أقلام الثبات
"لن أندم.. لن أساوم.. سأبقى أقاوم" تلك هي الجملة السحرية الرائعة التي أغضبت وما تزال سليلي الاستعمار الفرنسي، وقبلهم سيدهم الأميركي، ومعلمهم الصهيوني، الرابض على أرض فلسطين بالجبروت الإمبريالي، وبالتخلف الرجعي العربي.
تلك الجملة قالها يوماً المناضل والمقاوم الأسير في السجون الفرنسية جورج إبراهيم عبد الله، الذي فبركت له المخابرات الفرنسية "مؤامرة قضائية"، على حد تعبير محاميته إيزابيل كوتان باير؛ زوجة المناضل الفنزويلي الأممي الأسير أيضاً في السجون الفرنسية "كارلوس"، والتي اتهمت عام 2004 وزير العدل الفرنسي دومنيك بيريا بالعميل الأميركي "الخسيس".
قد تكون الجملة التي أطلقها جورج عبد الله، ذهبت مقولة مأثورة في مسيرة المجاهدين والمناضلين والمقاومين ضد الصهيونية والاستعمار، هي السبب قبل أي شيء آخر.
فرنسا التي تحت شعارات الثورة الفرنسية "الإخاء والعدل والمساواة" استعمرت أقساماً واسعة من القارة السوداء، وشاركت في حروب استعمارية، لم يستيقظ ضميرها في زمن فرنسوا ميتران، الذي يعتبر آخر الرؤساء الفرنسيين المحترمين، خصوصاً أنه في عهده حيكت المؤامرة القذرة ضد الأسير عبد الله، ولم تستيقظ في زمن خائن الديغولية الكبير جاك شيراك، ولا في زمن اليهودي من أصل مجري نيكولا ساركوزي، ولن تستيقظ في عهد أسطورة الصبيانية والبهلوانية فرنسوا هولاند، الذي كان معظم أعضاء حكومته من اليهود والصهاينة والماسون، وهي حتماً لن ترى بصيص نور أو أمل في زمن "صبي روتشيلد" ماكرون.
أما عندنا في دولتنا فثمة حقيقة لم يعد جائزاً السكوت عنها، لأنه لا يعقل أن يستمر البلد محكوماً من قبل مجموعة مقاولين وأثرياء لا يخافون إلا على مصالحهم، فيساومون ويتنازلون عن كل شيء خوفاً على الأعمال والأرصدة في رياح الأرض الأربعة.
هل يتذكر أحد تاريخ 1/6/2004، حينما خرجت فضيحة شبكة البغاء في باريس، وكان بطلاها نجل مسؤول لبناني ونجل ملك عربي، فسارع الأبوان إلى لفلفتها مع شيراك.. ونسيها الجميع، وسكت القضاء الفرنسي، ولم يعد يأتي على ذكرها.
جورج إبراهيم عبد الله تستحق فعلاً أن تحمل لقب "مانديلا العرب" الذي قبع في السجون العنصرية 25 عاماً فقط.. وعلى حد وصف شقيقك روبير "لو أنك كنت عميلاً أو سارقاً أو أمير زاروب أو مهرباً.. هل كان ما يزال في السجن"؟!
ربما كان ضرورياً هنا التذكير بحديث ذاك الجهبذ الكبير في القانون، وهو في "تيار المستقبل"، ويحمل صفة نائب، ووزير سابق، حينما اعتبر جورج إبراهيم عبد الله "مجرماً"! يا عيب الشوم.. ليته يتذكر ما فعتله إحدى الحكومات الحريرية في منتصف تسعينيات القرن الماضي بالمناضل الياباني كوزو أكوموتو، ورفيقه الذي سلم للحكومة اليابانية، بعد أن ناضلا وقاتلا من أجل فلسطين والعرب.
بعد 34 عاماً على أسره، كان للمرة الأولى، تحرك للدولة اللبنانية عام 2018 في زمن ميشال عون، من أجل حرية الأسير اللبناني جورج إبراهيم عبد الله، لم تفضِ إلى نتيجة.
بعد 38 عاماً على أسرك، نحن نعرف أنك ستكون حراً في لحظة ما، رغم أنف كل المتواطئين والعملاء.. فتحية إلى جورج إبراهيم عبد الله.. أسيراً، ودائماً وأبداً مناضلا.