أقلام الثبات
لم تمر سوى أيام قليلة من الاشتباكات المسلحة بين أذربيجان وأرمينيا حتى أقلعت طائرة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي متجهة الى العاصمة الارمينية يريفان، في زيارة بعد ان وقعت اشتباكات عسكرية دامية بين أذربيجان وأرمينيا الثلاثاء الماضى أسفرت عن مقتل 215 من الجانبين، قبل توقف الاشتباكات بوساطة دولية، كي تقوم نانسي بيلوسي بدورها المعتاد وتكرر ما قامت به في تايوان الشهر الماضي مع أرمينيا اليوم، بسكب المزيد من البنزين على النار، وفي النهاية اشعال النيران في منطقة اسيا الوسطى والقوقاز كلها، لخنق خصمها العسكري الأول روسيا، وعدوها الاقتصادي الأخطر الصين.
وإن كان المستهدف من زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي لتايوان الصين فقط، ففي زياراتها لأرمينيا جاء الهدف روسيا وتركيا معا، فالأميركي الحاضر في تلك الجولة (ارمينيا- أذربيجان) منذ بدايتها عقد العزم على التصعيد، فجاءت زيارة بيلوسي العلنية لأرمينيا، لدعم دميتها في يريفان نيكول باشينيان رئيس وزراء أرمينيا (حليفة روسيا) ضد أذربيجان (حليفة تركيا) كي توجه واشنطن ضربة مزدوجة لكل من موسكو وأنقرة في خطوة واحدة.
الولايات المتحدة بذلك تزيد من ضغطها على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي رفض العقوبات على روسيا، بعد ان رفض الرئيس التركي المغامرة بمستقبل بلاده الاقتصادي ووضعه الطاقوي بالسير في الركب الأوروبي، مفضلا الانحياز إلى موسكو، ثم كان الأخطر في فتح الرئيس التركي باب التقارب على مصراعيه مع دمشق، خصوصاً بعد التطورات الإيجابية التي طرأت بعد لقاء مدير مخابراته هاكان فيدان بنظيره السوري علي مملوك مؤخرا بدمشق، وهو الأمر المضاد لرغبة الولايات المتحدة في استمرار عزل سورية عربيا وإقليميا، وهو السبب الرئيسي في تأخر عودة سورية لجامعة الدول العربية.
ولكي تعاقب واشنطن أردوغان بقوة رفعت حظر تصدير الأسلحة إلى قبرص اليونانية، في خطوة تصعيدية من الأميركي جاءت بعد ان أعطت واشنطن ضوء أخضر لأثينا لتسليح جزرها ببحر إيجة القريبة من الحدود والسواحل التركية.
وان كان ذلك ما يخص تركيا من الخطوة التصعيدية الأميركية في الساحة الارمينية، فإنه فيما يخص روسيا، نستطيع القول بأن واشنطن بذلك أعادت تحييد أرمينيا عن روسيا مجددا عبر وضع رئيس الوزراء الأرميني في فلكها مرة أخرى، بعد محاولات من موسكو لإبعاد باشينيان المناوئ للنفوذ الروسي ببلاده عن من أتى به الى السلطة.
أخيراً، أصبحت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي كحمال الحطب الذي يحمل معه كل أدوات الاشتعال والحرائق عند ذهابه لأي منطقة، حتى صارت تضرم النيران في كل دول أسيا الوسطى والقوقاز، أذربيجان أرمينيا، طاجيكستان قيرغيزستان، إيران، جورجيا، اليونان تركيا، الصين تايوان، والان كل العيون تترقب ما سيحدث في الساحة الارمينية ـ الاذرية بعد انتهاء زيارتها ليريفان، وان كان اطراف الصراع سيتم جرهم للفخ أم لا، وهو الفخ الذي نصبته الولايات المتحدة في تايوان للصين، ولكن بكين لم تنجر لذلك الفخ رغم كم الاستفزازات الرهيبة التي اتبعتها واشنطن ضد بكين، ويبقى المشهد الاساسي والترمومتر لكل تلك الساحات هي المواجهة الرئيسية بين روسيا وأوكرانيا (الناتو).