الثبات ـ عربي
حذّرت منظمة “غرين بيس” المعنية برصد التغيرات المناخية حول العالم، في أحد تقرير لها، كلّاً من المغرب والجزائر ومصر ولبنان وتونس وكذلك الإمارات العربيّة المتحدة، من “تأثيرات مدمرة للتغير المناخي، سوف تأتي على النظم الطبيعية، وكذلك على حياة الإنسان في هذه الدول”.وأصبحت النظم البيئية، وكذلك السكان، وسبل عيشهم، في الجزائر ومصر ولبنان والمغرب وتونس والإمارات، من التأثيرات المتسارعة والمتقلبة لـ التغيرات المناخية.
ففي جميع أنحاء شمال إفريقيا، بما في ذلك بلدان المغرب والجزائر وتونس ومصر، أصبح الاحترار الناجم عن تغير المناخ أكثر وضوحًا بالفعل في فصل الصيف، وأصبحت المواسم الرطبة أكثر جفافاً بشكل تدريجي.
حتى أن هذه البلدان قد شاهدت خلال موجات الجفاف الأخيرة، التي امتدت لعدة سنوات، معدلات احترار غير مسبوقة في 500-900 عام الماضية.
وعلى الرغم من ارتفاع درجات الحرارة بشكل طبيعي، وانخفاض هطول الأمطار في جميع أنحاء المنطقة العربية، فإن اتجاهات المزيد من الاحترار والجفاف واضحة أيضًا، ومن المتوقع أن تزداد سوءًا خلال العقود القادمة.
تمثّل الحياة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحديًا منذ البداية، حيث تعاني العديد من البلدان بطبيعة الحال من ظروف دافئة وجافة جدًا، مقارنة بأجزاء أخرى من العالم. ومع ذلك، فإن ما يحدث الآن ليس شيئًا طبيعيًا.
فالمغرب، على سبيل المثال، تشهد “شحّاً في التساقطات المطرية خلال السنوات الأخيرة”.
وقد توقعت (غرين بيس) أن “يواجه -على غرار المنطقة الشمالية الغربية من القارة الإفريقية- ظروفاً من الجفاف الزائد، وزيادة متوسط درجات الحرارة السنوية في العقود المقبلة من القرن الجاري، ما سيؤثر على إنتاج الغذاء”.
كما توقع التقرير، “أن معدل الإنتاجية الزراعية في المملكة المغربية سيشهد انخفاضا بحلول عام 2080 بسبب تغير أنماط تساقط الأمطار، حيث يمكن أن تتأثر الأراضي السقوية سلبا بفعل التملح، عندما يتبخر الماء تاركا كمية عالية مركّزة من الأملاح على سطح التربة”.
وأفاد في سياق حديثه عن الحالة المغربية، أنّ “السكان المغاربة الأكثر فقرا هم الذين سيكونون أكثر تضررا من التملح، باعتبارهم يعتمدون على الزراعة للحصول على الدخل”.
كما أكد على “استمرار انخفاض التساقطات المطرية في المغرب خلال العقود القادمة حتى عام 2100، في حين يُتوقع أن تشهد مستجمعات المياه في جنوب غرب المملكة، التي تعاني من ظروف قاحلة، أكبر انخفاض في التساقطات المطرية في البلاد”.
وعلى غرار الممكلة المغربية، حذّرت “غرين بيس”، “من التداعيات الوخيمة لظاهرة الارتفاع المتزايد لدرجة الحرارة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بوتيرة تقارب ضعف المعدل العالمي”.
وتابعت، أنّ ذلك “سيجعلها عرضة للآثار والتداعيات الخطيرة الناجمة عن تغير المناخ، بما في ذلك الشح الحاد في المياه، والآثار الواضحة على المجتمعات والمنظومات الحيويّة”.
وأشارت المنظمة في تقربرها، الذي جاء بعنوان “على شفير الهاوية: تداعيات تغيّر المناخ على ستة بلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”، إلى ضرورة العمل العاجل لمواجهة الاحترار في المنطقة، للحدّ من تداعياته الوخيمة.
ولفتت النظر، إلى أن “خطر التغيرات المناخية على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لا تقتصر فقط على شح المياه وخلخلة توازنات الأمن الغذائي، بل يشكل أيضا تهديدها خطرا على التنوع البيولوجي البحري والأرضي”.
ومن بين التداعيات الوخيمة الناجمة عن الاحتباس الحراري، أشار التقرير إلى “ابيضاض واسع للشعاب المرجانية فيه وموتها”.
وبينما دعا التقرير، الذي صدر بالتزامن مع انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ “COP27” في مصر، إلى تأسيس “صندوق لتعويض الدول والمجتمعات التي تواجه أخطر الآثار لتغير المناخ نتيجة الخسائر والأضرار التي لحقت بها”.
لكن الملوثين التاريخيين الأكثر مسؤولية عن تغير المناخ، على حدّ قوله، ما زالوا يرفضون دفع ثمن الخسائر والأضرار التي لحقت بالمجتمعات الضعيفة في الجنوب، والتي ما زالوا يعانون منها.