الوضع الأمني ممسكوك... والاندفاعة التركية على سورية انعكست على لبنان
أقلام الثبات
لبنان ليس متروكًا لقدره، وكل الشائعات الترهيبية، التي تبثها بعض الجهات المدسوسة في الداخل، والمتماهية مع الخارج، عبر وسائل الإعلام، والتواصل الاجتماعي، جاءت إثر بداية بروز بعض انفراجات في الأوضاع اللبنانية المأزومة، تحديدًا لناحيتي ملف ترسيم الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة، وعملية تأليف الحكومة التي كانت مستعصيةً. وأضحت على طريق الولادة المأمولة. وترمي هذه الشائعات إلى التعمية على الانفراجات المذكورة، وذلك في إطار الحرب المستمرة على عهد الرئيس العماد ميشال عون وحليفه حزب الله. وتصب الشائعات أيضًا في سياق الحرب النفسية المستمرة على الشعب اللبناني، الذي يرزح تحت ضغوطٍ معيشيةٍ غير مسبوقةٍ، إلى جانب الضغوط النفسية. ويأتي ذلك منذ اختطاف الرئيس سعد الحريري في تشرين الثاني 2017، وما تلاه من أعمال شغبٍ وفوضىٍ مستمرة منذ 17 تشرين الأول 2019 حتى الساعة، لدفع هذا الشعب إلى الرضوخ، ولتأليبه على المقاومة وحليفيها الرئيس عون والتيار الوطني الحر، ومحاولة منعهما من تحقيق أي إنجاز خلال العهد الراهن، لحسابات داخلية وخارجية، خصوصًا بعدما بدأت بشائر حل أزمة تأليف الحكومة، واقتراب التوصل إلى اتفاق "الترسيم" يلوحان في الأفق القريب. وعلّ أن تؤدي هذه الضغوط إلى دفع الجهات المختصة إلى الإسراع في الموافقة على اتفاق "الترسيم"، وفقًا لما يشتهي الثنائي الأميركي- "الإسرائيلي"، تحت وطأة الضغوط المذكورة. غير أن ملف التفاوض في شأن الترسيم، بات في يدي الرئيس عون، تقف خلفه المقاومة. بالتالي لن تجدي هذه الضغوط، ولن ترسّم الحدود إلا وفقًا للمصلحة اللبنانية، وبإجماعٍ لبنانيٍ، فلا طائل من الضغوط المذكورة، والممجوجة أصلاً.
هذه الأجواء الإيجابية تنسحب على الوضع اللبناني برمته، وسط معلومات عن تدخلٍ عربيٍ، تحديدًا مصريٍ وأردنيٍ، على خط الأوضاع اللبنانية، للدفع قدمًا في اتجاه إنجاز التأليف، والسعي إلى تأمين انتخاب رئيسٍ مقبلٍ للجمهورية، والإسهام في عملية إعادة النازحين السوريين من لبنان إلى ديارهم. وذلك في إطار الرد على "الاندفاعة التركية" تجاه سورية، بدعمٍ روسيٍ-إيرانيٍ، أو للحد من تأثيرها على الأقل، ومن حضور هذه الدول الثلاث في المنطقة، بعد تراجع الدور العربي عمومًا، والخليجي خصوصًا فيها، تحديدًا في لبنان، بحسب تأكيد معلوماتٍ موثقةٍ. وتقول: "يبدو أن الثنائي المصري- الأردني، يسعى لملء الفراغ العربي في لبنان".
وفي سياق متصل، لاريب أن للاندفاعة التركية تجاه سورية، انعكاس إيجابي على الوضع الأمني في لبنان، فمعلوم أن لأنقرة تأثير كبير على التنظيمات التكفيرية الناشطة في الجارة الأقرب، ويمتد نشاطها إلى الأراضي اللبنانية، كما كان عليه الوضع في سلسلة الجبال الشرقية، قبل عملية "فجر الجرود" في آب 2017، يوم قام الجيش اللبناني بتطهير جرود هذه السلسلة من التنظيمات التكفيرية المسلحة، بدعمٍ من المقاومة. وكانت تحرك هذه التنظيمات لاستهداف الاستقرار السوري انطلاقا من الأراضي اللبنانية، كذلك لاستهداف الاستقرار اللبناني في الوقت عينه أيضًا. فاليوم تبدلت الظروف حكمًا، بعد تأكيد الرئيس التركي رجب الطيب أردوغان، استعداده للقاء نظيره السوري بشار الأسد. سبق ذلك زيارة لمدير الاستخبارات التركية هاكان فيدان إلى دمشق، لتمهيد الطريق أمام لقاءاتٍ سياسيةٍ بين الجانبين السوري والتركي، لإعادة تفعيل العلاقات الثنائية بين دمشق وأنقرة. بالتالي انتهاء حالة العداء بين البلدين. وهنا ستبادر أنقرة إلى وقف أنشطتها الأمنية التي تستهدف سورية، انطلاقا من مختلف دول المنطقة، ومنها لبنان، ما ينعكس ارتياحا على الوضع الأمني اللبناني. وفي السياق عينه، أتى انفتاح حركة حماس (أحد أفرع الإخوان المسلمين) على سورية أيضًا، أكدت الحركة، في الأيام القليلة الفائتة أنها "ماضية في بناء وتطوير علاقات راسخة مع دمشق"، فمن البديهي أن هذه التطورات، سيكون لها انعكاسات إيجابيةٍ على الأوضاع السياسية والأمنية والاجتماعية في المنطقة ككل ومنها لبنان أيضًا.
وسط هذه المستجدات المذكورة آنفًا، والتي ستسهم حتمًا في تبريد الأجواء في لبنان، وتخفيف الاحتقان المذهبي، والكف عن الخطب التحريضية إلى حدٍ كبيرٍ، يسجل لحزب الله نجاحًا في إعادة انفتاحه على مختلف المناطق اللبنانية، منها منطقة عكار، على سبيل المثال، لا الحصر.
وفي السياق أيضًا، يؤكد مرجع إسلامي واسع الاطلاع، أنه وسط هذه الأجواء المذكورة آنفًا، أن غالبية القوى الإسلامية لن تسير عكس السير، وهي ليست على استعداد للدخول في مغامراتٍ غير محسوبة، يدفع شبابها الثمن قتلًا واعتقالا وسجنًا من دون محاكمات. أضف إلى ذلك، يقوم الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية اللبنانية، بملاحقة الخلايا النائمة على الأراضي اللبنانية، رغم الظروف المعيشية الصعبة، التي يعانيها العسكريون والأمنيون في الوقت الراهن. في المحصلة وبناءً على ما تقدم، فإن الأجواء المذكورة، توحي بالارتياح إلى الوضع الأمني في لبنان، على عكس الشائعات الترهيبية. كذلك على ما يبدو فإن مختلف الأوضاع المأزومة فيه، صارت على سكة الحل المرتجى.