أقلام الثبات
بات واضحا ان الولايات المتحدة الاميركية تخوض حرب بقاء نظامها، ويبدو ان الحدة ستزداد شراسة مع تبلور برامج موحدة لقوى وازنة اقليميا ودوليا، اعمدتها الاحترام الحقيقي للهوية والسيادة الوطنية، ورفض الهيمنة بأشكالها المتعددة، ولا سيما اخضاع الدول والشعوب بالقوة والابتزاز الاقتصادي، ولعل قمة شنغهاي التي عقدت في سمرقند وضعت خارطة طريق للعمل المستقبلي مقابل السعي الاميركي لتطويق القوى الفاعلة في منظمة شنغهاي عبر اثارة الحروب والعمل على اعادة تجربة الثورات الملونة الخبيثة.
لقد شدد الذين شاركوا في قمة سمرقند جميعا على أنهم لا يخشون التهديدات والعقوبات من احلاف تنشئها اميركا وبريطانيا باسم - "تحالف الديمقراطيات"-، ولا يربطون مصالحهم الحالية والطويلة الأجل به، ولا يدعمون مواجهته للصين وروسيا.
في قمة منظمة شنغهاي للتعاون، لم يقتصر اعلان زعيما روسيا والصين على تسمية العلاقات الروسية الصينية الحالية بانه تحالف استراتيجي، الأمر الذي كان دائما اشبه بكابوس لواشنطن الساعية من خلال تحويل العالم الى قرية صغيرة الى قيادة العالم من دون اخذ حقوق الشعوب بعين الاعتبار سواء في حق تقرير المصير , او اختيار النظام السياسي, او الاقتصادي ,وفي المقدمة الخيار الثقافي ، ويلفت في المسار ما قاله الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ردا على ضغوط اوروبية علنية إن أنقرة ليست ملزمة بتقديم تفسير أو تقرير إلى الاتحاد الأوروبي عن مشاركتها في قمة منظمة شنغهاي ,,لقد "قيدنا الاتحاد الأوروبي 52 عاما، ولم يسمح لنا بالاقتراب منه، وبعد ذلك يسأل لماذا نجتمع مع هذا البلد أو ذاك؟.. سأستمر بإجراء اللقاءات والمفاوضات.. وخلال إجرائنا هذه اللقاءات لسنا مسؤولين حاليا أمام الاتحاد الاوروبي".
ومثل اردوغان، كان يكفي الحضور لعدد من الدول العربية , بما فيها الخليجية الغنية بالنفط , للإعلان عن حالة انعتاق , ولو باي حدود من الوخم الغربي , هذا بالاضافة الى الدول التي باتت تدرك ان الممارسات الاميركية في كل الميادين تشكل قلقا لا بل خطرا على مكوناتها الاجتماعية .
أن تشكيل كتلة دول وازنة , ضد سياسات أمريكا والغرب، بقيادة الصين وروسيا، يكتسب مزيدا من من التأييد والصفات خصوصا، ان "تحالف الديمقراطيات " يعاني من هزيمة منهجية على نطاق واسع , وقد اسست لتلك الهزيمة , بلا ادنى شك مكونات محور المقاومة من خلال اسقاط المشروع المدمر في سوريا , والصمود الاسطوري في لبنان , والانتقال الى موقع المبادرة .
لقد باتت مطلب ايران للانضمام الى قمة شنغهاي ملحا , وهو ما المح اليه قادة القمة , وبالتالي فأن انضمام جمهورية إيران الإسلامية إلى منظمة شنغهاي للتعاون، وكذلك توسيع هذه المنظمة من خلال رفع مكانة عدد من الدول الأعضاء، وايضا ضم دول جديدة كشركاء في الحوار، سوف يمنح الاعضاء فائضا مريحا في القوة التي يتمتعون بها أي القوة المالية والاقتصادية، والعسكرية- السياسية، والفكرية-الأيديولوجية. انطلاقا من أن من يمتلكها يمكن أن يساعد في حل المشكال الحالية وتلك التي تدور في الادمغة الاميركية الشيطانية الرافضة للاعتراف بحجم دول وقوى اخرى على حقيقتها .
يمكن لايران ان تساعد مؤسسي قمة شنغهاي لا سيما الصين وروسيا في حل المشكلات في منطقة القوقاز ,حيث تسعى واشنطن لاشعالها منذ هروب جنودها من افغانستان ,وذلك في سياق خطط الغرب الأطلسي إشعال النار حول روسيا من جميع الجهات. وخصوصا بعد الدرس الاوكراني , واعلان روسيا ان الحرب عمليا باتت مع حلف الناتو الشرير .
في هذا السياق تندرج عملية اشعال الحدود بين طاجيكستان وقيرغيزيا وزيارة رئيس مجلس النواب الاميركي نانسي بيلوسي الى ارمينيا حيث توترت الحدود مجددا مع اذربيجان وذهب عشرات الضحايا من الطرفين بموازاة محاولة الاطلسيين التجلبب بلبوس ارساء السلام , بينما في الواقع هدفه مزيدا من التوترات والحروب . ويرى كبير الباحثين في معهد الولايات المتحدة الأمريكية وكندا، فلاديمير فاسيليف، أن الهدف الحقيقي من زيارة بيلوسي يمكن أن يكون بهدف واحد فقط، فقال:" اليوم يحاولون حرق روسيا من جميع الجهات، وخصوصا ، عبر القوقاز، لأن هذه منطقة استراتيجية".ويرى فاسيليف ضرورة أخذ هذه "البقعة الساخنة" في الاعتبار عند النظر إلى التصعيد في آسيا الوسطى على حدود طاجيكستان وقيرغيزستان، وحتى ضم السويد وفنلندا إلى حلف الناتو.
لا شك ان ايران تتأثر بما يجري على حدودها بين اذربيجان وأرمينيا , ولذلك يمكن ان تساهم في اعادة الاوضاع الى الاستقرار الذي يستفيد منه الجميع , باستثناء الغربيين الذين ضربتهم لعنة الاقتصاد بسسب عقوباتهم المدمرة لهم على روسيا , وفد باتوا لا يخفون ذلك
أن الحرب في أوكرانيا أنتجتت "تحولات أساسية" على المستوى الدولي، ومن ضمنها العلاقات الإيرانية_ الروسية.التي يصفها الطرفان بانها تحولت الى استراتيجية ،ويلمس من ذلك سعي روسي لتفعيل مشاريع متوقفة منذ سنوات بين البلدين، مثل ممر شمال جنوب (الذي يربط روسيا بالمحيط الهندي عبر الأراضي الإيرانية).بالتوازي مع فشل مرامي العقوبات على البلدين , وايران عقوباتها ابعد بكثير زمنا واستهدافات , وكذلك مع الوضع الدولي الذي ايقن أن التوريط الاميركي له وخلق حالة عداء مع روسيا , من دون ان يلمس تأثير العقوبات المنتجة من العقول الأميركية الأحادية على روسيا تماما متل حالة ايران ،وبالتالي فانه من المفترض بالنسبة لايران ان يعود الاتفاق النووي اولوية , تعمد واشنطن وغيرها الى ابتزاز طهران عبره ومن خلال التعاون الثنائي، أو متعدد الأطراف مع الصين وروسيا، وفي إطار منظمات مثل شنغهاي وبريكس بلاس".يكون الزخم الجديد في الصراع المستمر .