسوية فرنجية هي تخلٍ عن كل شعارات مكافحة الفساد وبناء الدولة، وإذا كان الجمهور تقبّل على مضض تسوية مع سعد الحريري عام 2016 والتخلي عن "الابراء المستحيل" لأجل وصول ميشال عون الى بعبدا، فالقبول بتسوية وصول فرنجية ستكون القشة التي ستقسم ظهر البعير.