أقلام الثبات
بعد جهودٍ كبيرةٍ، ومتابعاتٍ حثيثةٍ، ومفاوضاتٍ طويلةٍ، ها هو لبنان اليوم، على السكة المؤدية إلى نادي الدول النفطية، في عهد رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون. هذا العهد الذي شهد فيه البلد، حربًا إقتصاديةً، وحصارًا ماليًا، غير مسبوقين في تاريخه الحديث. كذلك واجه رئيس الجمهورية، والتيار الوطني الحر، حليفي المقاومة في لبنان، حملاتٍ إعلاميةٍ داخليةٍ وخارجيةٍ مدفوعةٍ، في محاولةٍ لتأليب الرأي العام اللبناني عليهما، من خلال بث الأضاليل والأخبار المفبركة، التي تهدف إلى حرف الأنظار عن ممارسات الطبقة الحاكمة الفاسدة في لبنان، وإرتكاباتها وفسادها، وفي الوقت عينه محاولة تحميل نتائج موبقاتها إلى "الرئيس" و"التيار". وعادةً كانت تركز الحملات المذكورة على "خطورة" تحالفهما مع المقاومة في لبنان. غير أن هذه الأضاليل لم تؤد غرضها. لا بل ترسخ هذا التحالف، وبدا ذلك جليًا، خصوصًا في الآونة الأخيرة، من خلال خوضهما جنبًا إلى جنبٍ مختلف الإستحقاقات، النيابية والحكومية ثم الرئاسية.
أما الإنجاز الوطني والإستراتيجي الأبرز الذي أسهم هذا التحالف إسهامًا كبيرًا في تحقيقه، فهو نجاح لبنان في الوصول إلى إتفاق ترسيم حدوده البحرية مع فلسطين المحتلة، كخطوةٍ أساسيةٍ، وإلزامية على طريق إستخراج الثروة الغازية اللبنانية من البحر. من دون أن يتخذ هذا الإتفاق، طابع المعاهدة الثنائية بين دولتين، على إعتبار أن الدولة اللبنانية، لم تطبّع علاقاتها مع الكيان الإسرائيلي.
ورغم كل أصوات النشاز التي تنتقد هذا الإنجاز التاريخي، غير أنه حقق ثلاثة أهدافٍ هامة بضربةٍ واحدةٍ، أولا: كسر الحصار الإقتصادي والمالي المفروض على لبنان، فمعلوم أن شركة توتال النفطية، ستبدأ بالتنقيب عن الغاز في المياه اللبنانية، وهذا الحدث في حد ذاته، هو بدء لعودة الشركات الأجنبية إلى لبنان مجددًا.
ثانيًا: سيؤدي هذا الإنجاز، إلى وقف الإنهيار المالي، وبداية خروج لبنان من النفق المظلم الذي دخل فيه منذ نحو ثلاثة أعوامٍ، فور إنتهاء التنقيب عن الغاز، وتقدير كمياته المخزنة في البحر، تمهيدًا لتلزيمه وإستخراجه ثم تصديره.
ثالثًا: عزز إتفاق "الترسيم" علاقات لبنان الدولية، خصوصًا مع دول القرار العالمي، وتجلى ذلك الإتصال الذي أجراه الرئيس الأميركي جو بايدن بالرئيس، مهنئًا بإنجاز هذا الإتفاق، ومؤكدًا تمسك واشنطن بإستقرار لبنان ودعمه.
وإذا كان لدى بعض الأطراف اللبنانية، توجش من إحتمال تراجع "الكيان الإسرائيلي" عن هذا الإتفاق، بدعمٍ من الولايات المتحدة، إذا تغيرت الإدارة فيها، ومعها حكومة "الكيان"، كما حدث عندما إنسحب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من الإتفاق النووي الإيراني، الذي وقعته إدارة سلفه باراك أوباما، فهنا لا خوف، مادامت المقاومة مستعدةً وبكامل جهوزيتها للدفاع عن الثروة الغازية اللبنانية، بالتالي لن تسمح بحدوث أي إجحافٍ في حق لبنان، وستنمع "الكيان" ومن يقف خلفه، من إستثمار الثورة الغازية في الشاطئ الفلسطيني المقابل للبنان.