النواب السُنَّة قدَّموا للبخاري أوراق اعتماد مُمزَّقة! ـ أمين أبوراشد

الثلاثاء 27 أيلول , 2022 04:16 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

بصرف النظر عن الإجتماع الذي عُقِد في دار الفتوى للنواب السُنَّة، برئاسة المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان، وانتماءات الحاضرين الى محوري 14 و8 آذار، مع تسجيل غياب ثلاثة نواب من أصل 27 نائباً، فإن الإجتماع بدا وكأنه "فطور تمهيدي" "للإفطار المسائي" الى مائدة السفير السعودي وليد البخاري، لكن لا الأذواق كانت منسجمة على "الفطور" بين الحاضرين، ولا كانت كذلك على مائدة "الإفطار"، بدليل أن السفير السعودي استعرض عليهم خطَّة 2030 للأمير محمد بن سلمان في المملكة، وابتعد ما أمكن عن بحث الوضع اللبناني الكارثي، باستثناء الرغبة برئيس جمهورية بعيد عن الفساد.

وجاء اجتماع الدار في الشكل، وكأن الحالة السُنِّية ليست بأفضل حال، حيث جلس النائب أشرف ريفي الى يمين المفتي والنائب فؤاد المخزومي عن يساره، فاختفى الوهج عن الصورة السُنِّية التي اعتادت وجود أحد من "بيت الحريري" بين نواب الطائفة، سواء كانت الصورة في دار الفتوى أو في قريطم أو في بيت الوسط.

المفتي دريان قام ربما بما يعتبره واجباً لجمع نواب الطائفة، ليس دعماً لشخص الرئيس المُكلَّف المُتعثِّر في التشكيل، بل لموقع رئاسة مجلس الوزراء، كائناً مَن كانت الشخصية التي تشغله، لكن الواقع السياسي المأزوم الذي تعيشه الطائفة في مرحلة ما بعد سعد الحريري يُعتبر كارثياً، بالنظر الى فقدان القُطب السياسي الذي يجمع مَن كانوا سابقاً "جماعة 14 آذار"، ولم يعُد لديهم من يجلس الى يمين المُفتي أبرز من النائب أشرف ريفي، علماً بأن الشارع البيروتي سبق له أن طرد أشرف ريفي من تظاهرة احتجاجية معيشية قبل أيام في طريق الجديدة وأعلن المتظاهرون أن المنطقة هي حصراً لسعد الحريري، في الوقت الذي كان ريفي فيه، يواجه  نقمة انهمرت عليه وعلى كل نواب طرابلس على أثر كارثة قارب الموت. أما بالنسبة للنائب مخزومي، فهو بالكاد نجا وحيداً من قارب الانتخابات النيابية الماضية بعد أن حاول وراثة بيت الحريري في بيروت.

أزمة البحث عن قُطب سياسي لخلافة "بيت الحريري" في الزعامة السُنِّية، تعيشها السعودية في الشارع السُنِّي، الذي لم يتقبَّل بهاء وريثاً لسعد، ولَفظ فؤاد السنيورة لا بل أحرقه في كل المعارك الإنتخابية النيابية التي حاول فيها وراثة "أولياء أمره"، وأشرف ريفي الذي لا يمتلك سوى الحقد على المقاومة، لا يستطيع أن يكون أكثر من زعيم زاروب في زُقاق من طرابلس، وفؤاد مخزومي لم تكفِه "مؤسسة مخزومي" لأن تجعل منه "رفيق الثاني" في بيروت على المستوى الخدماتي المعيشي في ذروة حاجة الناس المعيشية، خصوصاً أن الثقافة التي أرساها "رفيق الأول" أن الزعامة تستلزم فرش "المال الكاش"، والمساعدات، ومؤسسات التقديمات، ومهما قدَّمت مؤسسة مخزومي فهي نقطة في بحر من حجم مؤسسات الحريري، وبالتالي جاءت حصَّة الرجل مقعد نيابي واحد على قدر قدرته.  

وصلت الأزمة الى ذروتها عندما حاولت المملكة خلال الإنتخابات النيابية الماضية "تزعيم" سمير جعجع الماروني على الشارع السُنِّي الإنتخابي الذي لقَّنه الدرس، بالنظر الى التاريخ الأسود الذي يحمله جعجع على يديه الملوَّثتين على امتداد خارطة الوطن، والدولارات السعودية التي كان يوزِّعها أزلامه في محيط أقلام الإقتراع علناً، ما استطاعت تأمين لقب "زويعم" له لا في شارعه ولا في شوارع الآخرين، بدليل، أنه لم يحظَ في النتيجة سوى بأشرف ريفي الذي تجمعه به "الجعجعة" على المقاومة والكره الحاقد لحليفها الرئيس ميشال عون.

وإذا كان إجتماع النواب السُنَّة على اختلاف أطيافهم قد جاء احتراماً منهم لمقام دار الفتوى، فهو لم يكُن سياسياً موفقاً في الشكل، ولا أيضاً في المضمون، لأن التباينات ما زالت هي هي، سواء من خلال غياب نائب مثل أسامة سعد، أو حضور بروتوكولي للنائب قاسم هاشم، أم في مواقف الحاضر الأبرز النائب جهاد الصمد، الذي رفض في البداية عنونة لقاء سياسي أنه برئاسة المفتي، ورفض أيضاً في الختام مضمون اللقاء،  وقال أنه لن يُشارك في اجتماعٍ آخر "في حال أرادوا مني فقط أن أبصم من دون الاستماع إلى رأيي أو المشاركة في مسودة البيان، أو بأن يركّز البيان على محور مقابل محور"، مضيفاً: "لستُ ضد الاجتماع في المبدأ ولكن كان المضمون سيئاً والإخراج كذلك".

هذه هي المُحصِّلة التي حصدتها السعودية من خلال ترتيبات "الفطور" و"الإفطار" للنواب السُنَّة، لأنها تُعاند في الواقع تاريخ هذا الشارع القومي العربي، وتُحاول اختطافه الى عروبة من نوعٍ آخر، بدايتها في لبنان "التطويع" ونهايتها في الخارج "التطبيع" ولن تنجح، فجاءت نتيجة محاولتها للجمع صفراً، واستلم السفير البخاري أوراق اعتماد النواب السُنَّة ممزَّقة...


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل