أقلام الثبات
انتهت ديوانية السفير السعودي وليد البخاري عن "الطائف" في ذكراه الـ33 في الأونيسكو بهدوء، رغم الخطايا العديدة التي شهدتها، ومنها: أن سفير الرياض في بيروت يبدو أنه لا يعرف جيداً، وقد لا يكون على علم، أن إنجاز الطائف حصل في رعاية عربية، كانت في البداية سباعية، ثم صارت ثلاثية مكونة من: الجزائر والمغرب والسعودية، أي من الرئيس الجزائري الراحل الشاذلي بن جديد، الملك المغربي الراحل الحسن الثاني، والملك السعودي الراحل فهد بن عبد العزيز، وبهذا لماذا لم توجه دعوة إلى السفيرين الجزائري والمغربي في بيروت لحضور الديوانية البخارية؟ وكان لافتاً غياب السفيرتين الفرنسية آن غريو، وزميلتها الأميركية دوروثي شيا، رغم أن دعوة شخصية وجهت إليهما من قبل السفير البخاري.
يبدو أن السفير البخاري لم يعلم أو لا يعرف بتاتاً، أن ضمانة تطبيق الطائف أوليت من اللجنة العربية الثلاثية، وبموافقة دولية لسورية ورئيسها الراحل حافظ الأسد، الذي لو رفضها في حينه لما كان "الطائف"، ولا "الوثيقة الوطنية" وللتأكيد، حبذا لو يطلع سعادة السفير على التصاريح الأولى لبعض المتعصبين للطائف اليوم، ومنهم من تحدث في الديوانية البخارية، لكان عرف دور الرئيس الأسد في تنفيذ الاتفاق .. وهنا لا أطلب من المندوب السامي عالي المقام، أنه كان عليه واجب دعوة السفير السوري، أنما فقط لجعله يأخذ علماً ببعض حقائق الطائف، قبل 33عاماً.
تميزت الديوانية السعودية بغياب مكون لبناني أساسي، وهو غياب الطائفة الإسلامية الشيعية، مكتفية بحضور "الشيخ" عباس الجوهري، رغم أن رئيس السلطة الثانية في لبنان الرئيس نبيه بري كان له من يمثله في لقاء الأونيسكو لكن لا عريف الاحتفال جاء على ذكره في كلمته، ولا البخاري جاء على ذكره في كلمته، وحتى لا نتهم بسوء النية، فلربما كان ذلك نتيجة قلة انتباه، أو سهواً من الداعي والمنظمين للديوانية.
كان لافتاً غياب الرئيس حسين الحسيني، "عتّال" الطائف الأساسي، الذي قيل أن غيابه كان لأسباب صحية، علماً أنه كان يمكن أن يوفد من يمثله ويلقي كلمته، لكن المعلومات تفيد أن الرئيس الحسيني قاطع الديوانية، انسجاماً مع موقفه الدائم برفض أي محاولة، سواء كانت محلية أو عربية أو دولية، لمصادرة "الطائف" وادعاء حضانته وصياغته وإنجازه.
حاول سفير الرياض في كلمته أن يوحي للحضور أن "اللقاء الفرنسي – السعودي" الذي حصل قبل فترة قصيرة في باريس، بأن فرنسا أكدت للسعودية أنه لن يكون هناك أي نية باريسية لتغيير اتفاق الطائف، وكأن سعادته لا يعلم أن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون تحدث في بيروت قبل أكثر من عامين عن عقد "اجتماعي" جديد للبنانيين، يطور نظامهم ودولتهم.
كان لافتاً في الديوانية البخارية حضور رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، رغم أن هذه الحكومة كما أكد هو نفسه بعد نهاية ولاية ميشال عون تقوم مقام رئيس الجمهورية، فكيف تنازل بمقام رئاستي الجمهورية والحكومة ليحضر شخصياً، رغم أنه لا يوجد أي ممثل رسمي سعودي، على مستوى وزير على الأقل ليبرر حضوره.
كان لافتاً خلال الديوانية في الأونيسكو أن السيدة بهية الحريري كانت في نفس الوقت تشارك في نشاط محلي صيداوي، وكأن ذلك كان احتجاجاً على عدم دعوة الرئيس سعد رفيق الحريري، الذي ما يزال يتعرض للتضييق والابعاد السعودي منذ اعتقاله في "الريثز" قبل خمس سنوات.
ربما كانت الإيجابية في الديوانية البخارية، حضور موفد اللجنة العربية الثلاثية، ووزير الخارجية الجزائرية الأسبق الأخضر الإبراهيمي، الذي أشار في كلمته: إلى أن ما تحقق في الطائف "كان يعني وقبل كل شيء إنهاء الحرب، ثانياً: إلى ملء الشغور الذي حل بعد انتهاء ولاية الرئيس أمين جميل، لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، ثالثاً: فتح الطريق أمام اللبنانيين جميع اللبنانيين لبناء دولتهم الجديدة، وكان هناك أمل كبير ألّا يتوقف عمل اللجنة الثلاثية، بالخروج من الطائف، بل أنها ستواكب العمل من أجل إعادة بناء الدولة وإعمار لبنان". يذكر أن الإبراهيمي كان قد قال في حديث له عشية الديوانية البخارية: "إن اتفاق الطائف كان يهدف إلى تحقيق ثلاثة أهداف أولها إنهاء الحرب الأهلية في لبنان وثانيها: انتخاب رئيس جديد للجمهورية وثالثها وضع لبنان على سكة الانتقال من نظام طائفي نحو رحاب نظام مدني أكثر تحرراً من الطائفية".
فهل ثمّ فعلاً الانتقال نحو رحاب نظام مدني أكثر تحرراً من الطائفية؟ .. تابعوا مسلسل الفساد في لبنان!