اليمن.. ورسائل النار ‎‎ـ يونس عودة

الثلاثاء 27 أيلول , 2022 08:00 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

كل يوم يدهش اليمنيون الفقراء اقتصاديا، عالم النوايا الصافية والصادقة، بإنجازات تقارب المعجزات، وجاء العرض العسكري بمناسبة الذكرى الثامنة ل "ثورة 21 سبتمبر" المنتصرة في ساحة السبعين في صنعاء ليكشف عن معجزات التصنيع الحربي المتقدم، رغم الحصار الخانق وسنوات القتال على عشرات الجبهات في آن.

لم يكن العرض العسكري المتوج للعديد من العروض اللافتة في غير منطقة من اليمن، ولا سيما في الحديدة التي عصت كما صنعاء على الغزاة الذين يقودهم صوريا ال سعود، ومن خلف الستارة، الولايات المتحدة الأميركية، التي توزع الأدوار، مع إدارة العمليات، لم يكن الا نتاج ابداع يمني في التخطيط .وتلاقح الأفكار والخبرة، ومن ثم قرار سديد وهادئ كاليقين، ومن ثم وصل النهار والليل في التجهيز والعمل، وسط تعاون على قضاء الحوائج بالكتمان، ما ادهش الأعداء، ربما اكثر من الأصدقاء والحلفاء الذين يعرفون حقا من أي طينة جبل صناع ملاحم المجد اليمني.

ليس من السهل في ظروف اليمن المحاصر، ان يجري استعراض كل هذا العديد العسكري(35الف) من الجنود والرتباء والضباط، من جميع القطاعات العسكرية البرية والبحرية والجوية، وبهذا التنظيم الخالي من الشوائب، وهو إن دل على شيء، إضافة الى تعاظم القوى المقاتلة مصحوبة بروح معنوية غير مسبوقة في ظروف قاسية الى اللامحدود. إنما يدل على قدرة اليمنيين على تجديد تاريخ المجد والابتكار الذي أرسى بلا منازع عندما قدموا للبشرية نموذجا رائعا، تمثل بسد مآرب الذي بناه اليمنيون في الالفية الأولى قبل الميلاد، ولا يزال مصنفاً كمعجزة عالمية.  

ان الإنتاج العسكري الذي كشف عنه في الاستعراض، من مدرعات يمنية الصنع، الى صواريخ بالستية، بر- بحر مطورة، والغام بحرية وصواريخ بر – بر، وصواريخ ارض – جو تتخطى التشويش  وسلاح مسير بات كاسرا، وبالتجربة الميدانية التي كان لها صداها، عند استهداف رمز القوة الاقتصادية المعادية، أي "أرامكو" في السعودية، ومحطات النفط في الامارات، وهذا  قبل التطوير المعروض على الملأ، وترميم مروحيات قديمة وتطويرها، كانت دول العدوان تعتقد انها أخرجتها من الميدان، كل ذلك هو بمنزلة رسائل قوة واقتدار، يمكن ان تدخل الميدان عمليا، في اللحظة التي ترى القيادة  ان وقتها قد حان.  

من المستحيل الا تكون الولايات المتحدة وإسرائيل على وجه الخصوص، قد فهمتا الرسائل، بعد فشلهما وكل دول العدوان في رصد، او الحصول على معلومة ولو صغيرة خلال عمليات التصنيع، رغم القدرات الهائلة التي يحكى عنها لدى أجهزة استخباراتهم، ورغم كل الأقمار الصناعية للاستخدام العسكرية المتموضعة في الفضاء فوق الجزيرة العربية على مدار الساعة وبإعداد كبيرة.

من الطبيعي، ان تعيد دول العدوان النظر في استراتيجيتها وتكتيكاتها، في ضوء ما جرى الكشف عنه من أسلحة جديدة، ومن إعادة ترميم الطائرات الحربية وإعادة جهوزيتها القتالية مثل طائرات الميغ من طرازات مختلفة21 -23-29، خصوصا ان الصواريخ ارض – بحر التي يبدو انها تموضعت في النقاط المحددة لتكون فاعليتها البحرية في المستوى المطلوب، باتت تشكل قلقا حقيقيا، بالمعنى الاستراتيجي لكل من يعادي اليمنيين، وله طريق في البحر الأحمر، وباب المندب.

لا شك ان الصواريخ تلك، المفرج عن سرية تصنيعها، ستكون لها اليد الطولى في المساحة البحرية التي تريد، وبالتالي ستكون أي سفينة أشبه بأسيرة في الميدان، او مصيرها الاحتراق، كما ان كل سفن النفط التي تمر من باب المندب سيكون لها الوضعية نفسها، ما يعني ان الكثير من اقتصاديات العالم الغبي أسيرة أيضا لتلك الصواريخ.

ليس غريبا، ان الاستخبارات الصهيونية ومراكز الدراسات الكبرى في الكيان الصهيوني أبدت الخشية العلنية، من اليمن وتطوير الأسلحة، والاستعداد اليمني للمشاركة في أي حرب مقبلة مع الكيان الصهيوني حيث يعلم الخبراء ان الصواريخ اليمنية يمكنها ان تدك أي مكان في الكيان المؤقت.  

لقد تحمل اليمنيون سنوات طوال، من الحرب اليومية، والحصار الشديد. المصحوب بالتجويع، والاوبئة، واستهداف البنى التحتية بلا استثناء، وبقوا يرددون بأعلى الصوت في الساحات وبالملايين انهم لن يتخلوا عن فلسطين، بعكس فعل شذاذ الافاق ممن يحسبون أنفسهم عرباً، وهم ليسوا عربا في الانتماء.

ان الصبر اليمني غير محدود، لكنه صبر مقرون بالعمل، والاعداد، والاجتراح من الحاجة، معجزة، وإلا ما كانت صنعاء الحضن الذي اتسع لكل المشاركين في العرض، وهي المدينة - العاصمة، التي كانت دول العدوان من الشهر الاول لحربهم القذرة، تروج ان قواتهم ستدخلها، وسط حرب نفسية واعلامية جوهرها اكاذيب المهزومين.

ان رسائل صنعاء من ميدان السبعين وفي ذكرى ثورة 21 سبتمبر، هي رسالة سلام الكرامة والافتخار، وان كان عنوانها النار.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل